الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

نتنياهو حقّق فوزاً شخصيّاً... ماذا عن الفوز السياسيّ؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
نتنياهو حقّق فوزاً شخصيّاً... ماذا عن الفوز السياسيّ؟
نتنياهو حقّق فوزاً شخصيّاً... ماذا عن الفوز السياسيّ؟
A+ A-

وكان أبرز ما في النتيجة بالنسبة إلى نتنياهو استعادته للغالبيّة النسبيّة في الكنيست بمواجهة "أزرق أبيض". ففي انتخابات نيسان 2019، حقّق الطرفان تعادلاً مع 35 مقعداً بينما تقدّم تحالف غانتس في انتخابات أيلول ب 33 مقعداً مقابل 32 للّيكود.

أسباب الفوز

هنالك عاملان على الأقلّ مكّنا #نتنياهو من تحقيق هذه النتيجة وفقاً لما كتبه المعلّق السياسيّ الإسرائيليّ شمويل روزنر في صحيفة "نيويورك تايمس". أراد نتنياهو الفوز أكثر من أيّ طرف آخر مبرهناً أنّه قادر على العمل بجهد وبلا كلل كما يعتقد مناصروه. كما برهن أنّه قادر على أن يكون فاسداً أخلاقيّاً ومثيراً للانقسامات وفقاً لما يقوله خصومه أيضاً. لكنّ هؤلاء يتحمّلون مسؤوليّة في الخسارة وفقاً لما تابع روزنر. الدرس الأساسيّ من هذه الانتخابات هو أنّه من أجل التغلّب على منافس سياسيّ، يجب على الخصوم أن يقدّموا رسالة أخرى غير شعار "الجميع ما عداه".

خسر تحالف "أزرق أبيض" للانتخابات بفارق حوالي 19 مقعداً (58 – 39) عن تحالف اليمين بزعامة "الليكود". وأعلنت أحزاب "شاس" و "يمينا" و "التوراة اليهوديّة المتّحدة" تحالفها مع حزب نتنياهو فيما تحالف "العمل" و "ميرتس" مع "أزرق أبيض". وتوسّع فارق المقاعد بين التكتّلين من 12 في أيلول 2019 إلى 19 في آذار 2020. (كان الفارق 15 مقعداً في نيسان).

"عودة إلى المربّع الأوّل"

قال نتنياهو عقب صدور النتائج الأوّليّة: "أتذكّر أنّ انتصارنا الأوّل سنة 1996 كان تاريخيّاً، لكنّه هذه المرّة أجمل حتّى، لأنّه انتصار ضدّ كلّ التوقّعات". ربّما كان الانتصار واضحاً على الصعيد الشخصيّ. أمّا على الصعيد السياسيّ فالنتائج لا تبشّر بكثير من الفرج لرئيس الوزراء. بالفعل، رأى رئيس تحرير "جويش نيوز سنديكايت" جوناثان توبين أنّ التقدّم الذي أحرزه نتنياهو هو تقدّم انتخابيّ شخصيّ. فقسم كبير من الإسرائيليّين، ولثلات مرّات، رفض مقولة خصومه بأنّه تهديد للديموقراطيّة الإسرائيليّة. كذلك، أثبت نتنياهو أنّه السياسيّ صاحب الشعبيّة الكبرى. لكن أبعد من ذلك، تابع توبين، لم تقدّم نتائج الانتخابات جديداً بالنسبة إلى إسرائيل التي احتاجت إلى ثلاث عمليّات انتخابيّة للعودة إلى المربّع الأوّل.

"قمر العرب" ... "لا شكراً"

من جهتها، فازت القائمة العربيّة المشتركة ب 16 مقعداً في زيادة عن انتخابات نيسان وأيلول (10 – 13). ولم تشارك الأحزاب العربيّة تاريخيّاً في أيّ حكومة إسرائيليّة بغضّ النظر عن توجّهاتها اليمينيّة واليساريّة. في هذا الملفّ، كان لافتاً ما كتبه الصحافيّ عوده بشارات في "هآرتس" الإسرائيليّة تحت عنوان "في ليلة مظلمة، حزب غانتز ينظر إلى قمر العرب".

استشهد بشارات بما جاء في الإنجيل ليشير إلى أنّه إذا كان بطرس قد أنكر المسيح ثلاث مرّات قبل صياح الديك، فإنّ حزب "أزرق أبيض" أنكر العرب 3000 مرّة على الأقلّ. ودعا قيادة الحزب التي استخدمت قاموس الافتراء نفسه الذي استخدمه نتنياهو ضدّ العرب، إلى الاعتذار بوضوح منهم ومن القائمة المشتركة قبل البحث بأيّ تعاون بين الطرفين. كذلك طالب "أزرق أبيض" بوقف جريمة التطهير الإثنيّ في المنطقة "ج" من الضفّة الغربيّة وغيرها من الجرائم، قبل رفع احتمالات التعاون: "لا، شكراً! إنّه لأفضل أن يتمّ تنفيذ هذه الخطط على يد سياسيّ فاسد، عوضاً عن متطرّفين لبقين بأيدٍ نظيفة!"

رهانات

في وقت يتخبّط "أزرق أبيض" بسبب النتائج الأخيرة، لا تبدو خيارات نتنياهو سهلة هي الأخرى، على الرغم من أنّها قد تكون متعدّدة إلى حدّ ما. إذا استطاع إقناع بعض النوّاب من كتلة غانتز بالانضمام إليه، فسيستطيع تشكيل حكومة من دون عوائق. وقال الناطق باسم الحزب يوناثان يوريتش للقناة الإسرائيليّة الثالثة عشرة إنّ "الليكود" يتواصل مع "أربعة إلى ستّة" نوّاب من أحزاب أخرى، مضيفاً أنّ نتنياهو سيشكّل حكومة ائتلافيّة خلال أيّام قليلة.

ورأت صحيفة "جيروزاليم بوست" أنّ هذا الأمر ممكن على الرغم من الصعوبات الكبيرة التي تعترض هكذا إجراء وأبرزها منع "المنشقّ" من استلام وزارة وقيود أخرى تُفرَض خلال الاستحقاق الانتخابيّ المقبل.

ويمكن أن يراهن أيضاً على إعادة حليفه السابق أفيغدور ليبرمان إلى جانبه، لكنّ تقديم الأخير لنفسه على أنّه شريان الحياة لنتنياهو يطرح شكّاً كبيراً بإمكانيّة حدوث ذلك. وتحدّث نتنياهو أيضاً عن مصالحة وطنيّة بعد الانتخابات، بما يترك الباب مفتوحاً أمام تشكيل حكومة مقبلة بالتعاون مع غانتس. هنالك صعوبة أيضاً في تحقّق ذلك، لكن ليس إلى حدّ يصل إلى الاستحالة وفقاً لرأي أنشل بفيفر الذي توقّع في "هآرتس" الوصول إلى تسوية بين غانتز ونتنياهو يقبل فيها الأوّل بالدخول في الحكومة بشرط أن يقبل نتنياهو ب "المثول أمام المحكمة وبعدم تنفيذ تهديداته المبطّنة بإقالة المدّعي العام الذي أدانه."

ما بعد الحكومة

في نهاية المطاف، قد يتمكّن نتنياهو من تشكيل حكومته وإثبات حيثيّته الشعبيّة عند الإسرائيليّين. لكنّ نجاحاته محدودة على الأرجح. لا يرتبط الأمر فقط بالتنازلات المحتملة التي سيقدّمها لتشكيل حكومته التي ستواجه غياباً في الاستقرار إذا كانت ائتلافيّة. وإن كان نتنياهو قد برهن عدم إمكانيّة إطاحته من منصبه على يد أيّ من الأطراف السياسيّة الأخرى، فهذا لا يعني أنّ وجوده في الحكم سيخلو من الصعوبات. فتكتّله لن يتمتّع بحرّيّة كاملة لتنفيذ ضمّ المستوطنات الإسرائيليّة أو لإقرار تشريع يجعله متمتّعاً بالحصانة في مواجهة التهم. بحسب توبين. وأضاف: "تاريخ نهاية حقبة نتنياهو سيتمّ تحديده فقط من قبل رئيس الوزراء نفسه أو القضاة في محاكمته..."

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم