الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

المطران عوده: كيف ينام مسؤول وشعبه يستعطي رغيف الخبز وحبة الدواء ونقطة المحروقات؟

المصدر: "النهار"
المطران الياس عوده (مارك فياض).
المطران الياس عوده (مارك فياض).
A+ A-
أكد متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذوكس المطران الياس عوده أنّ "بَــلَـــدُنـــا غرق فـــي مُــســتَــنــقَـــعِ فَــســـادٍ، ولـــو كـــانَ مَــســـؤولـــونـــا يـحـمـلـون قــلـوبـاً يـسكــنُهـا الـروحُ الـقـدسُ الذي يُــدرِّبُـهم عــلـــى ســلـــوكِ طـــريـــقِ الــتـــواضـــعِ والــمــحــبـــةِ والـــرحــمـــةِ والــعـــدلِ عـــوضَ إحــاطـــةِ أنــفــسِــهـــم بــمــســتــشـــاريـــن قـــد يـــدلّـــونَــهـــم عــلـــى مــا يــنــفـــعُ مــصــلــحــتَــهـــم، إنــمـــا عــلــى حــســـابِ مــصــلــحـــةِ الــبــلـــدِ ونـــاسِـــه، وهـــذا يــؤذيــهـــم ويـــؤذي الــبــلـــد، لـــو كـــانـــوا يــفــعــلـــون ذلـــك بــصـــدقٍ لــكـــان بــلـــدُنـــا بــحـــالٍ أفــضـــل"، مضيفاً: "لــكــنــهـــم لا يـعــتــرفــون بــأخــطــائــهــم ولا يَــعــتَـــذِرون إِذا أَســـاؤوا إلـــى أَحَـــدٍ، ويَــتَــهَـــرَّبـــون مِـــنَ الــمَــســـؤولِــيَّـــةِ، ويُــبـــرِّرون أَنــفُــسَــهِـــم عَــبـــرَ الأَضـــالــيـــلِ الَّــتـــي لا تَــمُـــتُّ إلـــى الــحَـــقِّ والــعَـــدلِ بِــصِــلَـــة، فــيَــغـــرَقـــونَ، ويُــغَـــرِّقـــونَ الــبِـــلادَ والــعِــبـــادَ فـــي مُــســتَــنــقَـــعٍ يــصــعـــبُ الــخـــروجُ مــنــه".

وقال عوده، في عظة قداس الأحد، إنّ "الــشـــرَّ والــفــســـادَ مــتـــى أصـــابـــا نَــفْـــســـاً يــجــعـــلان كـــلَّ شــيءٍ ســلــعـــةً تُــشــرى وتُــبـــاع، حــتـــى الإنــســـان. وعـــدوى الــشـــرِّ والــفــســـادِ تَــنــتــقـــلُ بــســرعـــةٍ أكــبـــرَ مـــن عـــدوى الــخــيـــرِ والــمــحــبـــةِ والــتــســـامـــح، مـــا أوصـــلَ مــجــتــمــعَــنـــا إلـــى هـــذا الـــدَرْك. لـــذلـــك نــنـــاشـــدُ الــمــســـؤولــيـــن مُــجـــدداً رَفْـــضَ الــبــقـــاءِ فـــي الــمــســتــنــقـــعِ الآســـنِ الـــذي أصــبـــحَ خَــطِـــراً عــلـــى الــجــمــيـــع، والــقــيـــامَ بـــالإصـــلاحـــاتِ الــلازمــة، وســلـــوكَ الــطـــريــقِ الــذي يـــؤدي إلـــى بـــدايـــةِ الإنــقـــاذ"، مؤكداً أنّـــه "واجـــباً أخـــلاقـــيّاً ووطــنـــيّاً، وإلاّ ســـوف نــبــكـــي جــمــيــعـــاً عــلـــى لــبــنـــان الـــذي لـــم نُــحــسِـــنْ الــحــفـــاظَ عــلــيـــه وطــنـــاً لــجــمــيـــعِ أبــنـــائِـــه، حـــراً، ســيـــداً، مــســتــقــلاً عـــن كــلِّ ارتــبـــاطٍ خـــارجـــي أو تـــدخـــلٍ أو وصـــايـــة، وطــنـــاً يــحــتــضـــنُ أبــنـــاءَه، ويــحــفـــظُ كـــرامــتَــهـــم، ويــؤمّـــنُ لــهـــم سُــبُــلَ الــعــيـــشِ الــكـــريـــم، فــيُــخــلِـــصُ أبــنـــاؤه لـــه، ويــحــتـــرمـــون قـــادتَـــه الـــذيـــن يــحــكــمــون بـــالــعـــدلِ والـحــقِّ، ويــحـــافــظــون عــلـــى دســتـــورِ الــبـــلاد ويــطــبّــقـــونـــه بــحــذافــيــرِه دون انــتــقـــائــيـــة أو تـــأويـــل"، معتبراً أنّ "مـــا يــصُـــحُّ عــلـــى الـــواحـــدِ يَــصُـــحُّ عــلـــى الــجــمــيـــع، ومـــا يــتـــوجّـــبُ عــلـــى فـــريـــقٍ يــتـــوجّـــبُ عــلـــى الــجــمــيـــع، ومــا يُــمــنـــعُ عـــن جــهـــةٍ يُــمــنـــعُ عـــن كـــلِّ الــجــهـــات".
 


وتابع المطران عوده: "إنّ الــخـــلافـــاتِ الــمــســتــشـــريـــةِ بــيـــن أركـــانِ الــســلــطـــةِ ســبــبُــهـــا أنّ مـــا يــصـــحُّ عــلـــى الــبــعـــضِ يُــمــنـــع عـــن الآخـــريـــن. إنّ تــبـــادلَ الإتــهــامــاتِ وإلــقـــاءَ الــبــعـــضِ تَــبِــعـــاتِ الــتــعــطــيـــلِ عــلـــى الآخـــريـــن لا يــنــفـــي مــســؤولــيـــةَ الــجــمــيـــعِ عــمـــا وصــلْــنــا إلــيـــه بــســبــبِ ســلــوكِــهـــم غــيــرِ الــمــســؤول، والــحــســـابـــاتِ الــشــخــصــيـــةِ والــمــصـــالــح. إنّ الــفــســادَ، والــتــغـــاضـــي عـــن الــفــســـادِ، والــتــخــلّــفَ عـــن الــقــيـــامِ بـــالـــواجـــب، والــتــقـــاعـــسَ فـــي ابــتـــداعِ الــحــلـــول، وتــعــطــيـــلَ الــمـــؤســســات، وعـــدمَ احــتـــرامِ الـــدســتـــور،ِ كــلَّــهـــا أدتْ إلـــى انــهــيـــارِ الـــدولـــة. لــقـــد انــعــكــســـتْ الــخـــلافـــاتُ الــعــمــيــقـــةُ بــيـــن الــمــســؤولــيـــن ســلــبـــاً عــلـــى حــيـــاةِ الــلــبــنـــانــيــيـــن، ودمّـــرتْ مُــقَـــوِّمـــاتِ الــبــلـــد. إنّ شــبـــقَ الــســلــطـــةِ يُـــدَمِّــرُ صــاحــبَـــه ويُـــدَمِّـــرُ الــبـلــد".

كما توجّه إلى المسؤولين بالقول: "إرأفـوا بـأنـفــسِـكـم وبـلـبـنـان. عـوضَ الـصـــراعـــاتِ الــمُـــدَمِّـــرةِ نــحـــن بــحـــاجـــةٍ إلـــى الــتــضــحــيـــةِ مـــن أجـــلِ لــبــنـــانَ كـــي يــبــقـــى أولاً، ثـــم يــســتــعــيـــدُ أنــفـــاسَـــه. كــلُّ مـــا يــطــلــبُـــه الــعـــالـــمُ مـــن أجـــلِ مــســـاعـــدتِــنـــا هــو تــشــكــيـــلُ حــكـــومـــةٍ تــقـــومُ بـــالإصـــلاحـــاتِ الــضـــروريـــةِ الــتـــي تَــســتــجــلـــبُ الــمــســـاعـــداتِ مــن أجـــل إنــقـــاذِ لــبــنـــان مـــن انــهــيـــارِه"، متسائلاً: "ألــن تُــبــصــرَ الــحــكــومــةُ الــنــورَ إلاّ علــى أشــلاءِ المواطــنــيــن فــي الـحـوادثِ الــمــتــكــرّرةِ هــنــا وهــنــاك؟ وإذا كــان تــفــجــــيـــرُ المرفــأ لــم يَــهُـــزْ الضــمـائـــرَ، هــل مــن أمــلٍ بــعــد؟".

وأكد أنّه "نــحـن بـحـاجـةٍ إلـى رجالِ دولـةٍ يــحــســنـــون الــقــيـــادةَ واتــخاذَ الـقــراراتِ الـجـريـئةِ بعـيـداً عــن الـتـسـلّـطِ والأنانـيــةِ والــمــصــلــحـــة وتــصــفــيـــةِ الــحـــســـابـــات".

وطرح عوده أسئلة عدّة: "كـيــف يــنـــامُ مــســـؤولٌ وشــعــبُـــه يــســتــعــطـــي رغــيــفَ الــخــبــزِ وحــبـــةَ الـــدواءِ وقــطــرةَ الــمــحــروقـــات؟ كــيـــف يـــرتـــاحُ وشــعــبُـــه يــعـــانـــي الــحـــرَّ والــظــلــمــةَ والــيـــأسَ، ولا يــطــمـــحُ إلاّ إلـــى هــجــرةِ الــجــحــيـــمِ الـــذي يــعــيـــش فــيـــه؟ كــيـــف يــهــنـــأُ لـــه عــيـــشٌ وأبــنـــاءُ الــعـــاصــمــةِ الــمــنــكـــوبــيـــن مــا زالـــوا يــبــحــثـــون عـــن حــقــيــقـــةٍ ضـــائــعــةٍ بــيـــن قــضـــاءٍ يـحـــاولُ الـــوصـــولَ إلـــى الــحــقـــيــقـــةِ وســلــطـــاتٍ تُــعـــيـــقُ عـــمــلَـــه لإخــفـــائــهـــا؟ هــل بــلـــغَ الإســتــهــتـــارُ بـــأرواحِ الــنـــاسِ حَـــدَّ عـــدمِ الإكــتـــراثِ بــمــصــيـــرِهـــم، وعـــدمَ الــتــنـــازلِ عـــن الــمـــصــالـــحِ والــحــصــصِ مـــن أجـــل تـألــيـفِ حكـومةٍ قـادرةٍ عــلـــى الــبــدءِ بــعــمــلــيـــةِ الإنــقـــاذ؟ الــمــطــلـــوبُ تــغــيــيـــرُ صــورةِ لــبــنـــان فـــي نــظـــرِ الــمــجــتــمـــعِ الـــدولـــي. إذا لـــم نــســاعـــدْ أنــفــسَــنـــا كــيـــف نــطــلـــبُ مــســـاعـــدةَ الآخــريـــن؟".


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم