السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

تأسيس للبنان ودفن للتبعية! - بقلم جبران تويني

تأسيس للبنان ودفن للتبعية! - بقلم جبران تويني
تأسيس للبنان ودفن للتبعية! - بقلم جبران تويني
A+ A-

نستعيد في #أرشيف_النهار مقالاً كتبه جبران تويني بتاريخ 17 شباط 2005، حمل عنوان "تأسيس للبنان ودفن للتبعية!".

اغتيال رفيق الحريري ما هو إلا استمرار لمحاولة اغتيال لبنان الحرية والكرامة والسيادة والاستقلال...

والذين اغتالوه هم أنفسهم الذين حاولوا اغتيال مروان حماده واغتالوا في الماضي الرئيسين رنيه معوض وبشير الجميل والزعيم كمال جنبلاط والمفتي حسن خالد وغيرهم ممن كانوا يحلمون بلبنان حر واحد موحد ذي مشروع ورسالة تتخطى حدوده الجغرافية.

لبنان بكل مناطقه وكل طوائفه وكل تياراته السياسية بكى رفيق الحريري، لأن كل اللبنانيين اعتبروا ان اغتيال رفيق الحريري كان يستهدفهم ويستهدف وحدتهم الوطنية وعيشهم المشترك وايمانهم بقيام لبنان سيد حر مستقل!

من اغتال رفيق الحريري كان يهدف الى ضرب المعارضة الوطنية وضرب السلم الأهلي وضرب الاستقرار، وكذلك الى ترهيب وتركيع وتيئيس كل من حاول أو يحاول في المستقبل ان يقول بصوت عالٍ: كفى ذلاً واذلالاً، كفى تبعية، اننا نستحق ان نعيش أسياداً كراماً واحراراً في وطننا!

نعم، أزعجتهم وحدة المعارضة الوطنية، كما تزعجهم وحدة اللبنانيين وكما يزعجهم أي مشروع وطني يهدف الى بناء دولة قوية تترسخ فيها الديموقراطية والحرية، كما يزعجهم أي مشروع يكرس استقلال لبنان واستعادة عافيته ودوره ورسالته التي تتخطى حدوده الجغرافية!

نعم، خافوا من رفيق الحريري فقتلوه!... خافوا منه، كما يخافون من وحدة اللبنانيين التي قد تضع حداً نهائياً لسياسة الوصاية والتبعية...

ولكن مهما فعلوا، فقد باتت هذه الوحدة أقوى من كل مؤامراتهم وأقوى من كل جرائمهم!

بدم الشهداء ترسخت وحدة الوطن في السابق وهي تترسخ اليوم باختلاط دماء الشهيد رفيق الحريري ورفاقه بدماء كل شهداء لبنان...

ويا لها من مصادفة تلك التي جعلت الشهيد رفيق الحريري يدفن حيث شَنَق العثمانيون مسلمين ومسيحيين، شهداء لبنانيين آمنوا بالحرية وبالاستقلال. واجهوا الانتداب برؤوس مرفوعة ليبقى رأس الوطن مرفوعاً، رافضين الى الابد ان يعتبر وطنهم قاصراً وفي حاجة الى وصاية دائمة!

ان مراسم تشييع رفيق الحريري أسقطت نهائياً تلك الخرافة التي تقول بأن لبنان قاصر ومنقسم على ذاته وفي حاجة الى الوصاية السورية سياسياً وأمنياً كي لا يتقاتل اللبنانيون... هذه الخرافة سقطت امس عندما كان المؤذّن يكبّر ان "لا اله إلا الله" على قرع أجراس الكنائس، أجراس القيامة، وفي حضور حشد وطني شعبي من كل الطوائف وكل المناطق وكل التيارات السياسية!...

فلا حاجة بعد اليوم الى استفتاء لمعرفة ما اذا كان لبنان منقسماً على ذاته طائفياً أو سياسياً...

"وحدة لبنان مكرسة ووحدها الوصاية الخارجية تهددها"، وهذه حقيقة اكدها ايضاً وايضاً في هذا اليوم التاريخي بيان المطارنة الموارنة الذين اجتمعوا استثنائياً ليضموا صوتهم الى أصوات اللبنانيين الرافضين ذلك "النظام الديكتاتوري الذي تعوّد قطع رؤوس قادة الرأي في كل بلد يستهدفه ليبقى الشعب دون قائد فيستساغ قمعه واستعباده"...

نعم، "مصير لبنان الحر يشغل بال العالم كله..." كما قال الرئيس الفرنسي جاك شيراك، لأن لا حرية ولا ديموقراطية في الشرق الاوسط اذا غابت الديموقراطية والحرية في لبنان!

لقد خسر لبنان اليوم رفيق الحريري، لكنه باستشهاد هذا الكبير انتصر مرة ثانية على المؤامرة لأن وحدته تكرست الى ما لا نهاية!

نعم، ان مراسم تشييع الشهيد رفيق الحريري كانت بمثابة مراسم تأسيس للبنان ودفن لسلطة الوصاية والتبعية!

جبران تويني

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم