الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

رسالة جدّيّة غير متأخّرة إلى الرجل في ظلّ أحوال الطوارئ

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
رسالة جدّيّة غير متأخّرة إلى الرجل في ظلّ أحوال الطوارئ
رسالة جدّيّة غير متأخّرة إلى الرجل في ظلّ أحوال الطوارئ
A+ A-

أشياء كثيرة

ربّما فات رجلًا ما

أنْ يفعلها في حياته اليوميّة،

لكنْ

صار في مقدوره أنْ يباشرها

ابتداءً من الآن.

رجلٌ ما، أقول،

منعًا للتعميم.

يمكن هذا الرجل مثلًا

أنْ يرتّب فراشه

بعد الاستيقاظ من النوم.

يمكنه أيضًا

أنْ يحضّر فطور الصباح لزوجته

أو لرفيقته،

كما يمكنه

أنْ يبذل نكهة روحه،

لإخراج الاحتفال بركوة القهوة من حماقة الروتين.

لن يُنتقص من رجولته شيءٌ

إذا منح السيّدة التي تساعد في أمور المنزل

فرصةً مدفوعةً مدى أسبوعٍ أو أسبوعين.

هكذا يكون في مقدوره

أنْ يباشر مسح الشبابيك بعد ليلٍ عاصفٍ بالغبار،

وأنْ يكنس البيت،

وانْ ينظّف الأرض والحمّامات،

وانْ يجلي الصحون والطناجر،

وأنْ يضع حدًّا لركام السجائر في مكتبه،

كما يمكنه أنْ يزور الرفوف

رفوف مكتبته الخاصّة

ماسحًا عن كتبه غبار الرجولة المعتبَرة.

***

ماذا يمكنكَ أنْ تفعل أيضًا يا عزيزي الرجل؟

يمكنكَ أنْ تعيد تجديد عهودكَ البائدة،

من مثل أنْ تغسل قدمَي امرأتكَ المحبوبة بالزوفى

- هل أجمل من غسل قدمَيها بالزوفى؟! -

كما كنتَ تفعل في الأيّام الأولى،

وأنْ تكتشف بهاءها من جديد،

وأنْ تعتذر منها

عمّا بدر من نسيانٍ وتغافلٍ وإهمال.

ويمكنكَ،

لِمَ لا،

بينكَ وبينكَ،

أنْ تقسم

أنّكَ لن تكذب عليها بعد الآن،

ولن تشتهي زميلتكَ في العمل،

ولن توجّه رسائل غراميّة

إلى امرأةٍ افتراضيّة

من طريق وسائل التواصل الاجتماعيّ.

***

ماذا أيضًا يا صديقي الرجل؟ ماذا أيضًا؟

إذا كنتَ خلوًا من أيّ علاقةٍ حميمة،

فابحثْ عن هذه العلاقة في عقلكَ الباطن،

في النسيم المستحيل،

في أودية التخييل،

في العتمة الماحقة،

في العدم.

***

إبحثْ بلا هوادة،

فلا بدّ من أنْ تعثر على خيطٍ وإبرة

على ضوءٍ لا يُرى بعين

على استغاثة فستان

على غيمةٍ أنثى

على ينبوعٍ افتراضيّ

أو على حبركَ المتروك في محبرةٍ مجهولة.

ولا بدّ – انتبِهْ جيّدًا - ولا بدّ:

لا بدّ من أنْ تعثر على روحٍ تائهةٍ

في مكانٍ عدميٍّ ما من هذا العالم.

فابحثْ ولا تيأسْ.

لا بدّ من أنْ تعثر على وجهكَ الضائع

على اسمكَ غير المعلوم

على عينيكَ

على يديكَ

في مرايا امرأةٍ

لم تُوهَب أنْ تعثر في هذا الليل الهالك

على وجهٍ يوازي زورقًا في بحرٍ هائج

ولا على يدٍ شاعرة وعينَين رائيتَين

في حلكة هذا الغبار العدميّ.

***

ماذا أيضًا أيّها الرجل؟ ماذا أيضًا؟!

أخاطب رجلًا ما،

منعًا للتعميم:

في مقدوركَ أنْ تستيقظ من عفونة ركامكَ العقليّ

لتبحث عن خريطة،

عن خريطة طريق،

للخروج،

على عادة الفرسان الأشراف،

سيّدًا حرًّا مستقلًّا،

صحبةَ حياتكَ الفائقة هذه،

من نفق السلطة العدميّ.

***

... ماذا أيضًا الرجل؟ ماذا أيضًا؟!

[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم