السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

من هو السلطان الذي دُفن جسده في تركيا وقلبه في المجر؟

جاد محيدلي
من هو السلطان الذي دُفن جسده في تركيا وقلبه في المجر؟
من هو السلطان الذي دُفن جسده في تركيا وقلبه في المجر؟
A+ A-

يُعتبر السلطان سليمان القانوني أبرز سلاطين الدولة العثمانية التي حكمها لمدة 46 عاماً، ويرى المؤرخون أن الدولة العثمانية بلغت في عهده ذروة قوتها، كما عُرف عنه عدله وحكمته، وازدهرت الدولة ومؤسساتها في عصره. ولد في عام 1494، وجلس على العرش بعد وفاة والده السلطان سليم الأول، وتحفل سيرته بالعديد من الإنجازات والأحداث المثيرة، ما بين الحروب والفتوحات والهيكلة الاجتماعية القوية. قاد خلال حياته 13 حملة عسكرية كبيرة، استطاع خلالها أن يُخضع جزيرة رودس، وهي جزء من اليونان حالياً، وأجزاء من بلاد فارس، وشمال أفريقيا، ومناطق واسعة من جنوب شرق أوروبا، كما هيمنت أساطيله على البحر الأبيض المتوسط، فكان عصره جديراً بأن يوصف بالعصر الذهبي للدولة العثمانية.

إلى جانب فتوحاته العسكرية، قام السلطان سليمان بالعديد من الإصلاحات الضرائبية، فجعل الضرائب متفاوتة، حسب دخل الأفراد، كما أسّس نظاماً إدارياً وقانونياً عادلاً، عمل على حماية مصالح المواطنين المسيحيين واليهود تحت ظل الإمبراطورية العثمانية. كان للسلطان سليمان العديد من الأبناء، أكبرهم الأمير مصطفى من زوجته الأولى ماهي دوران، كما أنجب أربعة من الأولاد وابنة واحدة من زوجته الثانية خرم سلطان، وكانت هناك مشاكل كثيرة حول الإبن الذي سيحكم العرش بعد أبيه. في عام 1566، قاد السلطان سليمان جيشه في حملة عسكرية متجهة إلى المجر، وعلى الرغم من فوز العثمانيين في معركة سيكتوار، فإن السلطان سليمان لم يشهد الانتصار. توفي السلطان سليمان القانوني بصورة طبيعية، في 7 أيلول 1566، أثناء حصار حصن سيكتوار في المجر. يعتقد العلماء أن قلب السلطان سليمان وأعضاءه الداخلية دفنت في المجر، بينما عاد جسده إلى القسطنطينية أي إسطنبول حالياً، وحُنطت جثته ووضعت في مسجد السليمانية في إسطنبول.

بحسب كتابات المؤرخ والمستكشف العثماني أوليا جلبي، فقد أزيل قلب السلطان سليمان وكبده وأمعاؤه، ووضعت في وعاء من الذهب، ودفن الوعاء في خيمته بجوار حصن سيكتوار، بسبب ارتفاع درجة الحرارة طول الطريق. أخفى مستشارو السلطان خبر وفاته لمدة 48 يوماً كي لا يتخلى الجنود عن القتال، وكي لا يجلس ابنه سليم الثاني على العرش أثناء وجودهم في المعركة، وتم تزوير خط يد السلطان على وثائق رسمية للحفاظ على سرّ وفاته. كما قاموا بتزييف موت أحد الخدم ليتمكنوا من نقل جثمان السلطان من المخيم دون علم أي شخص، وهو ما قد يشير إلى حرص المستشارين على عدم إشاعة الإحباط بين الجند والجيش إثر وفاة السلطان. ومع مرور الوقت تحوَّل مكان دفن أعضاء وأحشاء السلطان إلى ضريح كامل وأقيم بجواره مسجد، وحامية عسكرية صغيرة، وتحول هذا المكان حيث يوجد قلب السلطان مع مرور الوقت مزاراً دينياً. وبنى العثمانيون مدينة مُحيطة بالضريح خلال السبعينيات من القرن السادس عشر، أثناء الحكم العثماني للمجر، وسميت مدينة توربك، إلا أن المنطقة دُمرت بالكامل عندما استعادت العائلة الملكية بالنمسا المنطقة في نهاية القرن السابع عشر.

موّلت الحكومتان التركية والمجرية عام 2014 مشروع بحث من أجل معرفة مكان القبر الذي دفن فيه قلب وأحشاء السلطان سليمان، أجراه الدكتور نوبرت باب، رئيس قسم الجغرافيا السياسية والدراسات الإقليمية والتنموية بجامعة بيتش المجرية. واعتمد المشروع على فحص الوثائق والخرائط القديمة، واستخدام المحاكاة الحاسوبية في إعادة تصور المكان. من ضمن الوثائق كانت هناك شهادة لأحد الأشخاص، تصف مكان الضريح وموقعه بالتفاصيل، وعندئذ اهتدى الفريق إلى المكان فوق تلة مزرعة للكرم. يوجد اليوم جسد السلطان سليمان المفرغ من أحشائه في ضريح بجامع السليمانية أو مسجد السلطان سليمان، ولا يوجد أي مشروع لضمّ بقاياه مع ضريحه.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم