الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

أرشيف "النهار" - الديمقراطية في لبنان بين المبدأ والتطبيق

Bookmark
أرشيف "النهار" - الديمقراطية في لبنان بين المبدأ والتطبيق
أرشيف "النهار" - الديمقراطية في لبنان بين المبدأ والتطبيق
A+ A-
نستعيد في #أرشيف_النهار مقالاً كتبه محمد عبد الحميد بيضون بتاريخ 16 كانون الثاني 1996، حمل عنوان "الديمقراطية في لبنان بين المبدأ والتطبيق".لا بد في الحديث عن الديموقراطية في لبنان من التوجه مباشرة الى جوهر المشكلة وهي ان النظام الديموقراطي عندنا لم يولد من تاريخ خاص او مسيرة خاصة للبنانيين، بل هو نظام ولد مع اعلان لبنان الكبير وكتتمة لهذا الاعلان، وهو اطار سياسي سيحمل آثار هذه المرحلة وبصماتها وتوازناتها، اي ان الديموقراطية لم تكن سوى شكل ممارسة يغطي عبر انشاء المؤسسات الدستورية الصلاحيات المطلقة التي تمتع بها المفوض السامي الفرنسي. أما الاستقلال فلم ينجح في بناء نموذج ديموقراطي بمقدار ما ان النظام بالكامل ومؤسساته خضعت لمنطق الارجحيات الطائفية وتحولت اللعبة السياسية بالكامل أيضاً من اتجاه تطوير النظام لتعزيز الديموقراطية ومؤسساتها، الى اتجاه المشاركة الطائفية واقتسام الدولة على قواعد المحسوبية والعشائرية، او بالاحرى الترضيات الطائفية على حساب المؤسسات، ولم يشهد لبنان الاستقلالي سوى حركات وتحركات سياسية ذات طابع او خلفية اجتماعية في الغالب، ولم تعرف الشعارات المتعلقة بتطوير النظام السياسي طريقها الى واجهة العمل وبقيت الديموقراطية مسألة شكلية تحتضن عملياً مراكز القوى القائمة او الناشئة مع مركز اساسي مهيمن متمثل برئاسة الجمهورية التي كانت قطب الرحى في كل المراحل تدور الصراعات من خلالها وعليها. اما لماذا كانت هذه الديموقراطية شكلية، فالكل متفق على ان مجلس النواب على سبيل المثال لم يكن يوماً صاحب دور بقدر ما كان جهازاً او اداة بيد رئىس الجمهورية والسلطة التنفيذية عامة، ونذكر بالتحديد ثلاثة عناصر اضاعت امكان الدور على مجلس النواب: اولاً: المراسيم الاشتراعية الناتجة من الصلاحيات الاستثنائية التي اخذتها الحكومات المتعاقبة. ثانياً: القوانين المنفذة بمراسيم طابعها معجل مكرر ومعظم التشريعات خارج المراسيم الاشتراعية كانت بمراسيم معجل مكرر، فالمعجل المكرر كانت الاداة الفضلى لدى الحكومات لتجاوز صلاحيات مجلس النواب. ثالثاً: صلاحية حل مجلس النواب التي اعطيت لرئيس الجمهورية، يضاف الى ذلك وبشكل اساسي ان قواعد الاقتسام الطائفي للمراكز السياسية والادارية دفعت الى ابراز الاتجاهات الطائفية ومصالح الطوائف بعامة على حساب مفهوم المواطنية وعلى حساب مبدأ المساواة بين المواطنين. فلبنان الاستقلالي بدلاً من ان يكون مسرحاً لنقل البلاد من المفاهيم التقليدية الاقطاعية والطائفية كرّس هذه المفاهيم وجعلها اساس الحياة السياسية بدلاً من الاتجاه صوب الهوية الوطنية من خلال دولة القانون والمؤسسات ومن خلال تعزيز الممارسة الديموقراطية. وقد دفع المجلس النيابي بوصفه المؤسسة الاهم في الديموقراطية الثمن الباهظ في هذه المرحلة تهميشاً لدوره وفاعليته وانعدمت طوال هذه المرحلة المحاسبة والمراقبة التي هي الاساس في استقامة النظام. اما الموالاة والمعارضة فلم تكن تتشكل سوى من معطيات طائفية بالاجمال او من اتجاهات داخل طائفة رئاسة الجمهورية تتصارع حول ما تمثل هذه الرئاسة وليس حول الافاق التي يجب ان تفتحها السياسة خصوصاً على الديموقراطية. اننا نعتبر ان انعدام الرقابة والمحاسبة. وبشكل اعم عدم وجود دور او وزن لمجلس النواب في الحياة السياسية كان اخطر العناصر على النظام الديموقراطي، وهو سبب انحداره في لبنان وانحدار لبنان تالياً الى حافة الحروب الاهلية نتيجة الشكل الطائفي للصراعات عند هبوب اي رياح اقليمية. فلبنان، ونتيجة كضعف مؤسساته عامة، وبنتيجة سيطرة القواعد الطائفية، لعب على الخريطة الاقليمية دور متنفس الصراعات، لان قواه الداخلية لم تصب في الاتجاه نفسه، الا في بعض الحالات الاستثنائية التي كان فيها مشروع الدولة صاعدا. ان التشديد على دور مجلس النواب اساسي لاعتبارين: اولاً: بالعودة الى ميشال شيحا، فإننا نجد نظرة الى دور مجلس النواب كموئل للحوار الوطني ولوضع ضوابط للصراعات الداخلية بشكل لا تنفجر معه هذه الصراعات في الشارع، وقد ركز شيحا على هذه الناحية محاولاً الدفاع منذ مطلع الاربعينات عن المجلس النيابي في وجه الاستهدافات من جانب السلطة التنفيذية التي كانت تعتبره عائقاً امامها. ومع ان صرخات شيحا لم تنفع كثيراً في هذا المجال، فيجب اليوم التأكيد على دور المجلس في...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم