الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

بعد شهر من انطلاقة الانتفاضة: توقّفوا عن سؤالها "إلى أين؟" (صور وفيديو)

غسان صليبي
بعد شهر من انطلاقة الانتفاضة: توقّفوا عن سؤالها "إلى أين؟" (صور وفيديو)
بعد شهر من انطلاقة الانتفاضة: توقّفوا عن سؤالها "إلى أين؟" (صور وفيديو)
A+ A-

بعد شهر من انطلاقتها، الانتفاضة اللبنانية بألف خير: بوحدتها، بسلميتها، باندفاعة شبانها وشاباتها، بتجدد ادواتها وبإنجازاتها.

توقفوا اذاً، توقفوا، عن سؤال المنتفضين الى اين ستصل انتفاضتهم، يا ايها الخائفون على الانتفاضة او منها.

المنتفضون يعرفون، أن البلد – لولا الانتفاضة - كان ذاهبا لا محالة الى الانهيار، على كل المستويات المالية والاقتصادية والوطنية، وما يرافقها من انهيارات معنوية واخلاقية، ولأنه لا يوجد شيء ناجز وجاهز اسمه انتفاضة، لا يمكننا ان نسألها الى اين انت ذاهبة.

يوجد فقط انت وانا، هي وهو، وجميع المنتفضين، الذين يصنعون الانتفاضة.

وهناك ايضا، الـ"كلن يعني كلن"، الذين يعرقلون او يقمعون او يتآمرون على الانتفاضة، حتى لا تذهب الى حيث يريدها المنتفضون ان تذهب.

نعم، الانتفاضة تذهب الى حيث نريدها نحن ان تذهب، وواقعيا، الى حيث نستطيع بقوانا الذاتية ان نجعلها تذهب.

لقد انتفضنا على من كان لديهم الاجوبة الصارمة والقاطعة، والذين كانوا يحددون لنا ماذا نفعل والى اين نذهب، وفي بعض الاحيان الى غير رجعة، اي الى الموت.

لقد كانوا يصنعون لنا تاريخنا، فتعودنا ان يكون مصيرنا معروفا، لذلك اصبح يقلقنا ان نمشي بمسار لا يكون مآله معروفا مسبقا.

بعد ان صرنا نحن من يصنع تاريخنا، اصبح لزاما علينا ان نتخلى عن هذه العادة الذهنية المقيتة، المعيقة لكل تطور وتغيير، التي لا تعطيك الحق في الحركة، الا اذا عرفت مسبقا الى اين ستصل.


الاتتفاضة صراع، ونتيجة الصراع لا نعرفها مسبقا، والذي يريدك ان تعرفها مسبقا، اما انه يخاف من الصراع، وإما انه لا يريدك ان تخوضه خوفا على مصالحه هو.

كنا ننتظر على شاشات التلفزيون، بترقب وقلق، ما سيقوله المسؤولون او غير المسؤولين، لنعرف مصير معيشتنا او اقتصادنا او حكومتنا او بلدنا.

صرنا ننتظر ما سيقوله المسؤولون او غير المسؤولين، لنعرف كيف سنواجه كل من يقف بوجه المصير الذي نحدده نحن لأنفسنا.

كنا رهائن، بأعصابنا وحيواتنا وبيوتنا وارزاقنا، في يد المحاور الاقليمية والدولية.

صرنا المحاور الاول لجميع المحاور، من خلال حركتنا، واصرارنا ان نكون مواطنين لبنانيين، احرارا مستقلين عن إرادة الآخرين.

لم يكن احد يبالي بنا، بماذا نشعر وماذا نريد.

اصبح الجميع يتهيب مشاعرنا وغضبنا، ويريد ان يعرف، لا بل يلح كي يعرف، من نحن وماذا نريد.

من نحن وماذا نريد، اسئلة نحاول الاجابة عنها بطريقة ديموقراطية، في حلقات حوار ننظمها تحت الخيم وفي ساحات الانتفاضة.

من نحن وماذا نريد، اسئلة نجيب عنها تباعا، في سياق الصراع نفسه، الذي نطور فيه بقدر ما نطور بأنفسنا.

الـ"نحن" نكتشفها معا بعيدا من الاصطفافات الطائفية والمناطقية والحزبية، والـ"ماذا نريد" نخطط لها بحرية، من خلال مزيج مبدع من المعرفة والارادة والامل.

الحر لا يسأل نفسه اين سأصل قبل ان ينتفض على الظلم، لكنه يعمل المستحيل، بعقله وقلبه وحركته، حتى يبني مجتمعا، لا يكون فيه للظلم موطئ قدم.

الحر لا يسأل نفسه اين سأصل قبل ان يتبع قلبه ويحب، لكنه يعمل المستحيل، بعقله وقلبه وحركته، حتى يبني لحبه بيئة مناسبة للحب.

لا خوف على الانسان الحر الذي ينتفض على الظلم، لا خوف على الانسان الحر الذي يتبع قلبه ويحب.

لا خوف على الانتفاضة حتى ولو لم نكن نعلم بعد، مسارها الى اين.

لقد حققت الانتفاضة على الطريق الكثير من الانجازت، اهمها الوحدة الوطنية واسقاط الحكومة ومنع مجلس النواب حتى الآن من اقرار قانون العفو، وتكليف الصفدي تأليف الحكومة.

لقد نظمت الانتفاضة البارحة مسيرة سيارة، انطلقت من عكار متوجهة الى صور في ما سمي "بوسطة الثورة".

لكن "البوسطة"، التي حملت معها مواطنين من المناطق التي مرت بها، توقفت في صيدا ولم تكمل الى صور والنبطية بعد اعتراضات عبرت عنها مجموعات من الجنوب.

هل ستتمكن بوسطة الانتفاضة من الوصول في المستقبل الى صور، فيكتمل مدلولها الوطني والسياسي؟

من المفيد ربما ان نذكّر شباب الانتفاضة اليوم، بأن آباءهم نظموا سنة 1987 وابان الحرب والمتاريس بين المناطق، "مسيرة المعوقين اللاعنفية من حلبا الى صور"، شارك فيها معوقون وغير معوقين من حركات مدنية مناهضة للحرب. وقد وصلت المسيرة الى صور.

انتفاضتكم ايها الشباب لها تاريخ ولو متواضع، وسيكون لها بالتأكيد مستقبل، كل المستقبل.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم