تاريخ من حصد الأرواح... حوادث القطارات في مصر لا تتوقّف

على الرغم من تاريخ مصر الطويل في تشغيل القطارات والسكك الحديدية، كونها ثاني دولة على مستوى العالم يعرف القطار طريقه إليها، وذلك في أوائل خمسينيات القرن الـ19 بعد إنكلترا التي ظهر فيها عام 1814، إلاّ أنّ تلك القطارات أصبحت بمثابة لعنة تحصد أرواح المصريين بسبب تكرار الحوادث والمشكلات.

 

ففي الساعات الماضية كان الموعد مع كارثة جديدة تسبّبت في حزن الشارع المصري، بسبب تصادم قطارين بمحافظة سوهاج في صعيد مصر، أسفرت عن مقتل 32 شخصاً وإصابة 165 آخرين حسب أرقام وزارة الصحة المصرية.

 

وأمر النائب العام بحزمة إجراءات وقرارات بالتحقيق مع سائقي القطارَيْن ومساعدَيْهما ومسؤول لوحة تشغيل برج المراقبة وعامل المزلقان الذي وقع الحادث أمامه، وإجراء تحليل المواد المخدرة لكل منهم، والتحفظ على هواتفهم المحمولة لفحصها وسجل المحادثات، وسماع شهادة مسؤولين بهيئة "سكك حديد مصر"، وسرعة التحفظ على بطاقات ذاكرة وحدة التحكم الرئيسية للقطارَيْن، وأجهزة التحكم ببرج المراقبة، ووحدات تخزين بيانات الكاميرات به وبمزلقان السكة الحديد، وكذا الكاميرات التي قد يُعثر عليها بالمساكن والمنشآت المطلة على موقع الحادث لفحصها.

 

كما قرّر انتداب لجنة من المهندسين المختصين بالهيئة الهندسية للقوات المسلحة للانتقال إلى مكان الحادث لفحص القطارَيْن وبيان مدى صلاحيتهما وأجهزة التشغيل والسلامة الخاصة فيهما، وبيان مدى التزام المسؤولين عن القطاريْن باتباع التعليمات واللوائح المنظمة للتشغيل وتحديد أوجه ما قد يُنسَب إليهم من مخالفات وسند مسؤوليتهم عنها، وكذا فحص مدى صلاحية القطاريْن وأجهزة التشغيل والسلامة فيهما وبخاصةٍ أجهزة التوقف "المكابح والتحكم الآلي" ومطابقتها المواصفات والمعايير المقررة لتشغيلها.

 

 

حوادث القطارات باتت متكررة في مصر، حيث كان أبرزها في شباط 2019، بعدما تسبب حادث قطار محطة سكك حديد مصر، الذي راح ضحيته العشرات بين قتلى ومصابين، في أزمة عنيفة وإقالة وزير النقل السابق، على خلفية اصطدام قطار بالرصيف ما تسبب في انفجار قوي، كما قرر النائب العام حبس 6 متهمين بتهمة القتل الخطأ والإهمال في العمل وإتلاف ممتلكات عامة، حيث ضمّت قائمة المتهمين في القضية كلاً من سائق الجرار رقم 2305 الذي اصطدم بالرصيف ومساعده وعامل المناورة للجرار نفسه، وسائق الجرار رقم 2302 الذي دخل في مشادة مع السائق الآخر وعامل المناورة للجرار، وأيضاً العامل المتخصّص بتحويل الخطوط، ليقرر النائب العام حبسهم جميعاً 4 أيام على ذمة التحقيقات.

 

 

بينما كان الحادث الأسوأ في القطارات المصرية، في شباط من العام 2002 والذي وقع في العياط جنوبي القاهرة، حيث راح ضحيتها أكثر من 350 مسافراً بعد أن تابع القطار سيره مسافة 9 كيلومترات والنيران مشتعلة فيه؛ ما اضطر المسافرين إلى القفز من النوافذ، ولم تصدر حصيلة رسمية بالعدد النهائي للقتلي، وسط شكوك بأنه تخطى الـ1000 .

 

 

في كانون الأول 1993، قُتل 12 وأصيب 60 في تصادم قطارين على بعد 90 كيلومتراً شمالي القاهرة، ثم وقع آخر في كانون الأول 1995 أسفر عن مقتل 75 راكباً وإصابة المئات بعد اصطدام قطار بمؤخرة آخر.

 

وفي شباط 1997، وقع حادث اصطدام قطارين بشمال أسوان ما أدّى إلى 11 قتيلاً، ثم حادث آخر في تشرين الأول 1998 بمحافظة الإسكندرية باصطدام قطار بمصدات أسمنتية ضخمة ما أدى إلى اندفاعها نحو الموجودين بالقرب من المكان، وخروج القطار نحو إحدى الأسواق المزدحمة بالبائعين الجائلين ما أدى إلى مقتل 50 شخصاً وإصابة أكثر من 80، ومعظم الضحايا ممن كانوا بالسوق أو اصطدمت بهم المصدة الأسمنتية.

 

وفي آب 2006، اصطدم قطاران أحدهما قادم من المنصورة متجهاً إلى القاهرة والآخر من بنها على الاتجاه نفسه، ما أدى إلى وقوع تصادم عنيف بينهما، واختلفت الإحصاءات عن عدد القتلى إلاّ أنّها تراوحت بين 51 و80 قتيلاً بجانب 163 مصاباً.

 

 

في تموز 2007، اصطدم قطاران في قليوب شمال القاهرة أسفر عن مقتل 58 شخصاً وإصابة أكثر من 140 آخرين، ثم وقع حادث قطار العياط في العام 2009، وأدّى إلى مقتل 30 شخصاً وإصابة آخرين، حيث تعطّل الأول وجاء الآخر ليصطدم به من الخلف، وهو متوقف، ما أدى إلى انقلاب أربع عربات من القطار الأول.

 

وفي تشرين الثاني من العام 2012، تسبّب حادث قطار بمحافظة أسيوط، في حزن وغضب كبيرين بالشارع المصري، بعد اصطدام قطار بحافلة مدرسية، راح ضحيته نحو 50 تلميذاً، إضافة إلى سائق الحافلة ومُدرّسة، كانت برفقة التلاميذ.

 

وتكرّر ذلك في 14 كانون الثاني 2013، بعد حادث تصادم مع قطار تجنيد في البدرشين أودى بحياة 17 مجنداً وإصابة أكثر من 100، كما وقع حادث في شباط 2013 باصطدام قطار مع سيارتين أودى بحياة أكثر من 27 شخصاً وجرح أكثر من 30.

 

 

وفي آب 2017، اصطدم قطار بمؤخرة آخر بالقرب من محطة خورشيد، أودى بحياة 41 شخصاً وإصابة 132 آخرين.

 

ووفقاً لتقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن حوادث القطارات في مصر خلال الفترة بين عامي 2003 و2017 بلغت نحو 16.174 ألف حادث، وكان عام 2017 الأكثر بـ1657 حادثاً.

 

 

يُشار إلى أنّ مصر لديها 28 خط سكة حديد يبلغ طولها نحو 9750 كم أو أكثر قليلاً، تمتد إلى 760 محطة ركاب، تغطي جميع أنحاء الجمهورية، بينما يسير على هذه الخطوط المنتشرة والمتناثرة ما يزيد على 1800 قطار، تسير ذهاباً وإياباً على هذه الخطوط، التي يستخدمها مليونا راكب يومياً، ما يجعل السكك الحديدية أكثر وسائل المواصلات أهمية في مصر، لكنّها تحتاج إلى مزيد من الصيانة والمتابعة ومحاسبة المقصرين، حفاظاً على أرواح المستخدمين، وبخاصةٍ أنّ أسباب حوادث القطارات فى السنوات الأخيرة تعود إلى غياب الصيانة أو الأخطاء البشرية التي يقترفها السائقون وعمال التحويلة، بالإضافة إلى وجود ضعف في المراقبة وأخطاء فنية وأيضاً الإهمال.