الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

قصّة الحضارة التي انهارت قبل 4 آلاف عام بسبب التغيّر المناخي!

جاد محيدلي
قصّة الحضارة التي انهارت قبل 4 آلاف عام بسبب التغيّر المناخي!
قصّة الحضارة التي انهارت قبل 4 آلاف عام بسبب التغيّر المناخي!
A+ A-

تشكو دول كثيرة في العالم من التغير المناخي وتأثيره المباشر والسلبي على البيئة وحياة الإنسان، ورغم كل الكوارث البيئية، لا يزال كثيرون لا يؤمنون بوجود شيء يسمى "التغيّر المناخي". لكن منذ نحو 4 آلاف سنة حصل ما لم يكن في الحسبان، وذلك عندما هجر سكان حضارة هارابا مُدنها لسببٍ ظل لوقت طويل غير مفهوم، تاركين مبانيها الخاوية تتحلل وراءهم، والآن يعتقد العلماء أن الطقس أو التغيّر المناخي هو السبب.

وبالعودة إلى التاريخ، كانت حضارة هارابا في وادي السند، أو ما يعرف الآن بـ"باكستان"، تتمتع بازدهار اقتصادها، بالإضافة إلى التجارة مع الشعوب الأخرى. إلا أنّه وبحلول عام 1800 قبل الميلاد، انتقلوا من مدنهم المتقدمة إلى قرى صغيرة حول التلال السفحية لجبال الهيمالايا. وبقي انهيار هذه الحضارة الكبيرة لغزاً يحير العلماء، حسبما ورد في تقرير لمجلة Science Alert الأوسترالية، إلى أن كشفت دارسة جديدة نُشرت في مجلة Climate of the Past، أن السبب المرجح لانهيار هذه الحضارة هو التغير المناخي الذي دفع السكان إلى هجرة أراضيهم. ولكن لم يكن الاحترار هو السبب، بل كان عصراً جليدياً صغير النطاق تسبّب في تغيرات في التوازن الحراري بين نصفي الكرة الأرضية، ما أدى إلى زيادة فترات هبوب الرياح الموسمية المطيرة شتاءً، واختفائها تدريجياً في فصل الصيف. وأثَّر ذلك سلباً على الزراعة وباتت المحاصيل غير كافية.

وفي هذا الإطار، قال الخبير الجيولوجي ليفيو جيوسان من معهد وودز هول لعلوم المحيطات: "جعلت الرياح الموسمية الصيفية المتقلبة الزراعة صعبة على طول نهر السند". ولكن الأمر ازداد سوءاً عندما توقفت هذه الرياح الموسمية الصيفية الممطرة، وحلَّت بدلاً من الرياح الشتوية الأقل رطوبة. وبسبب هذه التغيرات المناخية التي أصابت مناطقهم في وادي السند، اضطر السكان إلى الهجرة إلى جبال الهيملايا، بعد أن تغيرت الظروف المناخية التي تعودوا عليها. إذ إن التغير المناخي جعل سفوح جبال الهيملايا مناسبة أكثر لهم. فعندما ضربت العواصف الشتوية القادمة من منطقة البحر المتوسط جبال الهيملايا، تسبَّبت في هطول أمطار على الجانب الباكستاني من هذه الجبال، وأصبحت تُغذّي القليل من جداول الأنهار هناك. ومقارنة بالفيضانات الناجمة عن الرياح الموسمية التي اعتاد شعب هارابا رؤيتها في وادي السند، كانت المياه في أعالي جبال الهيملايا قليلة نسبياً، ولكنَّهم على الأقل كانوا يستطيعون الاعتماد عليها.

ويأتي الدليل على هذا التغير في الرياح الموسمية من رواسب قديمة في قاع بحر العرب. بحيث أخذ جيوسان وفريقه عينات جوفية من عدة مواقع، ودرسوا طبقات الرواسب للبحث عن علامة تدل على الرياح الموسمية الشتوية. وكانت تلك العلامة هي نوعٌ من العوالق أحادية الخلية، التي لها غلاف محاري، تسمى المنخربات. فعندما تهب الرياح الموسمية في فصل الشتاء، تصبح هناك طفرة في الحياة النباتية والحيوانية في المحيطات. كما تأتي الرياح القوية بالمُغذِّيات من أعماق المحيط إلى السطح عبر عملية تعرف باسم تصاعد التيارات. وقدَّمت هذه المنخربات المتحجرة والموجودة في قلب الترسبات أدلة على هبوب هذه الرياح الموسمية الشتوية. وفور تحديد ذلك، تمكن الفريق من النظر إلى الحمض النووي المحفوظ في الرواسب. ولأنَّها بيئة منخفضة الأكسجين، كان هذا الحمض النووي محفوظاً بعناية، وهو في الأساس انعكاسٌ لكل شيء كان يعيش هناك.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم