الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

النفط السعودي تحت مرمى "المسيَّرات"... أخطر اضطرابات تضرب أسواق النفط منذ حرب الخليج

المصدر: "النهار"
موريس متى
النفط السعودي تحت مرمى "المسيَّرات"... أخطر اضطرابات تضرب أسواق النفط منذ حرب الخليج
النفط السعودي تحت مرمى "المسيَّرات"... أخطر اضطرابات تضرب أسواق النفط منذ حرب الخليج
A+ A-

"الاعتداءات على المنشآت النفطية السعودية" هو عنوان نهاية الاسبوع الفائت مع ما حمله من تداعيات صباح الاثنين بالنسبة لأسعار النفط عالمياً نتيجة المخاوف حيال تعطل الإمدادات، خاصة وأن المملكة العربية السعودية تعتبر أكبر منتجي النفط عالمياً، فيما تبنّى الحوثيون في اليمن الهجمات على المملكة.

تسببت هجمات بواسطة طائرات مسيّرة، السبت، بانفجارات أدت إلى اندلاع حرائق كبيرة في منشأة بقيق التي تعتبر أكبر منشأة في العالم على صعيد معالجة النفط وتكريره، بالإضافة إلى منشأة خريص المجاورة التي تضم حقلاً نفطيًا شاسعًا شرق المملكة، ما أدى إلى توقف نصف إنتاج النفط السعودي. بالفعل، السعودية أكبر مُصدر للنفط في العالم، وتسبب الهجوم على المنشأتين التابعتين لأرامكو السعودية المنتجة للخام المملوكة للدولة، إلى خفض إنتاج النفط بنحو 5.7 ملايين برميل يومياً من أكثر من 10.5 ملايين برميل يومياً، أي أن "الهجوم شلّ نصف الإنتاج السعودي تقريباً، ما يمثل حوالى 5% من الإنتاج العالمي".

إرتفاع جنوني للأسعار

هذه الهجمات دفعت بأسعار النفط إلى الارتفاع بنسبة 20% صباح الاثنين، مسجلة أكبر ارتفاع خلال الجلسة نفسها منذ 1991 وحرب الخليج في ظل الشكوك التي تحوم حول قدرة المصدِّر الأول للنفط الخام في العالم على العودة إلى مستوى الإنتاج الاعتيادي، حتى وصف بعض المراقبين ما حصل بأخطر بلبلة لسوق النفط في التاريخ. وصعدت أسعار النفط نحو 20 % إذ سجل خام برنت أكبر مكسب خلال الجلسة منذ حرب الخليج في العام 1991، وقفزت العقود الآجلة لخام برنت بحوالي 19.5% إلى 71.95 دولاراً للبرميل مسجلاً أكبر مكسب خلال التعاملات اليومية منذ 14 كانون الثاني 1991 ليعود ويتراجع إلى 65.77 دولاراً للبرميل، فيما وصلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي إلى 63.34 دولاراً للبرميل، وهو أكبر مكسب بالنسبة المئوية خلال يوم منذ 22 حزيران 1998. ليعود إلى 59.54 دولاراً للبرميل بعد أن سمح الرئيس الاميركي دونالد ترامب باستخدام المخزون الاستراتيجي لبلاده لضمان استقرار الإمدادات. واحتياطيات النفط الاستراتيجية الأميركية الموجودة في مستودعات تحت الارض على ساحلي تكساس ولويزيانا تبلغ حالياً 645 مليون برميل أو الكمية التي تستهلكها الولايات المتحدة في شهر واحد تقريبًا. ولدى الولايات المتحدة 416.1 مليون برميل أيضاً من المخزون التجاري، بحسب أحدث بيانات لإدارة معلومات الطاقة. وتحتفظ شركات إنتاج النفط والمصافي والمتعاملون بهذه الكمية. أما السعودية، فأكدت بدورها أنها ستستخدم النفط الموجود في مستودعاتها لتوريد شحنات للعملاء. ولدى المملكة احتياطي يبلغ 188 مليون برميل، بحسب مذكرة من مجموعة رابيدان إنرجي، يوم السبت.

ترامب يهدّئ الأسواق

ومساء الأحد، خرج الرئيس الأميركي دونالد ترامب معلناً أنه سمح بالسحب من مخزون النفط الاستراتيجي عند الضرورة بسبب الهجوم على منشأتي نفط في السعودية. وقال ترامب على تويتر "استناداً إلى الهجوم على المملكة العربية السعودية، والذي قد يكون له تأثير على أسعار النفط، سمحت بالسحب من مخزون النفط الاستراتيجي إذا لزم الأمر، وستكون الكمية التي سيتم تحديدها كافية للحفاظ على إمدادات السوق جيدة".

عودة الأمور إلى طبيعتها؟

وفي سياق متصل، أشار مصدران مطلعان على عمليات أرامكو السعودية إلى أن عودة الشركة بالكامل إلى إنتاج النفط بكميات طبيعية "ربما تستغرق شهورا". وقال مصدر بقطاع النفط مطّلع على التطورات لرويترز، إن صادرات السعودية من النفط ستستمر كالمعتاد هذا الأسبوع إذ تستخدم المملكة المخزونات من منشآتها الكبرى. ويتوقع بعض الخبراء أن تتمكن الرياض سريعاً من تعويض ثلث إنتاجها المفقود، وقد وعدت باستخدام احتياطاتها الهائلة لاستيعاب الصدمة. كما قال مصدران لرويترز إن شركة أرامكو السعودية أخطرت بعض العملاء بأنه تم استئناف تحميل السفن بعدما تعطل جراء الهجمات، وقالت ثلاثة مصادر من شركات تكرير آسيوية كبرى، بينهم أحد المصدرين اللذين اطّلعا على إخطار التحميل، لرويترز، إن تحميل ناقلاتهم النفطية يمضي بشكل طبيعي اعتباراً من اليوم الإثنين. وقال مصدر مطلع إن أرامكو السعودية عدّلت نوع الخام المُحمَّل على ناقلة من المقرر أن تتجه إلى آسيا، إلى الخام العربي الثقيل من الخام الخفيف. وقال المصدر إن من غير الواضح ما سبب التعديل. وكانت شركة إنرجي أسبكتس للاستشارات قالت الأحد إن جودة الخام العربي الخفيف والخام العربي الخفيف جداً ربما تأثرت بكميات زائدة من كبريتيد الهيدروجين.

سوق النفط متينة

وأكد وزير الطاقة الأميركي ريك بيري أن سوق النفط متينة، وأن استجابتها للهجوم على قطاع النفط السعودي ستكون إيجابية. وفي كلمة ألقاها أمام المؤتمر العام السنوي للدول الأعضاء في الوكالة الدولية للطاقة الذرية اعتبر أنه "رغم جهود إيران الخبيثة، واثقون بشدة من متانة السوق وفي أن استجابتها ستكون إيجابية". وكرر موقف حكومته بأنها مستعدة لاستخدام الاحتياطي البترولي الاستراتيجي "الذي يحوي ما يعادل استهلاك الولايات المتحدة النفطي في شهر".

وكالات ومؤسسات دولية

• "ستاندرد آند بورز"

تأثير ما حدث من هجمات على سوق النفط سيكون محدوداً في المدى القريب.

• جولدمان ساكس

قال جولدمان ساكس إن توقفاً في الإنتاج لمدة تتجاوز ستة أسابيع بسبب الهجوم بطائرات مسيّرة على منشأتي نفط سعوديتين مطلع الأسبوع الحالي قد يجعل سعر خام برنت يتجاوز 75 دولاراً للبرميل، رغم أن مدى تأثير الهجوم لم يتحدد بعد. وتعطل الإنتاج لهذه المدة في ظل المستويات الحالية لن يؤدي إلى زيادة أسعار خام برنت فحسب، بل سيؤدي أيضاً إلى السحب من الاحتياطات البترولية الاستراتيجية "بكميات كبيرة بما يكفي لسد مثل هذا العجز لعدة أشهر وجعل الأسعار على مستوياتها الحالية".

• بنك باركليز

الهجمات لن تخفّض على الأرجح صادرات النفط السعودية بنسبة كبيرة لوجود مخزون كبير من النفط الخام والمنتجات البترولية لدى السعودية.

• وكالة موديز للتصنيف الائتماني

اعتبرت وكالة موديز للتصنيف الائتماني أنه سيكون للهجمات تأثير سلبي على التصنيف الائتماني، وأن تعطل الإنتاج كبير، وتوقع تأثيراً محدوداً على الأجل الطويل على المركز المالي لأرامكو السعودية، نظراً لميزانيتها العمومية المتينة والاحتياطيات القوية لديها. رغم ذلك، سلّط هذا الحدث الضوء على الروابط الائتمانية بين الشركة والمملكة من حيث التركيز الجغرافي، والأكثر أهمية الانكشاف على المخاطر جيوسياسية.

روسيا تطمئن

أما وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك فقال للصحافيين إن هناك مخزونات عالمية كافية لتعويض إمدادات النفط التي فقدتها السعودية مؤقتاً بفعل الهجمات على منشأتين نفطيتين لشركة أرامكو. ولدى سؤاله عما إذا كانت روسيا مستعدة لزيادة إنتاجها، قال نوفاك إن على السعودية أن تقدّم أولاً تقديرها لتبعات الهجوم.

وأضاف "لكن الآن، نعلم أن العالم لديه مخزون تجاري كاف لتغطية النقص... على الأجل المتوسط"، مضيفاً أنه يعتزم إجراء اتصال مع نظيره السعودي، وقال نوفاك إن روسيا ملتزمة تماماً بتعهداتها وفق اتفاق عالمي لإنتاج النفط، وإنه من المبكر الحديث عن أي تغيير محتمل في مستويات الإنتاج. وأشار نوفاك إلى أنّ لا حاجة لعقد اجتماع استثنائي لدول "أوبك" وحلفائها، قائلاً إن معايير اتفاق إنتاج النفط العالمي لم تتغير.

الإمارات تطمئن أيضاً

بدوره، قال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي إن بلاده قادرة على زيادة الإنتاج لمواجهة أي تعطل للإمدادات، ولكن من السابق لأوانه عقد اجتماع طارئ لمنظمة أوبك. وصرح المزروعي للصحافيين في أبوظبي "لدينا طاقة إنتاجية فائضة، هناك كميات يمكن استغلالها في الاستجابة الفورية". وأضاف أنه إذا دعت السعودية لاجتماع طارئ لأوبك، "سنتعامل مع الأمر".

وكالة الطاقة الدولية وأوبيك

وفي سياق متصل، بحث أمين عام "أوبك" محمد باركيندو تطورات سوق النفط مع رئيس وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول بعد الهجمات، وقد أظهرا علامات الرضا على احتواء السلطات السعودية للوضع، وفقًا لما ذكره مصدر بالمنظمة لوكالة "رويترز". وأشار المصدر إلى أن عقد اجتماع طارئ لمجموعة "أوبك +" غير مطروح في الوقت الحالي. هذا، وصرّح وزير النفط الروسي ألكسندر نوفاك أيضًا في وقت سابق اليوم، أنه لا حاجة لعقد اجتماع استثنائي لدول "أوبك" وحلفائها. وأوضح المصدر أن باركيندو وبيرول اتفقا على استمرار متابعة السوق والإبقاء على التواصل الدوري في الأيام المقبلة. وتعليقاً على الهجمات، بدأت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبيك" تقيم على سوق الخام، مضيفة أنه من السابق لأوانه اتخاذ أي إجراء لزيادة الإنتاج أو عقد اجتماع للمنظمة.

تحذيرات...

وفي سياق متصل أيضاً، حذرت موسكو الأسرة الدولية من أي "استنتاجات متسرعة" للهجمات التي ضربت المملكة، وقال المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف للصحافيين "ندعو جميع البلدان إلى الإحجام عن أي عمل أو استنتاج من شأنه التسبب بتفاقم الوضع". وحضت الصين كلا الولايات المتحدة وإيران على "ضبط النفس" وتفادي "أي تصعيد للتوتر في المنطقة". وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية هوا شونيينغ إنه "في غياب تحقيق نهائي يسمح باستخلاص استنتاجات، قد لا يكون من المسؤول تصور الجهة التي ينبغي تحميلها مسؤولية" الهجوم. كذلك دعا الاتحاد الأوروبي إلى لزوم "أكبر قدر ممكن من ضبط النفس وخفض حدة التوتر"، وقالت المتحدثة باسم وزيرة الخارجية الأوروبية فيديريكا موغيريني "من المهم التثبت بوضوح من الوقائع وتحديد المسؤولية في هذا الهجوم المؤسف". من جهته، أكّد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أنّ "للمملكة الإرادة والقدرة على مواجهة هذا العدوان الإرهابي والتعامل معه".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم