اشترِك في نشرتنا الإخبارية
ها قد تخطيت الثلاثين عاماً، أنت لم تعد "ابن عشرين" بتصرفاتك وأفكارك وحياتك. شئت أم أبيت، ثمة أمور تتغير في داخلك، تغيرات جسدية ونفسية جمة تطرأ عليك. جميعنا مررنا وسنمرّ بهذه المرحلة، فلنستطلع مع من خبروها التغيرات التي طرأت عليهم.
أمور كثيرة تتغير بعد الثلاثين، بدءاً بالتغيرات الجسدية مروراً بالنفسية وانتهاءً بالسلوكيات والتصرفات. وبحسب ما أدلى به عدد من الأشخاص الذين تخطوا الثلاثين، فإن أبرز ما يتعلمه الإنسان هو أهمية المحبة والعطاء في الحياة. وتقول سمر إنه "لا يكفي أن نحب أحداً لكن الأهم أن نظهر مشاعر الحب التي نملكها وأن نبيّن للشخص الذي نحبه مدى اهتمامنا به". وتلقائياً بعد الثلاثين، يشعر المرء أن التغيير ضروري ولا بد منه، فيلجأ اليه علّه يبعد عنه شبح التقدم بالعمر. وتعترف ريتا أنها كانت تدرك أهمية التغيير في عقلها، "لكني لم أكن أدركه بعاطفتي، ولم يكن لدي مشاعر حقيقية بالتغيير. اما اليوم، بعدما بلغت الرابعة والثلاثين، قررت التغيير. أصبحت أكثر اهتماماً بصحتي، أراقب وزني وانتبه الى نوعية الطعام الذي اتناوله والسعرات الحرارية. فبعد هذه الاعوام، تعلمت أن القضايا الوجدانية ليست محبطة بقدر ما نتصور، فالموت مثلاً صعب جداً لكن مع الوقت نعرف أن الشخص الذي يفارق الحياة يبقى معنا في ذكرياتنا ووجداننا ولسنا بحاجة الى أغراضه كي نتذكره، فثمة الكثير من الأشياء التي تربطنا مع من يفارقنا".
من جهته، يرى هادي ان الثلاثين وإن كانت سن الإنخراط الجدي في الحياة، إلاّ أنه يرى ايضاً انه ينبغي الاستمتاع بالحياة أكثر وتخصيص المزيد من الوقت للراحة والترفيه والسفر. "العمل والوظيفة ليسا مهمّين جداً في الحياة، رغم أنني أعطيتهما الكثير من الوقت والأهمية الى درجة ان حياتي الاجتماعية كانت معدومة. لكن اليوم تغيرت المعادلة، أعطيهما الوقت اللازم لكن ليس كل الوقت بل أخصص بعض الوقت للنشاطات والهوايات". أما سهام فقد اكتشفت بعد الثلاثين أهمية العلاقات الاجتماعية، "ليست كلها مهمة، لكن ينبغي التركيز على بعض العلاقات وإن كان عددها قليلاً، فكثرة العلاقات التي لا معنى لها هي مضيعة للوقت وليست ذات فائدة".
بداية مشوار الرجل ومنتصف عمر المرأة
"بلوغ الثلاثين بالنسبة الى الرجل يعني بداية مشوار الحياة بجدية أكثر والتزام عال، فعموماً لا يتزوج الرجل قبل الثلاثين إلا في حالات قليلة ومجتمعات معينة"، وفق ما يقول الاختصاصي في علم النفس العيادي الدكتور سامي حمادة. "لكن معدل سن زواج الرجل هو بعد الثلاثين، لذا يبدأ في هذه المرحلة الانضباط ويدخل مرحلة النضج والوعي أكثر من ذي قبل، ويبدأ التخطيط جيداً للمستقبل ودرس خطواته أكثر. وتتغير تالياً نظرته الى الحياة، رغم استمراره في عيش حياته كما يحلو له لكن يبدأ الجدّ في هذه المرحلة. والمرأة أيضاً تدخل بعد الثلاثين مرحلة النضج والوعي و تتغير فيها أمور كثيرة ، لكن على عكس الرجل، تشعر بأن حياتها بدأت بالتراجع وأن فرصها في الحياة والوظيفة والزواج، بدأت تتضاءل إذا لم تكن قد تزوجت أو توظفت بعد".
وإذا كان منتصف العمر بالنسبة الى الرجل هو الأربعين، فإن المرأة تعتبر أن سن الثلاثين بالنسبة اليها هي منتصف العمر لديها. وبحسب دراسة نشرتها "جمعية المرأة البرازيلية" في مدينة ساو باولو، فإن صعود المرأة سلم الاستقلالية والمساواة مع الرجل خصوصاً في سوق العمل، جعلها تعاني مشكلات مشابهة لما يعانيه الرجل، ومنها القلق حول العمر والأزمة التي تنجم عنها!
ويعتقد حمادة أن سبب الشعور المبكر بمنتصف العمر لدى المرأة يعود الى "مخيلتها الخصبة التي تجعلها تستبق التفكير في بعض الأمور المستقبلية، بالإضافة إلى علمها بأن العمر هو سلاح يبدأ بالعمل ضدها قبل أن يبدأ العمل ضد الرجل. وتبدأ امور سلوكية عدة بالتغيّر عند المرأة وهي لا تزال في الثلاثين، لشعورها بأن الحمل أصبح أصعب بعد هذه السن، وفي حال كونها ما زالت عزباء فإن احتمالات الزواج تقل أيضاً".
وفي حين يشعر الرجل بأن مشواره الحياتي بدأ بعد الثلاثين، تشعر المرأة أنها لم تحقق الكثير من أحلامها وأن قطار الحياة قد يفوتها وهي ما زالت تحلم، لذلك تبدأ بالإسراع في محاولات تحقيق بعض الأحلام التي يمكن تحقيقها بعد وصولها إلى مرحلة منتصف العمر كما تعتقد. "وعموماً، بلوغ الثلاثين لا يعني أن الإنسان قد تقدّم بالعمر، بل يعني أنه بلغ مرحلة الوعي والنضج والفهم للحياة". ويشير حمادة الى أنه لتجنب الشعور بالإنزعاج، "يمكن الإنسان أن يغيّر في مظهره ويهتم بصحته وجسده وأناقته كي يبقى في مزاج جيد ونفسية سليمة وصحية. يمكن وضع المزيد من الأهداف والتخطيط لتحقيقها وبذل الجهود لإحراز المزيد من النجاح. ويجب أن يشعر الإنسان بالسعادة في كل النجاحات والإخفاقات التي يمر فيها، فهي تعلمه دروساً يفيد منها لتصويب مساره".
