الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

أحداث مرت على ساحة الشهداء عبر التاريخ!

جاد محيدلي
أحداث مرت على ساحة الشهداء عبر التاريخ!
أحداث مرت على ساحة الشهداء عبر التاريخ!
A+ A-

ازداد الحديث في الفترة الأخيرة عن ساحة الشهداء في وسط بيروت، وذلك بعد اندلاع الاحتجاجات والتظاهرات في الأيام الأخيرة، والتي رفض فيها الشعب فرض الضرائب على الفقراء وطالب باستقالة الحكومة ووقف الهدر والفساد. وبعيداً عن معاناة الشعب اللبناني بسبب السلطة السياسية الفاسدة، لطالما كانت ساحة الشهداء مسرحاً للأحداث عبر التاريخ ومنبراً للمطالب. وسنقدم لكم أبرز ما حصل في هذه الساحة على مرّ الزمن:

كانت في البداية تُعرف بـ"بستان فخر الدين"، الذي كلّف مهندسين إيطاليين بناء قصور من حجارة قصور خصومه آل سيفا وحكام عكّار، فشيد قصراً في ضاحية بيروت الشرقية. لكن الخلافات السياسية دفعت أحد ورثة آل سيفا فيما بعد، إلى أن ينتقم فيهدم القصر ويشيد مكانه أملاكاً خاصة. وحرص الأمير فخر الدين المعني الثاني (1572-1635م) على أن يجعل من الأراضي المحيطة بقصره حديقة عامرة بأنواع الأشجار المثمرة والحيوانات الأليفة والمفترسة، مما يدل على أن شكل الساحة كان مختلفاً جداً عى الآن.

وفي أواخر القرن الثامن عشر، حكم بيروت أحمد باشا الجزار، الذي استطاع أن ينفرد بالسلطة على المدينة التي كان يحكمها الأمير يوسف الشهابي. والأمير يوسف كان حاكم المنطقة المعروفة يومذاك بجبل الدروز، محافظة جبل لبنان اليوم، وكانت بيروت من جملة أملاك الأمير. وتحصّن بها الجزار وامتنع عن تقديم الولاء للأمير يوسف الشهابي، وهو ما اضطر الأمير يوسف إلى أن يُوسّط أحد الإقطاعيين ظاهر العمر الزيداني، المتسلط على منطقة الجليل في فلسطين، ليقنع أصدقاءه القراصنة الروس المرابطين بأسطولهم في البحر، لكي يسترجعوا بيروت من الجزار مهما كان الثمن. وبالفعل، استجاب قائد الأسطول الروسي لطلب ظاهر العمر الزيداني وقذف بيروت بقنابله، ولكن المحاولة باءت بالفشل، لأن الجزار كان قد حصّن بيروت جيداً، ورمَّم قصر الأمير فخر الدين واتخذ منه برجاً لردّ غارات المعتدين. وفي تلك الفترة أطلق الناس على الساحة إسم "ساحة المدفع".

ومن ثم في عام 1831، وبعدما دخلت قوات إبراهيم باشا ابن محمد علي باشا إلى لبنان واتخذت من هذه الساحة معسكراً للجيوش المصرية، تم ترميم البرج القديم وزاد طوله وعرضه، الذي سمّاه أهل بيروت "برج الكشاف"، أو "برج الكشاش" بسبب كش الحمام وطرده من على سطحه، ولهذا السبب أصبحت تعرف الساحة بـ"ساحة البرج".

الحدث التاريخي الذي غيّر مصير هذه الساحة كان في عام 1916، وذلك عندما أعدم جمال باشا السفاح، 14 وطنياً لبنانياً وسورياً في الساحة، إثر خسارة الدولة العثمانية الحرب العالمية الأولى، متهماً إياهم بمساعدة الأعداء. وأمر جمال باشا بإعدام نخبة من المثقفين العرب من مختلف مدن سوريا ولبنان، بعدما ساق لهم مختلف التهم التي تتراوح بين التخابر مع الاستخبارات البريطانية والفرنسية للتخلُّص من الحُكم العثماني، إلى العمل على الانفصال عن الدولة العثمانية. ونُفذت أحكام الإعدام شنقاً في 6 أيار، بساحة البرج في بيروت، التي تحوّل إسمها الى ساحة الشهداء.

يذكر أنه عندما دخل الفرنسيون إلى بيروت عام 1920 بعد الانتداب، أنشأوا قوساً ليخلّدوا ذكرى الشهداء، وأقيم نصب صتعه النحّات يوسف الحويك من الصخر اللبناني، يمثل امرأة مسلمة وأخرى مسيحية يندبان على قبر. لكن تم هدمه إبان الاستقلال، لما اعتبره اللبنانيون رمزاً للخنوع والذل. وفي عام 1950، أمر رئيس الوزراء الراحل رياض الصلح بهدم السراي، لتوسيع الساحة وإنشاء مناطق تجارية حديثة، فأصبحت ساحة الشهداء قلب بيروت التجاري.

شهدت المنطقة في عام 1958 توترات بين المسيحيين والمسلمين، ومن ثم كلّف مجلس مدينة بيروت البلديّ النحات الإيطالي مارينو مازاكوراتي نحت نصب جديد للشهداء. وأنهى العمل بعد 30 شهراً بصنع تمثال يرمز إلى الحرية، تمثلها امرأة ترفع مشعلاً بيد وتحيط بيدها الأخرى شاباً وعلى الأرض أمامها ووراءها شهيدان، ليتم تدشين النصب رسمياً عام 1960. وخلال الحرب الأهلية الأخيرة التي امتدت من عام 1975 الى عام 1990 أصبحت الساحة خط تماس بين المسلحين. في عام 1991، أقيمت منطقة سوليدير كمشروع ضخم لإعادة إعمار وسط بيروت، أُعيد تأهيل وبناء الساحة بحسب مخططات حديثة، حيث أُنشئ مسجد محمد الأمين الضخمُ غرب الساحة، ورُمم نصب الشهداء، وعادت الساحة قلب العاصمة بيروت من جديد.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم