الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

فيروس كورونا... واقع مرعب أم هلع غير مبرر؟

المصدر: "النهار"
كارين اليان
كارين اليان
فيروس كورونا... واقع مرعب أم هلع غير مبرر؟
فيروس كورونا... واقع مرعب أم هلع غير مبرر؟
A+ A-

شغلت مسألة انتشار فيروس كورونا الرأي العام من اختصاصيين وغيرهم في الأسابيع الأخيرة، فيما تم التركيز على تداعياته الجسدية وسبل مكافحته. إلا أنه لا يمكن إهمال الجانب النفسي لهذا الموضوع الذي تسبّب بحالة من الهلع بين الناس ككل، وفي مختلف دول العالم، مع تركيز وسائل الإعلام على الانتشار الواسع والسريع لهذا الفيروس. وتزيد أكثر أهمية الجانب النفسي عند المصابين أو الأشخاص الذين تعرضوا للفيروس وثمة احتمال أن يكونوا مصابين خصوصاً في حال تمّ عزلهم للفترة المطلوبة.

لعلّ أكثر ما تسبب بزيادة مخاوف الناس حول العالم من فيروس كورونا هو كونه فيروساً مستجداً وثمة جهل بشكل عام حول التفاصيل المتعلقة به، وحول سبل مكافحته. بحسب المعالجة النفسية شارلوت خليل، ثمة خوف دائماً لدى الناس مما هو مجهول، وهذا أمر طبيعي يصعب التحكم فيه: "يكفي أن منظمة الصحة العالمية اعتبرت فيروس كورونا حالة طارئة شاملة في الصحة العامة، وبالتالي إن التعريف عن المرض كوباء بهذا الشكل يزيد من المخاوف، خصوصاً بالنسبة إلى اللبنانيين الذين يعانون منذ أشهر عديدة من الأزمة الاقتصادية التي تسببت في عدم توافر العديد من المستلزمات الطبية، ما يزيد من القلق بشأنه. في مواجهة الفيروس يعتبر الناس أنفسهم كمن يذهب إلى الحرب من دون سلاح، ما يزيد من المخاوف منه، خصوصاً أن فترة العزل تعتبر طويلة نسبياً ويشعر فيها الشخص المعني بكثير من القلق على نفسه وعلى المحيطين به. كما أن حدود هذا المرض غير معروفة بعد بشكل واضح، فما من دراسات تشرح إلى اليوم كافة التفاصيل المتعلقة بفيروس كورونا".انطلاقاً من مبدأ قلة المعلومات الأكيدة المحيطة بالمرض، في مقابل كثرة الأخبار التي يتم تداولها بشأنه، تشدِّد خليل على أهمية تتبع المصادر الموثوقة بشأن الفيروس لكثرة الشائعات المحيطة به وما تسببه من زيادة في التوتر والمخاوف. لذلك من المهم التركيز على المعلومات والمصادر الأكيدة حصراً للحدّ من معدلات الخوف والقلق التي ارتفعت إلى حد كبير، رغم أن كافة الأرقام تشير إلى أن معدلات الوفيات الناتجة عن فيروسات أخرى موجودة، هي أعلى من تلك المرتبطة بفيروس كورونا.

أخبار مغلوطة سبّبت الهلع

من المؤكد أن كثرة الفيديوات والأخبار التي يتم تداولها حول فيروس كورونا تسببت بزيادة هواجس الناس حول هذا الموضوع. بحسب خليل، "في لبنان بشكل خاص لم تكن التدابير المتخذة من قبل المسؤولين لمواجهة الفيروس مطمئنة لانعدام ثقة الناس بهم، خصوصاً مع الأوضاع السائدة في البلاد أصلاً منذ أشهر عديدة. كما يزيد نقص المستلزمات الطبية الوضع سوءاً أيضاً، إضافة إلى الحملات في المدارس كلّها التي تشعرنا بوجود عدوى نفسية وعاطفية بهذا الشأن. وبالتالي إن الانفعالات تنتقل من شخص إلى آخر رغم تطمينات المسؤولين ومنظمة الصحة العالمية أمام الحملة الإعلامية التي تحصل حول هذا الموضوع. يضاف إلى ذلك أن التعابير المستخدمة على صعيد محلي حول الفيروس هي بذاتها تثير المخاوف وتسبب الهلع بين الناس لاعتبارها ترتبط بالحرب والمواجهة".فترة العزل والحالة النفسية للمريض

تعتبر فترة العزل طويلة نسبياً بالنسبة إلى المريض الذي يعيش فترة انتظار صعبة تزيد من معدلات القلق، بحسب خليل. تضاف إلى ذلك إجراءات العزل الصارمة التي تسبب الكثير من القلق بين الناس بشأن الوباء. ثمة مدن كاملة حول العالم أصبحت معزولة، وهذا ضروري في مرحلة ما، ولا بد من تقبل الوضع كما هو. لكن لعلّ المعلومات غير الدقيقة التي يتم تداولها هي التي تساهم في زيادة معدلات الخوف، إضافة إلى عدم توافر لقاح أو علاج. وعلى صعيد فردي، وبالنسبة إلى الأشخاص المعنيين بالعزل المنزلي في هذه الفترة، تزيد المخاوف على المقربين لإمكان نقل العدوى إليهم. كما يعني العزل الامتناع عن الذهاب إلى مكان العمل منعاً لنقل العدوى، وكلٌّ يتعاطى مع هذا الوضع بطريقة مختلفة بحسب شخصيته. "التحدث عن وباء هو بذاته سبب لإثارة الذعر، ويختلف معدل الخوف والهلع بسبب معدل الخطر بالنسبة للشخص وما إذا كان عرضة فعلاً للإصابة. هذه الأمور تؤثر إلى حد كبير على الحالة النفسية للشخص. في لبنان تحديداً ثمة عوامل عديدة يمكن أن تساعد على الحد من التوتر وإن كان ضرورياً تقبل الوضع كما هو والتعامل معه بحكمة كما تقتضيه الظروف:

-ليس الوباء منتشراً في مختلف أنحاء البلاد بل ثمة 3 حالات مسجلة ومعروفة إلى اليوم، وهذا ما يدعو إلى الاطمئنان والحد من حالة الهلع المنتشرة.

-مع التركيز على المصادر الموثوقة يمكن الحد من المخاوف ويساهم ذلك في تطمين الناس. فبقدر ما تكون المعلومات طبية ودقيقة تكون مطمئنة أكثر ويمكن الاعتماد عليها بشكل أفضل.

-في حال وجود أطفال يجب شرح طرق الوقاية لهم وبعض التفاصيل المتعلقة بالفيروس من دون إثارة مخاوفهم.

-متابعة المعلومات المستجدة العلمية حول الموضوع وتتبع آخر الأخبار عنه.

-في حال زادت المخاوف والقلق عن المعدل الطبيعي يُنصح باستشارة اختصاصي في المعالجة النفسية حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة.

-يعتبر الوعي ضرورياً في هذه الحالة للتعاطي مع الأمور بحكمة وبالطريقة الصحيحة المطلوبة. وبالنسبة إلى الاشخاص الذين ثمة خطر أو احتمال بإصابتهم بالفيروس لسبب أو لآخر من المهم أن يتقيدوا بتعليمات العزل للحد من انتشار الفيروس وانتقال العدوى إلى الآخرين. فلكل منا دور في المجتمع يمكن أن يلعبه للوقاية من المرض والحد من انتشاره، وهنا تبرز أهمية الوعي والالتزام بالتعليمات وبكافة الإجراءات الواجب اتخاذها للحد من انتقال الفيروس بعيداً من الهلع والهواجس التي لا أسس لها".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم