الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ماذا عن حكومة "الإخصائيين"؟

رشيد درباس
رشيد درباس
Bookmark
ماذا عن حكومة "الإخصائيين"؟
ماذا عن حكومة "الإخصائيين"؟
A+ A-
لا توجد عبارات غامضة... بل توجد أفكار غامضة.سيغموند فرويد بعد أن حبس اللبنانيون أنفاسهم بانتظار الاستشارات الملزمة، ظهرت النتيجة غريبة من نوعها، حيث امتنع عدد كبير عن التسمية، فيما توافق العدد الأكبر على تسمية شخص لم يكن وارداً في بورصة التكليف، الأمر الذي أوحى بأن برنامجًا أُعِدَّ سلفًا لحرق الأسماء الممكنة، توصلاً إلى النتيجة المضمرة التي عبر عنها الرئيس تمام سلام بقوله إنها معلبة أو مسبقة الإعداد.يقتضي التنويه أولاً بأن غموض الأفكار الذي يعتري أهل الحل والعقد، عبَّر عن نفسه بكلمات غامضة وتفسيرات أكثر غموضًا، من نوع أن الاستشارات الملزمة ليست ملزمة للرئيس بنتائجها وهذا يُعَدُّ مروقًا دستوريًّا وجهلًا سياسيًّا وعبثًا وطنيًّا، لأن العبارة الدستورية جاءت قاطعة الدلالة إذ نقلت صندوق الاقتراع على اسم الرئيس المكلف من مبنى المجلس النيابي إلى كنف رئيس الجمهورية دون أن تكون له إمكانية الاجتهاد أو الترجيح.ومن ذلك الغموض أيضاً هذا الإعلان المتكرر عن حكومة "إخصائيين" الذي يهمل بصورة فاقعة الدلالات اللغوية ومن ثم السياسية للكلمة، إذ إن الاختصاص لغةً - كما ورد في "لسان العرب" تحت مادة خصص - هو أن يختص فلان بالأمر ويتخصص له، فالاختصاص هو المصدر، والاختصاصي هي النسبة إليه، أما كلمة إخصائي، فخارج السياق اللغوي المقصود بل تنتمي إلى مادةٍ أخرى في "اللسان" هي "خصا" بدلالة هذا الفعل المعروفة، فالخصاء يكون في الناسِ والدوابِّ والغنم، كما شرحَ ابنُ منظور.أما عن "المعنى السياسي" للكلمة فالأمر يأخذنا إلى ما هو أدهى، لأن أهل السياسة الحاليين المتسلحين بعضلاتهم التسلطية استباحوا القاموس اللغوي كما استباحوا القاموس الدستوري من قبل، وسوَّغَ كل واحد لنفسه حق التفسير والتأويل وتركيب الرغبات على صهوات الكلمات وقد فاتهم أن القاموس حرون، وأن كلماته لا يتطامن متنها إلا لفوارسها، فالمعنى النافر لن يجد إلا نفورًا من الأحرف التي تجمعت عبر القرون لتكون في خدمة الدلالات القاطعة، لا الأهواء...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم