الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

هل قلتم محور "الشيّاح – عين الرمّانة"؟

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
هل قلتم محور "الشيّاح – عين الرمّانة"؟
هل قلتم محور "الشيّاح – عين الرمّانة"؟
A+ A-

لا أصدّق. لا أستطيع أنْ أصدّق. لا أريد أنْ أصدّق. لن أصدّق.

لكنّ ما رأيتُهُ ليل أمس، بأمّ العين، هو ما جرى فعلًا وحقًّا. وهو الذي (قد) سيجري فعلًا وحقًّا.

حصل ذلك، على مقربةٍ من المبنى الذي عشتُ في طبقته السفليّة المعتمة والمنتنة التي تحت الأرض، في بدايات حرب 1975 وخلال جولاتها المشؤومة.

لا أصدّق أنّ ذلك قد حصل.

أأنا منفصمٌ، إذًا؟ أم أأنا مُهلْوِس؟ أم أأنا، يا ترى، مقامرٌ فاشلٌ جدًّا، وخاسرٌ نهائيٌّ، ومحطّم العقل والروح، بحيث أرى ما أرى، بعدما كنتُ أُساهِر فجرًا على وشك البزوغ؟!

لا. لستُ منفصمًا، ولا مُهلْوِسًا، ولا مقامرًا، ولا خاسرًا، ولا محطّم العقل والروح.

لا. لم يكن ذلك محض كابوسٍ زمنيٍّ مسترجَعٍ من كوابيس اليقظة المنقضية أيّام زمان.

لا. ليس صحيحًا أنّه مش ممكن أنْ يحصل ما حصل.

فقد حصل حقًّا وفعلًا، ليل أمس، وكان طريًّا وراهنًا. ولم يكن، البتّة، محض كابوسٍ مسترجَعٍ من أيّام زمان.

ليس صحيحًا أنّه مش ممكن.

على رغم ذلك، لا يمكنني أنْ أصدّق.

لا يمكنني أنْ أصدّق أنّ سَفَلَةً من هذا الزمان ومن هذا المكان – أيًّا كانوا وأيًّا يكونوا - يمكنهم أنْ ينفّذوا السيناريو الجرميّ المهول، الذي يستعيد بدايات محور الشيّاح – عين الرمّانة!

لكنّ ما حصل، قد حصل. وقد (سـ)يتكرّر. أبشع. وأخطر. وأعمّ.

أتسألون عن الحكومة الإنقاذيّة؟! أتريدون حقًّا حكومة مستقلّين، استقلاليّين، محنَّكي إدارة، ينتشلون لبنان من قعر الانهيار وشعبه من الجوع والاقتتال؟!

فشر.

لن نعطيكم حكومةً كهذه. بل فقط "الشيّاح – عين الرمّانة".

ونعطيكم "الرينغ" فقط. و"مونو". والخيم المحطّمة في ساحة اللعازارية، وفي الساحة المسمّاة ساحة الشهداء.

وقد نعطيكم دولارًا بـ3500 ليرة لبنانيّة. فقط لا غير.

وإذا واصلتم العناد والمكابرة، فلن نعطيكم إيّاه بأقلّ من 5000 ليرة لبنانيّة.

ألا تزالون تريدون حكومة ثوّارٍ، أحرارٍ، نظيفي الأيدي والجيوب، وغير قابلين الرضوخ للتهديدات والمقايضات والمساومات وتدوير الزوايا والترهيبات (عندهم بيضات، على تعبير أحد أصدقائي)؟!

ألا تزالون تريدون حكومة خارجين على الطبقة الحاكمة، وعلى أهل الفساد؟!

ألا تزالون تريدون حكومةً لا يأتمر بعض أطرافها بـ"حزب الله" وحركة "أمل" ونظام الملالي ونظام الأسد، وبعض أطرافها الآخرين لا يأتمرون بالسعوديّة وأميركا؟!

هذا حصرمٌ رأيتموه، يا سادة، في حلب.

يحقّ لكم أنْ نعطيكم – فقط لا غير - شارع أسعد الأسعد ومحور صنّين.

تذكّروا اسم هذين الشارع والمحور جيّدًا.

ويحقّ لكم أنْ نعطيكم – فقط لا غير - طريق صيدا القديمة. ومستديرة الطيّونة. فقط لا غير.

***

هل قلتُ حقًّا في بداية هذا المقال، هل قلتُ: لا أصدّق. لا أستطيع أنْ أصدّق. لا أريد أنْ أصدّق. لن أصدّق؟!

إنّي أصدّق، يا سادة. إنّي أصدّق. أصدّق. أصدّق.

أصدّق أنّ سَفَلَة هذا الزمان وهذا المكان يستطيعون أنْ يفعلوا كلّ شيء، من أجل إبقاء كلّ شيء، على ما هو عليه.

أصدّق أنّ هذه الطبقة الحاكمة، أنّ هذا الحكم، أنّ هؤلاء جميعًا، يستطيعون أنْ يذهبوا إلى أبعد. وأخطر. وأشمل. بحيث لا يبقى رغيف خبز. ولا حتّى حجرٌ على حجر!

هل قلتم حكومة مستقلّين؟

سَفَلَةُ هذا الزمان وهذا المكان، يردّون على شعبهم الثائر بالآتي: أمامكم، إمّا الرضوخ للأمر الواقع وإمّا محور "الشيّاح – عين الرمّانة".

فاختاروا!

[email protected]



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم