السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

أخاف على الثورة من المزايدين

غسان حجار
غسان حجار @ghassanhajjar
أخاف على الثورة من المزايدين
أخاف على الثورة من المزايدين
A+ A-

من حق الانتفاضة ان تدافع عن نفسها، وان تحمي حركتها، وان تخاف من المتربصين بها، لأن المتضررين كثر، وهم من فئات متنوعة، منها القوى السياسية الاساسية في البلد المستفيدة من المنظومة القائمة على توزيع المغانم، وتقاسم الخيرات، بل نهبها، وتحويلها الى خزنات وحسابات لا تعدّ ولا تحصى، ومنها جهات ومسؤولون امنيون في الداخل والخارج تنقسم آراؤهم ونظرتهم حيال التعامل مع الانتفاضة.

واذا كان عدم وجود قيادة موحدة للانتفاضة يعفي الحركة الشعبية كلها من المحاسبة، لأن كل رأي او تصرف يمكن ان يسجَّل افرادياً ولا يعبّر عن رأي الجماعة، إلا ان حماية الانتفاضة توجب على القيّمين عليها، عدم الدخول في متاهات الترهيب الفكري والاتهام غير المبرر وتوجيه السهام في غير وجهتها الصحيحة، كمثل ما تفعل الاجهزة المتضررة بالحراك، لان الانتفاضة تحتاج حكماً الى رعاية واحتضان ودعم شعبي وفكري واقتصادي، وخصوصا اعلامي.

قد يكون ما حصل مع مراسلي محطة "او تي في" غير مقبول، وان كان مبررا لدى البعض، بفعل الانقسام الحاد، وبسبب مواقف المحطة وضيوفها الذين اساؤوا الى الحركة الشعبية. لكن التهجم على وسيلة اعلامية مثل جريدة "النهار" غير مبرر اطلاقاً، لأن "النهار" كانت على الدوام هي الثورة، ومحركة الثورة، وداعمة الثورات.

قبل يومين كتب الزميل رضوان عقيل مقالا صحافيا، نقل فيه معلومات امنية من مصادرها ومن مراجع سياسية، عن محاولات اسلاميين متطرفين التسلل الى الانتفاضة، والافادة منها، بل استغلالها، وكيفية متابعة الجهات الامنية رصد هؤلاء، لعدم "خطف الثورة".

وهذه المعلومات لا يحاسَب عليها الصحافي، كل صحافي، وإن كان احياناً يعبّر عن رأيه بطريقة لا ترضي "الثوار"، لانه حر في رأيه الشخصي الذي يعبّر عنه بلياقة واحترام، وهو رأي لا يلزم مؤسسته الصحافية المؤيدة للانتفاضة الشعبية، والتي كانت في طليعة الحركات الثورية، وتقدمت انتفاضة 14 آذار، ودفعت ثمن الحرية شهيدين هما جبران تويني وسمير قصير.

بالأمس، انطلقت مجموعة من الذباب الالكتروني، وقبله بأيام كذلك، للتحامل على "النهار" واتهامها بتشويه صورة الثورة. وهذا الحكم المتسرع والمتهور يُعزى الى اسباب عدة:

1- إما جهلٌ اصحابه بالتاريخ البعيد والحديث وبالواقع، وهو امر لا يفيد الثورة واهلها.

2- إما حقدٌ دفين من اشخاص يركبون موجة الحراك ويفيدون منه لتصفية حسابات خاصة بهم.

3- او دخول عناصر "طابور خامس" لضرب العلاقة غير المباشرة، وتفكيك اواصر الدعم، وتحقيق التفرقة والانقسام. وهذا امر يجب ان يكون موضوع متابعة دقيقة.

4- واخيرا تخوّف من وجود توجه احادي الرأي، وقمعي لدى الثوار، يشبه الى حد كبير ما هو لدى السلطة ولكن بلباس مختلف. وهنا تكمن الخطورة لان الثورة تصير اداة لاستبدال وجوه بأخرى تشبهها بل اسوأ منها.

ادرك جيدا ان هذا الرأي لن يعجب كثيرين، وستتحرك مجموعات اخرى "الكترونية" للتصدي له، لكن ما اعرفه جيدا انني مع الثورة قلبا وقالبا اكثر من المزايدين، واخاف احيانا عليها من اهلها، لئلا تضيع الفرصة ونخسر جميعا.

[email protected] - Twitter: @ghassanhajjar

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم