الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

هل تكرر أميركا خطأها الأفغاني في العراق؟

المصدر: "النهار"
الرئيس الأميركي جو بايدن مستقبلاً رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، 26 أيلول 2021 - "أ ب"
الرئيس الأميركي جو بايدن مستقبلاً رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، 26 أيلول 2021 - "أ ب"
A+ A-

تقدمت الباحثتان في "معهد دراسة الحرب" و"معهد نيولاينز للسياسة والاستراتيجيا" جينيفر كافاريلا وكارولين روز بنصائح عدة لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن كي لا تعيد تكرار الأخطاء الأفغانية في العراق. وكتبتا في "ناشونال إنترست" كيف بالغت واشنطن كثيراً في الاعتماد على الشراكة مع القوات الأفغانية الخاصة.

لقد قاتلت قوات الكومندوز ببسالة ضد "طالبان" إلى ما بعد استسلام الحكومة فواصلت حربها ضد الحركة إلى جانب الميليشيات المناهضة لطالبان في وادي بانجشير بعدها. لكن تلك القوات عجزت عن ملء الفراغ في الإمكانات والمرونة التي خلفها انهيار الجيش الأفغاني الذي اعتمد على الدعم الجوي والاستخباري واللوجستي لحلف شمال الأطلسي.

في العراق أيضاً، استثمرت الولايات المتحدة في "جهاز مكافحة الإرهاب" وطورت قوات الأمن العراقية لكنها لم تُزل اعتماد كلا الطرفين على الدعم الأميركي. جهاز مكافحة الإرهاب هو قوة أساسية ضد داعش لكنه مكّن أيضاً رئيس الحكومة العراقية من اتخاذ خطوة محدودة ضد وكلاء إيران.

ولا يستطيع الجهاز ملء الثغرات الأمنية الكثيرة على مستوى واسع. فهو يعتمد أيضاً على الدعم الاستخباري والجوي الأميركي. يعمل المستشارون الأميركيون على تعزيز الإمكانات العراقية لملء هذه الثغرات لكن الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً لتحقيق ذلك بحسب الباحثتين.

من ناحية ثانية، وضعت واشنطن الأولويات الخاطئة لتخفيف مخاطر الانسحاب من أفغانستان. لقد بدأت الولايات المتحدة تستعد للانسحاب من أفغانستان بعد تحول الجيش الأميركي إلى الدور الاستشاري منذ 2014. لقد تجاهل الأميركيون مسألة مهمة جداً تقضي بتعزيز كفاءة الدولة لمحاربة تمرد خبيث ومسيّس كما حاجات الحكومة الأفغانية لإجبار طالبان على الذهاب إلى التفاوض. لقد كان التعفن السياسي داخل الحكومة والجيش الأفغانيين أكبر مسرّع لانهيار أفغانستان، حيث كانت ظواهر الفساد وشبكات الرعاية والإخفاق في تأمين الخدمات منتشرة.

وأجبرت واشنطن القادة الأفغان المتنافسين على تشكيل حكومة وحدة وطنية غير دستورية لم تعكس توافقاً عابراً للمجتمعات قابلاً للحياة. واستثناء الحكومة الأفغانية من الحوار الأميركي-الطالباني قوض شرعيتها.

كذلك، تفشل الولايات المتحدة في تعزيز شرعية وإمكانات الدولة العراقية للاستمرار بعد الانسحاب الأميركي. الحكومة العراقية عالقة بين تظاهرات إصلاحية وتوسع خبيث للوكلاء الإيرانين ضمن المؤسسات الرسمية والذي يمنع الإصلاح.

لقد دعمت واشنطن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بجهوده لعكس مفاعيل الانحدار العراقي لكنها فشلت في تأمين الدعم اللازم لتخطي نفوذ وكلاء إيران، بحسب الباحثتين. ولم ترجحا انهيار إرادة القوات العراقية لمحاربة داعش في أي وقت قريب، لكن الضغوط المتزايدة يمكن أن تجعل فاعليتها تتآكل. على سبيل المثال، استخدم وكلاء إيران نفوذهم لتقليص موازنة وزارة الدفاع بـ 26% ولزيادة موازنة الحشد الشعبي بـ14%.

وحذرت الكاتبتان أيضاً من تقليل واشنطن أهمية التأثيرات المرسخة للاستقرار التي يتركها وجود ولو ضئيل للقوات الأميركية. لقد ضرب الاتفاق الأميركي الأحادي مع طالبان معنويات الجيش والأمن الأفغانيين عبر تأسيس انطباع بأن طالبان تسيطر على مستقبل البلاد. وفي العراق، يمكن لانسحاب أميركي مستمر إنتاج تأثيرات مشابهة. تقلل الولايات المتحدة مهمة مكافحة داعش بعد تحويل 8 قواعد إلى القوات الأمنية العراقية مع سحب 2700 جندي. تتمركز سائر القوات الأميركية التقليدية في بغداد وإربيل والأنبار وأنهت فعلياً دورها القتالي. ولا تزال إدارة بايدن تظهر مؤشرات عن انسحاب كامل محتمل.

من غير المرجح أن ينتج الانسحاب الأميركي من العراق استيلاء فورياً لداعش على المدن العراقية شبيهاً بالاستيلاء الطالباني على أفغانستان. مع ذلك، يمكن هذا الانسحاب أن ينشئ فراغاً قد يسرّع إعادة تأسيس داعش.

إن الإبقاء على مستشارين أميركيين في العراق كوزن مكافئ لإيران غير كاف لاستدامة الأمن وشروط الحوكمة. وتنصح الباحثتان الولايات المتحدة بإعادة توجيه مهمتها نحو مهمة طويلة المدى في العراق لترسيخ الاستقرار فيه بناء على حاجاته عوضاً عن "إذعان مضلل" لإيران.

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم