الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

إصابات وقتل وتشديد عقوبة السجن... جدل في مصر بسبب جرائم العنف ضدّ النساء

المصدر: النهار
محمد أبو زهرة
إسراء عماد.
إسراء عماد.
A+ A-
يعيش الشارع المصري حالة من الجدل، بسبب تكرار جرائم ضرب الزوجات والاعتداء الوحشي عليهن، والتي وصلت إلى القتل وإصابات بالغة.
 
آخر الضحايا شابّة تدعى إسراء عماد (18 سنة) وتسبّبت في جدل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد إلقاء قوات الأمن القبض على الزوج، والتحقيق معه، حيث تبين أنّه سائق عمره 24 عاماً، واعتدى عليها بسلاح أبيض، وأصابها بجروح غائرة في مناطق متفرقة من جسدها، وأن أخاه وأمه كانا ضالعين في التحريض.
 
الجاني اعترف بفعلته، وقال إنها بسبب خلافات زوجية وتعدّيها عليه بالسب، ما أثار حفيظته، فقّرر الانتقام بالتعدى عليها وإحداث إصابات في وجهها ومناطق متفرّقة من الجسد.
 
 
فيما كشفت إيمان حبشي، عمة المجنيّ عليها، مفاجأة من العيار الثقيل، مؤكدة أن إسراء تزوجت من نجل زوجة والدها، وكانت حياتهما مستقرة، قبل أن ينفصل والدها عن والدة زوجها، وتنشب الخلافات بينهما، ما دفع حماتها إلى تحريض زوجها على الانتقام، وهددته بأخذ "التاكسي" منه وإعطائه شقيقه، ليحمل سلاحاً بتحريض من والدته، ويسدّد لها طعنات متفرقة بمجرد رؤيتها.

كما هدّدها بحرمانها من رؤية طفلها إذا اتهمته بالتعدي عليها، إلاّ أنّ أمن المستشفى سمع ما قاله وأخطر الجهات الأمنية التي ألقت القبض عليه، وتقرر نيابة المنتزه بالإسكندرية تجديد حبسه المتهم مدة 15 يوماً.
 
كان روّاد "فايسبوك" تداولوا القصة على نطاق واسع، وتحولت "ترند" بعدما دشّنوا "هاشتاغ" تحت عنوان "حق إسراء عماد"، مطالبين بمحاسبة الزوج.

الواقعة لم تكن الوحيدة، خلال الساعات الماضية، حيث ثار جدل آخر، بعدما أقدمت ربة منزل على الانتحار بتناول "حبة الغلة السامة"، بعد قيام زوجها بضربها وتسبب في إصابتها بجرح قطعي بفروة الرأس وخدوش بالقدمين واليدين.

وأكّدت ابنة عم الزوجة في التحقيقات أنّ الضحية أخبرتها - قبل إصابتها - اعتزامها تناول القرص الكيماوي السام، بعد اعتداء زوجها عليها بالضرب وإحداث الإصابات الموجودة بها، حيث اعترف بحدوث مشادّة كلامية، قام على إثرها بالتعدي عليها بالضرب وإصابتها، إلا أنّ وفاتها نتيجة تناولها قرصاً كيميائياً لحفظ الغلال، وذلك لسوء حالتها النفسية وأنّه لم يكن يعلم بتناوله.

جريمة أخرى ضد الزوجات، بعدما قرّر قاضى المعارضات بمحكمة شبرا الخيمة تجديد حبس المتهم بقتل زوجته الحامل بضربها بآلة حادة مدة 15 يوماً على ذمة التحقيقات.

واعترف الزوج ح. ا. بارتكابه الواقعة، وأنّه لم يقصد قتلها، مشيراً إلى نشوب مشادة كلامية بينهما فقام خلالها بضربها على رأسها دون قصد قتلها، مؤكداً ندمه على فعلته، ولم يعلم بوفاتها إلاّ بعد أن نقلها بمساعدة صديق له إلى المستشفى الذي أخبره بوفاتها هي والجنين، ولم يخطر بباله أن مشادّة معها ستنتهي بهذه البشاعة التي تسببت في تشريد 4 أطفال أكبرهم 7 سنوات.

وكان المستشفى أفاد بوصول ربّة منزل حامل في شهرها السابع مصابة بكسر بقاع الجمجمة ونزيف داخلى بالمخ، وتُوفيت فور وصولها، حيث كشفت التحقيقات نشوب مشادة كلامية مع زوجها ح. أ. (32 سنة، عامل)، بسبب خلافات زوجية ورفضها تحضير الطعام له.

وكان المجلس القومي للمرأة بالتعاون مع الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء قد أعلن أنّ هناك 7 ملايين و88 ألف امرأة يعانين عنفاً على يد الزوج أو الخطيب سنوياً، وهناك مليونان و400 ألف امرأة أصبن بنوع واحد أو أكثر من الإصابات نتيجة عنف على يد الزوج أو الخطيب، وأنّ أكثر من مليون امرأة يتركن منزل الزوجية نتيجة العنف على يد الزوج، فيما تتعرض نحو 200 ألف امرأة سنوياً إلى مضاعفات في الحمل نتيجة العنف على يد الزوج.

فيما كشف المستشار عبد الله الباجا، رئيس محكمة الأسرة في تصريحات خاصة لـ"النهار"، أنّ أزمة العنف الأسري والتعدي على الزوجات، لها 3 زوايا، أولها الشق الجنائي، حيث يشكّل جريمة تستوجب عقاب الزوج قانوناً بالعقوبات المقررة لجريمة الضرب، حسب النتيجة التي يسفر عنها الضرب، أي حسب كونه ضرباً بسيطاً أو نشأ عنه مرض أو عجز عن الأشغال الشخصية أو ضرباً نشأت عنه عاهة مستديمة أو أفضى إلى الموت.

وأضاف أن الشق الثاني هو الأحوال الشخصية، حيث يحق للزوجة طلب الطلاق إذا أثبتت تعرضها لضرب مبرح من زوجها.

أمام الشق الثالث فهو ضرب الزوجة في الشريعة الإسلامية وحالة اللغط التي تصاحبها، حيث تدرج النص القرآني لتقويم الزوجة فجعله الوعظ بالرق واللين، ثم الهجر في المضجع، وأخيراً الضرب بشرط أن يكون غير مبرح ولا يؤذيها أو يؤلمها إيلاماً شديداً، ولا يجوز ضرب الوجه لما فيه من الإهانة والإذلال وترك أثر يظهر للناس، بمعنى أن الضرب لا يترتب عليه مساس بسلامة الجسم وغير مقصود الإيذاء.

وفجّر الباجا مفاجأة بأنه مرت عليه قضايا عدة كانت الزوجة هي التي تعتدي على زوجها، قائلاً "في الواقع نسبة 60% يكون الزوج هو المعتدي وأحياناً الزوجة هي التي تعتدي على زوجها، مؤكداً أن أغرب قضية مرت عليه كان زوجة طلبت الخلع من زوجها إلاّ أنّها تزوجت عرفياً قبل الحكم لصالحها ليفجر الزوج الموضوع في المحكمة، حيث اعتدت عليه الزوجة بالضرب داخل قاعة المحكمة.

وشدّد على أنّه لا يليق بالرجل ضرب زوجته أو أي سيدة أخرى بسبب تفاوت القوة البدنية، كما أنّ القوامة للرجل معناها أن يكون منضبطاً وأن يتحمل ويحتوي المرأة، وأن يكون الاقوى في الشخصية، مؤكداً أنّ الضرب مرض نفسي يعبر عن الرفض لأزمة عجز عن حلها وهو ما يضطره للجوء إلى العنف.

فيما تقدمت النائبة البرلمانية أمل سلامة بمقترح لإجراء تعديلات جديدة على قانون العقوبات، تقضي بتشديد عقوبة الزوج الذي يعتدي بالضرب على زوجته، وذلك بالحبس من 3 إلى 5 سنوات، مع زيادة الغرامة، مؤكدة أنّ الهدف من تشديد العقوبات هو الحفاظ على "السلم الاجتماعي" بعد أن لاحظت ارتفاع حالات ضرب الزوجات بشكل يهدد كيان الأسرة المصرية، خاصةً أن قانون العقوبات لا يتضمن ما يتناسب مع جريمة ضرب الزوج زوجته.

وأضافت سلامة تعديلاً على نص المادة 242 من قانون العقوبات، على: "وإذا حصل الضرب أو الجرح من الزوج لزوجته كانت العقوبة الحبس الوجوبي مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على خمس".

وتنص المادة 242 حالياً على أنّه "إذ لم يبلغ بالضرب أو الجرح درجة الجسامة المنصوص عليها في المادتين السابقتين يعاقب فاعله بالحبس مدة لا تزيد عن سنة أو بغرامة لا تقل عن 10 جنيهات ولا تجاوز 200 جنيه مصري".

فيما كشف رضا حسين عمدة بإحدى قرى محافظة الدقهلية، في تصريحات خاصة لـ"النهار"، أنّ الاعتداء على الزوجات أصبح آفة تهدد المجتمع المصري وتكررت بين فئات مختلفة، مؤكداً أنّه خلال الفترة الأخيرة تدخّل للصلح من خلال جلسات عرفية بين أزمات زوجية شهدت اعتداء بالضرب رغم المستوى التعليمي المرتفع لأطراف تلك الأزمات.

وأضاف: "الأزمة تكمن في سكوت بعض النساء على الضرب ليصبح بعدها أمراً معتاداً للزوج".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم