الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ما حقيقة "تشكيل الناسا لجنة دينيّة تحضيراً للتواصل مع الكائنات الفضائيّة"؟ FactCheck#

المصدر: النهار
الخبر الخاطئ المتناقل (فايسبوك).
الخبر الخاطئ المتناقل (فايسبوك).
A+ A-
تضجّ مواقع اخبارية عربية ووسائل التواصل الاجتماعي بخبر عن "تشكيل الناسا لجنة دينية تحضيراً للتواصل مع الكائنات الفضائية". غير أنّ هذا الخبر خاطئ. ففي الواقع، موّلت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) جزئياً، عام 2015، برنامجاً لدى مركز الاستقصاء اللاهوتي في جامعة برينستون بنيو جيرسي الأميركية، حول كيفية تفاعل البشر مع وجود حياة خارج الأرض. ولم تتدخل في اختيار الباحثين المشاركين في هذه الدراسة. FactCheck#
 
"النّهار" دقّقت من أجلكم 
 
الوقائع: بعنوان "ناسا تشكل لجنة دينية تحضيرا للتواصل مع الكائنات الفضائية"، ينتشر الخبر على نطاق واسع في مواقع اخبارية (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...) منذ 28 كانون الاول 2021، وايضا في صفحات وحسابات في الفايسبوك (هنا، هنا، هنا، هنا...)، وتويتر (هنا، هنا، هنا...).  
 
وجاء في الخبر ان "وكالة الفضاء الأميركية ناسا شكلت لجنة دينية مكونة من قسيس وحاخام وإمام من بين 24 عالما دينيا، مهمتهم تحضير البشرية للاحتمال المتزايد للتواصل مع الكائنات الفضائية. ومهمة اللجنة تهدف إلى تقييم كيفية تفاعل الأديان مع وجود حياة خارج كوكب الأرض وكيف يمكن أن يؤثر هذا الاكتشاف على كثير من المعتقدات.

وقال الرئيس السابق لمعهد علم الأحياء الفلكي التابع لوكالة "ناسا" كارل بيلشر، أنه تم تعيين علماء اللاهوت "للنظر في الآثار المترتبة على تطبيق أدوات العلوم في أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين على الأسئلة التي تم أخذها في الاعتبار في التقاليد الدينية لمئات أو آلاف السنين...".
 
 
 
التدقيق: 
مصدر الخبر الذي نشرته المواقع الاخبارية العربية، ونقلاً عنها مستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي، هو صحيفة "الإندبندنت"، وفقا لما تذكر تلك المواقع. لكن البحث عن المقالة في "الإندبندنت" (هنا) يبيّن أنّ الموقع نشر (هنا)، قبل اربعة ايام، نفياً للخبر المتداول، من خلال مقالة تدقيق لوكالة "اسوشيتد برس" الاميركية، بعنوان: "الناسا لم توظف 24 عالم دين لدرس رد فعل البشر تجاه وجود حياة في الفضاء". وجاءت هذه المقالة ضمن "القصص غير الصحيحة" المنتشرة، بتعبير الموقع. 
 
 
 
ولكن ما القصة الحقيقية؟ 
أولا، لم تعلن الناسا "تشكيل لجنة دينية تحضيراً للتواصل مع الكائنات الفضائية"، وفقاً لما يتم زعمه. ولا أثر لهذا الاعلان في الموقع الالكتروني للناسا (هنا). 
 
في الواقع، يتعلق الامر بكلام ادلى به القس الدكتور أندرو دافيسون Rev. Dr Andrew Davison من جامعة كامبريدج، خلال مقابلة معه نشرتها التايمز البريطانية، في 22 كانون الاول 2021. وكشف فيه انه "كان من بين 23 من علماء اللاهوت في برنامج لمركز الاستقصاء اللاهوتي Center for Theological Inquiry في جامعة برينستون Princeton University (في نيو جيرسي الاميركية)، مولته الناسا من 2016 إلى 2017" (هنا)، وذلك "للبحث في كيفية تفاعل البشر مع الأخبار التي تفيد بوجود حياة ذكية على كواكب أخرى".
 
وأوضح أنه "فحص مع زملائه الطريقة التي من المحتمل أن تستجيب بها كل من الأديان الرئيسية في العالم، إذا تم إعلامها بوجود كائنات فضائية. وقد ركز عمله الخاص على العلاقة بين علم الأحياء الفلكي واللاهوت المسيحي".

ونقلت ايضا التايمز عن ويل ستورار، مدير  مركز الاستقصاء اللاهوتي، إن "الناسا أرادت أن ترى منحا دراسية جدية تُنشر في كتب ومجلات"، وتتناول "العجائب العميقة والغموض والتداعيات المتمثلة في العثور على حياة ميكروبية على كوكب آخر" ، حسبما ذكرت التايمز.
 
في بيان نُشر على مدونة كلية اللاهوت بجامعة كامبريدج، قال دافيسون إن "أبحاثه تركز في الغالب على مفهوم الكريستولوجيا، أو على درس من كان يسوع ككائن بشري وإلهي". وكتب: "في التفكير اللاهوتي في الحياة في مكان آخر من الكون، ثمة ميل الى تناول مقاطع من العمل اللاهوتي السابق، حيث كانت الحياة الأخرى هي الموضوع قيد المناقشة. أريد أن أتجاوز ذلك، وأن انخرط في المناقشة في نطاق أوسع بكثير من المواد ووجهات النظر".
 
وفقا للتايمز، فإن الكتاب المقبل لدافيسون بعنوان: "علم الأحياء الفلكي والعقيدة المسيحية"، والمقرر نشره عام 2022، سيغطي جزءًا من عمله مع مركز الاستقصاء اللاهوتي والناسا. 
 
كلام دافيسون للتايمز نال شهرة واسعة بعدما نشرته مواقع اخبارية عالمية (هنا، هنا، هنا، هنا...). ولكن مع انتشار عناوين خاطئة، مثل "الناسا تشكل لجنة دينية تحضيراً للتواصل مع الكائنات الفضائية"، أكد دافيسون لوكالة "اسوشيتد برس" الاميركية (هنا) انه "لم يتم تعيينه مباشرة أو دفع راتبه" من وكالة ناسا أو مركز الاستقصاء اللاهوتي. وقال إن جامعة كامبريدج واصلت دفع راتبه خلال مشاركته في البرنامج.
 
كذلك، نقلت الوكالة الاميركية عن متحدث باسم وكالة الناسا إنه في حين أن برنامج علم الأحياء الفلكي التابع لها منح بالفعل مركز الاستقصاء اللاهوتي أموالا، من أجل "تقييم الآثار المجتمعية لعلم الأحياء الفلكي والبحث عن جهود الحياة  للناسا"، فإن الناسا لم تشارك في اختيار الباحثين (في البرنامج). وقد عمل العلماء بشكل مستقل من خلال المركز، ولم يتم اعتبارهم من موظفي ناسا.
 
وافاد ان "برنامج علم الأحياء الفلكي التابع لوكالة الناسا قدّم تمويلًا جزئيًا، من خلال منحة، إلى مركز الاستقصاء اللاهوتي عام 2015. وانتهى جزء المشروع الممول من الوكالة عام 2017.
 
 وصرّح في رسالة عبر البريد الإلكتروني: "الأفراد الذين يتلقون تمويلًا من وكالة ناسا ليسوا موظفين أو مستشارين أو متحدثين باسمها". "وبالتالي، لم تعيّن الناسا الباحثين والعلماء المشاركين في هذه الدراسة، ولكن بدلاً من ذلك حصلوا على تمويل من خلال  مركز الاستقصاء اللاهوتي لإجراء هذا العمل". 
 
وقد أورد موقع Snopes المتخصص بتقصي صحة الاخبار تصريحا مماثلا لمتحدث باسم الناسا. ونقل ايضا عن مركز الاستقصاء اللاهوتي إن دراسته لم تكن بحثًا عن كائنات فضائية، ولم يعمل علماؤه لوكالة الناسا أو يقدموا المشورة اليها بشأن هذا الموضوع. بدلاً من ذلك، ركز عملهم على "الدراسة العلمية لإمكانات إيواء الكون الحياة الميكروبية خارج الأرض". 
 
وأوضح المركز انه "تم منح المنحة لتمكين الباحثين في العلوم الإنسانية من أن يصبحوا ملمين بالعلوم الحالية لعلم الأحياء الفلكي، ودرس آثارها على وجهات نظر البشرية حول العالم الطبيعي في الدين والمجتمع".
 
واشار الى ان هذا العمل متوفر في مجلته Fresh Thinking (العدد 1، 2018، الصفحات 32-45؛ العدد 2، 2019، الصفحة 6 إلى 15).
 
النتيجة: اذاً، لا صحة للخبر عن "تشكيل الناسا لجنة دينية تحضيراً للتواصل مع الكائنات الفضائية". ففي الواقع، موّلت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) جزئياً، عام 2015، برنامجاً مركز الاستقصاء اللاهوتي في جامعة برينستون بنيو جيرسي الاميركية، حول كيفية تفاعل البشر مع وجود حياة خارج الأرض. ولم تتدخل في اختيار الباحثين المشاركين في هذه الدراسة.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم