الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"التيار" والثورة على أبواب الرئيس... الانقسام الأهلي مرّ من هنا

المصدر: "النهار"
كني-جو شمعون
"التيار" والثورة على أبواب الرئيس... الانقسام الأهلي مرّ من هنا
"التيار" والثورة على أبواب الرئيس... الانقسام الأهلي مرّ من هنا
A+ A-

الاعتصام في محيط القصر الجمهوري لم يمرّ مرور الكرام إذ أنّ المنطقة التي تحمل في رمزيّتها دلالات لوحدة الشعب والوطن، انقسمت فيها الساحة بين مؤيدي "التيار الوطني الحر" ورئيس الجمهورية ومجموعات الثورة التي تضمّ حزب سبعة وقدامى الجيش اللبناني وآخرين. عدد كبير من الشبان أرادوا التظاهر عند الساعة الثالثة من بعد ظهر الأحد في بعبدا في "#أحد_قصر _الشعب" للضغط من أجل الاسراع في تشكيل حكومة جديدة من المستقلّين. لكنّهم مُنِعوا من الوصول إلى مفترق طريق القصر الجمهوري؛ فيما أقام مناصرو التيار ورئيس الجمهورية تجمّعاً استباقيّاً في النقطة نفسها. أفاد البعض أنّ ساحات بعبدا لا ترحّب بالثوار فيما أكّد آخرون أنهم لا يقيمون شارعا مقابل شارع وأنهم يدعمون رئيس الجمهورية وخطواته في تشكيل الحكومة. يقول رجل خمسيني: "نقف مع الشرعية ونحن مع فخامة الرئيس حتى اللحظة الأخيرة، ليحقق دولة الاصلاح والقانون"، ويتابع: "نقول للاخوان المتظاهرين أنّ مطالبهم هي مطالبنا ونحن نعمل على ذلك منذ 30 سنة. وقبل نزولهم إلى الساحات، كان فخامة الرئيس يقول لهم أننا من يريد محاربة الفساد. وسيبقى الرئيس في ولايته حتى نهايتها". في المقلب الآخر، غادة عيد، أمينة عام "حزب سبعة" تؤكّد "لم نأت لافتعال المشاكل وعلى ما يبدو، إنّ طريق بعبدا هي فقط للتيّار الوطني الحرّ." وتنهال الاتهامات على "حزب سبعة" وعلى العميد المتقاعد جورج نادر الذي قرّر البعض أنّ شعار المؤسسة العسكرية "شرف؛ تضحية؛ وفاء" لا يليق به، فيما حُمّل الرئيس سعد الحريري من قبل "العونيين" كلّ أسباب الإنهيار.



المشهد من بعبدا كان كالآتي: الطوق الأمني مفروض على كلّ النوافذ المؤدية للقصر الجمهوري من بعبدا والحدت والريحانية. ساحة التيار ومؤيدي الرئيس تحدّها القوى الأمنية مقابل الماكدونالد. ساحة الثورة فيها العشرات ويحدّها صفّ آخر من القوى الأمنية على الجسر الذي يربط الحدت بطريق الشام. تفصل بين الساحتين مساحة فارغة. من ناحية الحدت وبين ما يعرف بمفترق "الصنوبرات" حتى متجر الشاركوتيه عون ومطعم L’Arabesque، ينتشر مناصرو التيار الوطني الحرّ ومعظمهم من الرجال، أكثرهم يرتدي قمصاناً سوداء ومنهم من يحمل أعلاماً لبنانية أو العصي.

من جهته، يشرح ثائر أربعيني ل"النهار" عن وقفته المطلبية، قائلاً أنه مضى 33 يوم على استقالة الحكومة "فأتينا ليكون صوتنا مسموعاً ولنطلب من فخامة الرئيس المبادرة في الاستشارات". ويشدّد "نحن لسنا ضد أحد، لكنّهم أحضروا مناصري التيار فيما أتينا بالآلاف من طرابلس والبقاع والجبل وكسروان وتمّ تشتيتنا. إنّ الإقفال علينا مقصود"، وتخبر ثائرة عن معاناتها للوصول إلى الجسر سيراً على الأقدام.

وبالفعل، تارة نشاهد بوسطة تقلّ ثوّاراً ونعلم لاحقاً بأنّ الوفد تعذّر عليه الدخول؛ وطوراً نلاحظ مسيرة سيّارة تجول طريق الشام وكأنّ المنتفضين من الشعب يقولون "نحن هنا". ثمّ نسمع عن اعتداء على احدى البوسطات ونلحظ تدافعاً بين عناصر الجيش ومناصري التيار بعدما ركض البعض منهم باتجاه وفد من الثوار لمنعهم من ملاقاة رفاقهم...


تتحدّث إلينا فيكي زوين وهي ناشطة في "حزب سبعة" ومرشحة سابقة عن تحالف "كلّنا وطني"، قائلة أنّ مطالب الثورة لم تتغيّر منذ اليوم الأول وهي تشكيل حكومة تكنوقراط من المستقلّين؛ مشيرة إلى أنّ وسيلة الضغط تغيّرت. "قمنا بداية باقفال الطرقات، نزلنا الى الساحات أقمنا النشاطات. لكنّ الضغط اليوم يجب أن يكون على رئيس الجمهورية لأنّه يتوجّب عليه القيام بالاستشارات بموجب الدستور اللبناني"، منوّهة بأنّ "التحرّك ليس موجّهاً ضد أي طرف سياسي ولا ضد العهد ولا ضد شخص الرئيس ميشال عون بل من أجل تحقيق المطلب المحدّد لتكليف رئيس مجلس وزراء مستقل ولتقوم حكومة جديدة".

ويعبّر مناصر في التيار عن تخوّفه من الفتنة، محذّراً اخوانه الثوار "ألا يديروا آذانهم للخارج ولا يكونوا وقوداً لنار ستحرق كلّ لبنان"، مستطرداً "تعالوا وسيروا معنا". فتجيب زوين على الطرح: "يحاولون فرض مقولة شارع بوجه شارع ليصبح المواطنون ضد بعضهم. لكننا نعاني أجمعين من المشاكل نفسها وكلّنا إخوة. فمهما حاولوا التخويف من الحرب، لا حرب في لبنان لأن الشباب والطلاب والجيل الجديد هم أساس الثورة والكلّ واع ومتيقّظ... أمّا الجيل الذي ذاق الحرب فلن يقبل تكرار ما عاشه".

يذكر أنّ الثوار ومناصري "التيار" التي كانت تفصل بينهم أمس القوى الأمنية، عبّروا أجمعين عن أنهم إخوة بالرغم من المناوشات. هنا نسأل، بما أنّ الاجماع على الأخوّةِ، فلِمَ على أبناء الوطن الواحد أن يكونوا منقسمين؟ لم التذكير الدائم بالحرب الأهليّة؟ أما آن لنا أن نخرج جميعاً إلى النور ولنتحرّر من أحقادنا؟ نحن شعب يستحقّ الحياة.



حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم