الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

تسريبات استخباريّة... هكذا أرست إيران نفوذها في العراق

تسريبات استخباريّة... هكذا أرست إيران نفوذها في العراق
تسريبات استخباريّة... هكذا أرست إيران نفوذها في العراق
A+ A-

نشرت صحيفة "النيويورك تايمس" الأميركية حزمة كبيرة مما وصفته بوثائق استخبارية إيرانية مسربة تسلط الضوء على جهود طهران لتثبيت نفوذها في العراق.

جاء في مقال مطول نشرته الصحيفة الأحد، أن هذه الحزمة تضم نحو 700 رسالة وتقرير سري، كتب معظمها عامي 2014 و2015 ضباط في وزارة الاستخبارات والأمن الوطني الإيرانية، يعملون على الأرض في العراق، وحصلت عليها منظمة "إنترسبت" الإعلامية غير الحكومية من مصدر داخلي طلب عدم ذكر اسمه.

وقالت الصحيفة إن هذا التسريب "غير المسبوق" يسلط الضوء على سنوات العمل الدؤوب للاستخبارات الإيرانية على كسب ولاء القادة العراقيين وتجنيد وكلاء متعاونين في السابق مع الولايات المتحدة والتسلل إلى كل محافل الحياة السياسية والاقتصادية والدينية في البلاد.

وتتناول هذه الوثائق أحداثاً تبدو كأنها جاءت من روايات تجسسية، مثل لقاءات سرية تحت جنح الظلام، وتصوير عسكريين أميركيين في مطار بغداد سرياً، ومراقبة تحليقات طيران التحالف الدولي.

وأوضحت الصحيفة أنه على رغم كشف حوادث عدة محرجة وعمليات فاشلة، يبدو من هذه الوثائق أن ضباط الاستخبارات الإيرانية العاملين في العراق يتحلون بصبر ومهنية وعقلانية ويسعون بدأب إلى تحقيق هدفهم الرئيسي، أي منع العراق من التفكك والانزلاق إلى حرب طائفية.

وأكدت هذه الوثائق أن إيران، في كل مرحلة تقريباً، تفوقت على الولايات المتحدة في حرب خفية من أجل النفوذ في العراق.

وقالت إن بروز دور إيران كلاعب مؤثر في العراق كان نتيجة مباشرة لعدم وجود أي خطة مفصلة لدى الإدارة الأميركية في العراق لفترة ما بعد غزوها لهذا البلد، مشيرة إلى أن السياسات التعسفية التي انتهجتها واشنطن في العراق خلال فترة احتلالها أسفرت عن زيادة حدة التوتر الطائفي وأدت في نهاية المطاف إلى تمرد تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش).

وأضافت أن إيران رأت منذ البداية أن متابعة النشاطات الأميركية في العراق، ذات أهمية حيوية لأمنها القومي، ونقلت إلى هناك عقب إسقاط نظام الرئيس العراقي السابق الراحل صدام حسين، عدداً من ضباط النخبة من استخباراتها.

وأشارت إلى أن الاستخبارات الإيرانية كانت ولا تزال تستفيد من الفرص التي تتيحها لها الولايات المتحدة. كذلك بادرت إيران على وجه الاستعجال إلى تجنيد عدد كبير من الوكلاء المحليين. المتعاونين سابقا مع الولايات المتحدة، بعد بدء واشنطن سحب قواتها عام 2011 من العراق، وهؤلاء قدموا إلى طهران من دون تردد كل ما يملكونه من معلومات استخبارية حساسة عن عمليات وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إي".

كما أوردت إحدى الوثائق أن الاستخبارات الإيرانية حاولت تجنيد وكيل داخل وزارة الخارجية الأميركية، ولكن من غير الواضح ما إذا كانت محاولتها توجت بالنجاح.

علاوة على ذلك، التقى مسؤول من الاستخبارات العسكرية العراقية في كربلاء أواخر عام 2014 مسؤولا آخر من الاستخبارات الإيرانية، ونسب إليه، استناداً إلى الوثائق، أنه نقل رسالة من مدير الاستخبارات العسكرية العراقية في حينه حاتم المكصوصي مفادها أن استخبارات الجيش مستعدة للتعاون مع طهران وإبلاغها النشاطات الأميركية في البلاد وتسليمها برامج وأجهزة تنصت متطورة أمدت بها واشنطن حكومة بغداد.

ونفى المكصوصي للصحيفة توجيهه مثل هذه الرسالة إلى إيران.

وأظهرت الوثائق أن السلطات الإيرانية تعول على عدد من كبار السياسيين العراقيين، بمن فيهم رئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي، الذي قيل في إحدى الوثائق إنه يحظى بـ"علاقات خاصة" مع طهران، إلى عدد من الأعضاء البارزين في حكومة سلفه حيدر العبادي، بينهم وزير الخارجية السابق إبرهيم الجعفري.

أما في شأن العبادي نفسه، فجاء في الوثائق أن السلطات الإيرانية لم تثق به في البداية ووصفته بأنه "رجل بريطانيا" و"المرشح الأميركي"، لكن هذه المخاوف تخفّفت بعد لقاء شخصي، من دون حضور أي طرف ثالث، عقده العبادي في مكتبه في كانون الثاني 2015 مع مسؤول من الاستخبارات الإيرانية.

كما أظهرت الوثائق أن الاستخبارات الإيرانية تلقت من وكلائها معلومات حصلوا عليها من مسؤولين عراقيين كبار خلال لقاءات مغلقة عقدوها مع ديبلوماسيين غربيين، موضحة أن بين هؤلاء الوكلاء أحد كبار مستشاري رئيس مجلس النواب العراقي السابق سليم الجبوري.

وذكرت الوثائق أن رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان البارزاني الذي كان في حينه رئيساً لوزراء الإقليم، بعد لقاء عقده في بغداد في كانون الاول 2014 مع مسؤولين أميركيين وبريطانيين رفيعي المستوى في حضور العبادي، سلم ما تلقاه من معلومات فوراً إلى مسؤول في الاستخبارات الإيرانية، لكن ناطقاً باسمه نفى هذه الادعاءات للصحيفة.

وأفادت الوثائق أن إيران بذلت جهوداً ملموسة بغية بسط نفوذها في الجنوب العراقي ونشرت هناك شبكة وكلاء واسعة، غير أن موجة التظاهرات الأخيرة تؤكد، في رأي الصحيفة، أن طهران ارتكبت خطأ في تقويمها لتطلع الجنوبيين العراقيين (الشيعة) إلى التخلص من أي نفوذ أجنبي.

وأبرزت الوثائق وجود خلافات بين وزارة الاستخبارات والأمن الوطني الإيرانية وجهاز استخبارات "الحرس الثوري"، إذ انتقدت الوزارة بشدة عمليات قمعية في العراق للسنّة نفذها مسلحون شيعة عراقيون يدعمهم الحرس الثوري الإيراني، بما في ذلك ما جرى في منطقة جرف النصر بعد تحريرها من "داعش".

وحذرت وزارة الاستخبارات في تقاريرها من أن مثل هذه التصرفات تنسف ما أحرزته طهران من نجاح في كسب دعم العراقيين، وحتى انتقدت قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني، متهمة إياه بـ"الترويج لدوره المتقدم في الحملة على "داعش" بالعراق من طرق نشر صور له على مواقع التواصل الاجتماعي".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم