الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الحِداد بين الواقع والنكران... ما الحلول؟

المصدر: "النهار"
كارين اليان
كارين اليان
الحِداد بين الواقع والنكران... ما الحلول؟
الحِداد بين الواقع والنكران... ما الحلول؟
A+ A-

لدى خسارة شخص عزيز، نشعر عادةً بأن الحياة لن تعود كما كانت، وأن السعادة لن تدخل إلى قلوبنا بعدها. بشكل عام يبدأ الحزن من اللحظات الأولى، فيما يقع البعض تحت تأيثر الصدمة إلى أن يعوا حقيقة ما حصل. لكن ثمة أشخاصاً أيضاً يتفاعلون بطريقة مختلفة مع خسارة شخص عزيز فيتابعون حياتهم وكأن شيئاًَ لم يكن وكأنهم لم يتقبلوا الفكرة أو لم يتمكنوا من استيعابها أو أنهم يرفضونها تماماً. أياً كان السبب الذي يدفعهم إلى التفاعل بهذه الطريقة، تنقسم آراء الآخرين ما بين الذين ينتقدونهم على تصرفاتهم اللامبالية وما بين الذين يقدّرون قوتهم، إلا أن الحقيقة قد تكون في غير ذلك، بحسب الاختصاصية في المعالجة النفسية سينتيا باخوس التي توضح وقع الحزن والحداد على كل شخص بحسب شخصيته وطبيعته.في مجتمعنا، يبدو لنا أن الحداد هو تعبير عن غرقنا في الحزن جراء خسارة شخص عزيز أو قريب. أما من وجهة النظر النفسية، وبحسب باخوس، فان "الحداد هو عبارة عن عملية نفسية تمكّن الشخص من الانفصال تدريجاً عن شخص محبوب خسره. فهو عبارة عن ألم يمكن اختباره لدى وفاة شخص عزيز. فالحداد، بعيداً عن نظرة المجتمع والمعتقدات والعلاجات، يساعد الإنسان على تخطي مرحلة مؤلمة من حياته لدى خسارة شخص يحبّه". وبالتالي قد يكون للحداد دور إيجابي في مساعدتنا على التعبير عن حزننا للخروج من هذه المرحلة تدريجاً، خصوصاً أن الحداد يعني تقبل فكرة خسارة الشخص القريب حكماً.

من جهة أخرى، تشير باخوس إلى أن لدى خسارة شخص عزيز نحتاج عادةً إلى دعم المحيطين وتعاطفهم. إذ يساعد الشخص الذي يغوص في الحزن في هذه الحالة، أن يفهم المحيطون معاناته من دون أن يحاولوا الاستيلاء عليها. وتضيف باخوس أن الحداد يحصل عادةً في خمس مراحل:

1- الصدمة وإنكار الواقع: وتكون هذه المرحلة من الحزن قصيرة لدى اكتشاف الخسارة. في هذه المرحلة يرفض الشخص تصديق ما حصل. وقد تكون هذه الفترة هنا أكثر حدةً أو أقل ربما، لكن بشكل عام تبدو العواطف فيها غائبة تقريباً. "تحت وقع الصدمة يمكن أن يصاب الشخص بالإغماء وقد يعاني التقيؤ . هذا إلى أن يعي حقيقة الخسارة مع تخطي هذه المرحلة القصيرة".

2- الغضب: هي مرحلة تتميز بالشعور بالغضب عند إدراك الخسارة. وقد يواجه الشخص هنا إحساساً بالذنب أحياناً. هي الفترة التي يطرح فيها التساؤلات.

3- المساومة: هي مرحلة من التفاوض

4- الاكتئاب: هي مرحلة طويلة من عملية الحداد لدى فقدان شخص عزيز وتتميز بالحزن الشديد والتساؤلات والضيق النفسي. كما تترافق أحياناً لدى البعض مع أعراض جسدية كالأرق وفقدان الشهية والآلام الجسدية وغيرها من الأعراض. هذا إضافةً إلى "الألم العقلي" الذي يظهر من خلال أعراض ناتجة عن الحالة النفسية كعدم التركيز وفقدان الثقة بالنفس. مع الإشارة إلى أنه في هذه المرحلة قد يشعر البعض بأنهم لن يتابعوا مرحلة الحداد بسبب ما عاشوه من مشاعر قاسية وحزن كبير. بشكل عام يختلف طول هذه المدة بين شخص وآخر.

5- مرحلة القبول: هي المرحلة الأخيرة من الحداد حيث يتاقلم الشخص الذي فقد شخصاً عزيزاً، من جديد مع حياته بمكوناتها الحالية بعد خسارة الشخص الذي توفي. هنا يتقبل الواقع ويتفهمه ويدرك الخسارة كما هي. وفي هذه المرحلة يقى الشخص يشعر بالحزن لكنه يعود إلى عمله وإلى حياته ويكون قد أعاد تنظيم حياته وفق الخسارة.فترة إنكار طويلة أحياناً

تؤكد باخوس أن مرحلة إنكار الواقع والخسارة قد تكون طويلة أحياناً لدى البعض. فيبدو واضحاً أن تسلسل المراحل التي من يفترض أن يمر بها الحداد لا يكون بالشكل البطيعي. وهذا أيضاً يعتبر طبيعياً، إذ أن البعض يحتاج إلى عيش الحداد والتعبير عن الحزن بطريقة مختلفة. "حتى إنه يلاحظ أن البعض يحتاج إلى العودة إلى الوراء ليتقدم في حياته باتجاه الموت وخسارة الشخص القريب. من جهة أخرى، ثمة أشخاص يعجزون عن التقيّد بالعادات والتقاليد، وبشكل خاص في أوقات الحزن أو في حال خسارة شخص عزيز. فيحصل هنا تمرد على التقاليد في الظاهر. لكن في الواقع يعاني هذا الشخص من تخبط الأفكار في ذهنه في محاولات لإيجاد الطريقة التي تريحه بشكل أفضل ليتخطى مرحلة الحزن التي لا بد من أن تكون موجودة بطريقة أو بأخرى. أما بالنسبة إلى ارتداء اللباس الأسود فيرتبط بالعادات في مجتمعات معينة بحسب درجة القرابة ولأسباب اجتماعية بحتة ". في كل الحالات، تشدد باخوس، على أنه أياً تكن طريقة الشخص في التعبير عن حزنه، ثمة حاجة إلى مشاطرته أحاسيسه من قبل المحيطين. ويجب على هذا الشخص ألا يهرب منها وأن يخفيها إذ لا جدوى من ذلك وهي مرحلة لا بد من المرور بها. كما لا بد من الإشارة إلى أن كل شخص يعبر على طريقته في فترة الحداد، ففيما يحتاج البعض إلى الاهتمام، يختار آخرون العزلة والهدوء. كما قد يفضل البعض اللجوء إلى ما يشغلهم للحد من الحزن. وهذه الحالات تعتبر كلّها طبيعية لكنها تختلف بحسب شخصية كل شخص.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم