السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

ريتال الضحية المرعوبة... الحماية حقها

المصدر: "النهار"
ريتال الضحية المرعوبة... الحماية حقها
ريتال الضحية المرعوبة... الحماية حقها
A+ A-

هذه صرخة لا تنحو صوب الغوص في خلاف عائلي ونزاع بين أب وأم استمر بعد الطلاق. وهذه المرة لا تستهدف الصرخة المطالبة فقط بترك حضانة الأولاد لأمهاتهم في أعمارهم الطرية. في حالة ريتال الغندور، جلّ ما يعنينا هو ريتال ابنة السبع سنوات وصراخها وبكاؤها وصحتها النفسية وحقها كطفلة بأن تنعم بحقوقها كاملة، وعلى رأسها الحماية. فلا تجبرها منظومة شرعية-قانونية-أمنية على الدخول إلى مخفر، لإتمام عملية تسليم قسرية لأبيها.

القصة بدأت منذ 4 سنوات حين نشب النزاع بين السيدة حنين وزوجها، وأدى إلى طلاقهما بعد عامين. وذهبت حضانة ابنتهما الوحيدة ريتال إلى الوالدة تطبيقاً لحكم المحكمة الشرعية السنية التي تعطي حق حضانة الأولاد للأم بعد الطلاق حتى عمر الـ12 عاماً. 

وخرج النزاع إلى العلن والرأي العام بعد نشر الأم فيديو يوثق بكاء ابنتها وصراخها في اللحظة التي أخذها والدها الدركي عنوة من المخفر إلى منزله تطبيقاً قسرياً لحقه في المشاهدة مرتين أسبوعياً. وواجه الوالد مشكلة رفض ابنته في الشهرين الماضيين الذهاب إليه، وبكائها في كل مرة حاول ذلك، وهو يتهم الأم بتحريضها وزرع أفكار سوداوية عنه في رأسها.

وبعد الغضب العارم على "السوشيل الميديا"، أوضحت قوى الأمن مسار القضية، مبينة نزاعاً بين الأم والأب على تطبيق حق المشاهدة، ومؤكدة تمنُّع الفتاة عن الذهاب مع والدها.

ولا يفي بيان قوى الأمن بالغرض، إذ يشرح ملابسات دفاعية في مواجهة من حصر القضية بكون الأب يرتدي هذه المرة بدلة قوى الأمن، واستخدم سطوته ليُخرج الطفلة غصباً عنها من المخفر. البيان وضع القوى الأمنية في خانة من ينفذ القانون، علماً أن السهام لا توجه إلى عنصر من المنظومة التي تنتج خلل تطبيق احكام الحضانة من دون آخر، وعلى رأسها المحاكم الدينية. ذلك أن المدان هو تعريض طفلة لترويع نفسي وانتهاك طفولتها بهذا الشكل المخيف الذي عبّر عنه الصراخ الرهيب، حين باتت محل نزاع يتجاهل تكوينها الطفولي. حان الوقت ليتحرك المسؤولون ويتخذوا قراراً حاسماً بعدم إدخال أي طفل إلى مخفر والى تنظيم مختلف لنزاعات الحضانة التي تزيد المحاكم الدينية وقوانينها من تعقيداتها. تنظيم يضع حقوق الطفل وحمايته على رأس أولوياته.

رواية الأم

الأم حنين فارس وهي مدرسة لغة إنكليزية ترفض رواية قوى الأمن أو أن تكون في موقع تحريض ابنتها على كره والدها، وتنسُب إلى الأخير أفعالاً وأقوالاً ساهمت في نبذ الطفلة فكرة الذهاب إليه خلال يومي المشاهدة الأسبوعي. 

المؤلم فيما كشفته الأم لـ"النهار" أنها ليست المرة الأولى التي تحصل فيها نوبة الصراخ من قبل الفتاة في المخفر، "اعتدنا الأمر في كل مرة يحين وقت ذهابها إلى والدها".

ولماذا قررت حنين اللجوء إلى "السوشيل ميديا"؟ تجيب: "أردت حماية ابنتي من والدها، فأنا لا أطمئن حين تنام عنده وهو يجعلها تنام إلى جانب قريبها البالغ من العمر عشر سنوات، وهذا مرفوض في ثقافتنا"، على حد قولها.

وتنفي الأم وجود مندوبة أحداث في المخفر، وتقول إن "في مرة سابقة تواصلت القوى الأمنية مع القاضية وأطلعوها على بكاء الطفلة، فرفضت أن تسلم إلى أبيها في هذه الحالة".

وتقر حنين التي مضى على طلاقها من زوجها عامان، أن الطفلة هي ضحية أمها وأبيها، والخلافات المستمرة و"الجكارات"، متحدثة عن تفوق الطفلة في المدرسة وحصولها على منحة، لكن "ذهاب والدها المتكرر إلى المدرسة لرؤيتها يعكر وضعها النفسي". وهنا تشير إلى امتلاكها تقريراً طبياً يوثق حالة الطفلة النفسية المضطربة نتيجة الضغوط التي تتعرض لها.


وبعد ردود الفعل العارمة على "السوشيل ميديا" والتوضيح الذي صدر عن قوى الأمن الداخلي، اعتبر وزير العدل ألبرت سرحان أنه "أيّاً يكن حال الطفل كان يقتضي وجود مندوبة الأحداث".

وقال لـ"النهار" إن القانون واضح وصريح على هذا الصعيد، ويقتضي الاطلاع على معطيات القضية".

وفي السياق، ذكر المدعي العام لدى ديوان المحاسبة قاضي الأحداث سابقاً والذي يحاضر في هذه المادة في معهد الدروس القضائية، القاضي فوزي خميس لـ"النهار" أن "وجود مندوبة الأحداث ضروري".

وقال: "كان من الأفضل وجود مندوبة أحداث، خصوصاً أن ثمة تعميماً صادراً في هذا المجال يوجب حضورها، وليس من الضروري وجودها في الحالات العادية، ولكن في حالة المشاهدة المتعثرة من الأفضل وجودها لتساعد على تخطي الوضع غير العادي".

ولدى سؤاله عن الفيديو الذي انتشر وسمعت فيه الطفلة تصرخ وتبكي، وكيف التصرف في هذه الحالة، أجاب القاضي خميس: "من الناحية القانونية الوالد ينفذ القانون بموجب قرار قضائي، ولكن من الناحية الإنسانية يوجد ظلم يقع على الطفلة، فلا يجب تنفيذ هكذا قرار عند وجود مشكلة، وما يحصل للأسف أنه يجري التحصن بوجود قرار قضائي، وما دامت الطفلة كانت تصرخ فمن الأفضل تركها مع والدتها".

‎يتحوّل بكاء الطفلة مادة دسمة لتوثيقه من الأم بالفيديو، وكذلك كل كلمة سلبية تثبت نبذها للأب. والأخير يجهد بدوره لتوثيق بسمة للطفلة وهي في منزله لإثبات العكس. ريتال ليست سلعة لتصفية الحسابات و"الجكارات"، وحقها علينا جميعاً هو حمايتها بضغط الرأي العام وتعديل القوانين المتصلة وتغيير المنظومة التي تستخف بكيفية التعامل مع الأطفال ومراعاة مشاعرهم وطفولتهم. يجب أن يوقظ صراخ ريتال الضمائر.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم