الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

كيف نواجه مشكلة ندرة المياه المتنامية في منطقة الشرق الأوسط؟

إبراهيم الزعبي
كيف نواجه مشكلة ندرة المياه المتنامية في منطقة الشرق الأوسط؟
كيف نواجه مشكلة ندرة المياه المتنامية في منطقة الشرق الأوسط؟
A+ A-

"لا تترك أحداً يتخلف عن الركب" .. كانت هذه رسالة اليوم العالمي للمياه هذا العام. هذه الرسالة التي تعد أحد المبادئ الأساسية ضمن أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، هي بمثابة دعوة قوية لتضافر الجهود عالمياً، وهي أيضاً تصور لعالم لا تواجه فيه المناطق التي تعاني الإجهاد المائي التحدي نفسه في المستقبل. إن الماء مورد ثمين لكل أمة، لكن يتعين على المناطق التي تعاني شح المياه العمل بشكل استباقي لإيجاد طرق مستدامة ومبتكرة تضمن الحصول على مياه آمنة ونظيفة للجميع.

وتعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر المناطق التي تعاني ندرة المياه في العالم، حيث يمتلك ما يزيد على 60% من سكان المنطقة وصولاً محدوداً أو منعدماً للمياه الصالحة للشرب، كما أن أكثر من 70% من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة معرض لإجهاد مائي مرتفع أو شديد الارتفاع، وهو معدل كبير مقارنةً مع المتوسط العالمي الذي يبلغ 22%. ووفقاً للبنك الدولي، تعاني منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أيضاً أكبر الخسائر الاقتصادية المتوقعة جراء ندرة المياه الناتجة عن الظروف المناخية، والتي تقدر بنسبة تتراوح بين 6 و14% من إجمالي الناتج المحلي للمنطقة بحلول عام 2050. وتشكل هذه الندرة تهديداً رئيسياً للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة على المدى البعيد. ويعد الوصول إلى المياه أيضاً أحد العوامل ضمن العديد من الصراعات على مستوى المنطقة.

وتعتمد المنطقة بشكل مكثف على تحلية المياه، حيث تضم تقريباً نصف قدرات تحلية المياه على مستوى العالم. وكونها عملية تتطلب استهلاكاً كثيفاً للطاقة، فإن تحلية المياه لها بصمة كربونية كبيرة. ويسهم ذلك في التغير المناخي وارتباطه بالإجهاد المائي.

وتكمن فرصة مواجهة هذه التحديات في إعادة تدوير المياه الرمادية (المياه الناتجة عن تصريف الأجهزة مثل مكيفات الهواء والغسالات أو المياه الناتجة عن الاستحمام). وبسبب المناخ الحار والرطب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يرتفع استخدام أجهزة مكيفات الهواء بشكل كبير. ويتم الحصول على المياه الناتجة عن التكثيف، والتي عادةً ما تذهب مباشرة إلى الصرف الصحي، بشكل طبيعي وبدون أي تكاليف، كما أنه يمكن جمعها ومعالجتها بسهولة والاستفادة منها في مجموعة متنوعة من الاستخدامات باستثناء الشرب.

وعلى الصعيد العالمي، تقدر نسبة المياه الرمادية بما يتراوح بين 50 و80% من إجمالي مياه الصرف الناتجة عن كل منزل. ولكي نضع الأمور في نصابها الصحيح، يبلغ متوسط استهلاك المياه اليومي في دبي 550 لتراً لكل فرد، أي ما يعادل ملء سبعة أحواض استحمام متوسطة الحجم. وإذا نجحنا في توفير 30% من المياه النظيفة من خلال استخدام المياه الرمادية، يمكننا تقليل متوسط استهلاك المياه النظيفة إلى 385 لتراً، وهو ما ينتج عنه توفير كمية من المياه النظيفة تكفي لملء ما يزيد على حوضي استحمام عن كل فرد يومياً.

وعندما يتم تصنيف ما يصل إلى 13 من أصل 22 بلداً عربياً ضمن الدول التي تعاند ندرة المياه الشديدة، مع أقل من 500 متر مكعب لكل فرد سنوياً، مقارنةً مع المتوسط العالمي الذي يصل إلى 6000 متر مكعب، فإن الوقت قد حان للسعي الجاد نحو استكشاف بدائل مستدامة لاحتياجاتنا المائية. وعندها فقط يمكننا صنع مستقبل لا يتخلف فيه أحد عن الركب بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة.

فلنتعهد بالمساهمة في هذه المساعي بكل السبل الممكنة لتأمين مستقبل أفضل لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. إذا كنت تدير أو تمتلك شركة، يمكنك دعم الابتكار في تكنولوجيا المياه والتعاون مع المؤسسات التي تفكر بنفس الطريقة لجعل الحلول المبتكرة قابلة للتطوير والتطبيق من الناحية المالية. ويمكن تشكيل تحالفات دولية للتعاون في مجال الأبحاث بالإضافة إلى خلق مجموعات للدعم والوعي العالمي. وإذا كنت فرداً، يمكنك البدء بإعادة استخدام المياه الرمادية الناتجة عن أنظمة التبريد الخاصة بمنزلك والاستفادة منها في ري النباتات أو غسل الأرضيات.

ينبغي علينا أن نتذكر دائماً أنّ مسألة المياه تشكل ضرورة قصوى بالنسبة للجميع وأنَّ الجهود الجماعية التي نقوم بها تهدف إلى الاستفادة من كل قطرة مياه. فلنتعاون جميعاً لتحقيق المزيد من الرخاء للبشرية ولكوكب الأرض. إن المياه تشكل في المتوسط 60% من أجسامنا، لذا فإن الحفاظ عليها هو بمثابة إنقاذ لأنفسنا.

*رئيس الاستدامة في "ماجد الفطيم القابضة".


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم