الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ندوة علمية حول مياه الشفة في بيروت الكبرى... ياسين: المياه متوافرة لكنّ الخلل بالإدارة

المصدر: "النهار"
A+ A-
نظّمت نقابة المهندسين في بيروت ندوة علمية تقنية وقانونية تحت عنوان "بيروت الكبرى عطشى كيف نرويها؟" برعاية وحضور نقيب المهندسين في بيروت المهندس عارف ياسين، وحضور أعضاء من مجلس النقابة وخبراء ومهندسين.
 
أدار الندوة عضو مجلس النقابة المهندس ربيع حسن الذي رأى أنّ "الاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه التي أطلقت عام 2010 تعتمد على نحو كبير على تخزين المياه السطحية في السدود والبحيرات، والسياسات المائية الخاطئة على مدى سنوات من الهدر والفساد أوصلت لبنان الغني بالثروة المائية الى الهاوية وأصبحت بيروت وضواحيها تعاني نقصاً بالمياه ما أدى إلى عطش بيروت، فضلاً عن عدم الالتزام بالقوانين ما زاد الهدر والعجز المالي وعدم تأمين المستلزمات والاهتراء في الشبكة الذي تجاوز 40%. وعلى الرغم من طرح المشاكل هناك حلول سنطرحها مع الخبراء المتخصصين تنطلق من المياه الجوفية عبر حفر الآبار ووضعها على خرائط جيولوجية وطوبوغرافية وهو ما يتطلب الاشراف والعلم والاختصاص".

من جانبه، أوضح النقيب عارف ياسين أنّ "النقابة ستكون مساحة للنقاش ولإنتاج الدراسات ولإجراء المناظرات ولإنتاج المشاريع وتقديمها للمجتمع وللجهات المعنية لنساهم في حلول علمية للمشاكل خدمة للمجتمع".
 
وأضاف: "يتميّز لبنان بغزارة مياهه وبالكميات الكبيرة من الثلوج المتساقطة على جباله وطبيعة التربة بمساحات واسعة منها تسمح بتسرب المياه الى باطن الأرض وتكون خزانات وبحيرات جوفية ضخمة. والثلوج تغطي نحو 65% تقريباً من حجم المياه في الينابيع والبحيرات الجوفية، وتمثل المياه الجوفية أكثر من 30% من موارد مياه البلاد المائية وتضمن استدامة عدد من الأنهار التي تغذيها الينابيع "الكارستيه".
 
وتابع: "لبنان بلد المياه لكن اللبنانيون يعانون نقصاً في إمدادات المياه سواء للاستعمال المنزلي أو الريّ أو للاستخدامات الأخرى خصوصاً في فصل الصيف. لبنان بلد المياه ولكن عاصمته وضواحيها تعاني من نقص حاد في المياه كما تعاني معظم مناطق لبنان خصوصاً في فصل الشح".
 
وأشار إلى أنّ "المياه متوافرة في لبنان بأضعاف ما يحتاجه المواطن أي مخزون الينابيع والانهار والمياه الجوفية فيما تقتصر امدادات القطاع العام على نحو 30% فقط من حاجات المواطن للمياه، وهو ما يؤكّد الخلل الواضح في السياسات المتّبعة لإدارة الموارد الطبيعية وأهمّها المياه".
 
ولفت إلى أنّ "صغر مساحة لبنان وتنوع طبيعته وضعف موارده يحتم علينا استخداماً عقلانياً وعلمياً لموارده الطبيعية بعيداً عن المنفعة المادية وبعيداً عن المشاريع التي تستهدف الربح المادي وتعمل على تدمير البيئة والطبيعة"، مؤكّداً أنّ "هناك دراسات عدّة أجريت في السنوات القليلة الماضية ولم تأخذ السلطات المعنية بنتائجها ومنها على سبيل المثال لا الحصر مشروع التعاون التقني اللبناني الألماني وبنتيجة هذا التعاون أصدرت مؤسسة العلوم الطبيعية والجيولوجية في هانوفر المانيا BGR دراسات ونشرات حول هذا الموضوع ، وتبين بنتيجة هذه الدراسات ان هناك خسارة نحو 30% من المياه المنقولة بين نبع جعيتا الى معمل ضبيه الذي يزود العاصمة، واقترحوا انشاء نفق آخر لجر المياه من النبع الى معمل ضبيه لان النفق الحالي صغير الحجم لا يتسع الى اكثر من 3 متر مكعب بالثانية. علماً أن المؤسسة الألمانية قد تم تكليفها يومها من قبل مجلس الانماء والاعمار ومصلحة مياه بيروت وجبل لبنان ووزارة الطاقة، ولكن السلطات المعنية لم يطبقوا أي من التوصيات".
 
وختم: "إنّ هذه الندوة اليوم هي البداية وسيتبعها ورش عمل حول الموضوع لإنتاج التوصيات العلمية للمساهمة في إيجاد الحلول لمشاكل المياه".
 
وتناول الخبير الهيدرولوجي الدكتور سمير زعاطيطي واقع الثروة المائية اللبنانية، مؤكداً أنّ "جبال لبنان هي مخازن حقيقية للمياه بحيث يمتلك أكثر مما يحتاج وان الثروة الجوفية تبلغ ثلث الثروة المائية اللبنانية".
 
وقدّم شرحاً تقنياً وافياً حول الصفائح التكتونية وموقعها بين الصفائح العربية المشرقية والمتوسطية، إذ إنها تشكل الفوالق الانزلاقية المتطاحنة الممتدّة من العقبة جنوباً الى طوروس شمالاً والانشقاق القاري بين الصفيحة العربية شرقاً وشبه الصفيحة المشرقية غرباً الممتدة فوق صفيحة المتوسط البحري.
 
واستعرض طبيعة لبنان الجبلية وكميات الأمطار التي تهطل وبغزارة في شتاء قصير في كانونين الأول والثاني وشباط بمعدل 70% من مياه الأمطار موضحاً أنّ "حجم الثروة المائية اللبنانية تبلغ في مياهه الجوفية 30% من التساقطات و13% من المياه الجارية"، شارحاً طبيعة المخزن الجوفي الكربوناتي والمخزن الكارستيه الناتجتين عن الفراغات في تذويب بمياه الامطار المتسربة عبر الأسطح والحاوية للحامض الكربوني الخفيف والتي تظهر في الصخور".
 
وأشار إلى أنّ "بيروت تشكل هضبة ووحدة جيولوجية متميزة جيولوجياً عن المرتفعات الشرقية الصخرية الكربوناتية"، مشيراً إلى أنّ "هضبتي تلة الخياط في قلب العاصمة وهضبة الاشرفية تطلان على منطقة جنوبية سهلة منخفضة تمتد حتى مثلث خلدة، لافتا الى مساحة هضبة بيروت الاجمالية تبلغ نحو 60 كيلو متر مربع، وقال تكونت لدينا قناعة بحكم هذه المتابعة بوجود منطقة قريبة من العاصمة تعتبر من ناحية بنيتها الجيولوجية وظروفها الهيدروجيولوجية مناسبة جدا لاستثمار المياه الجوفية العذبة وبكميات كافية للتعويض عن نقص المياه السطحية الحاصل صيفاً خاصة في بيروت الكبرى على المدى المتوسط والبعيد، وأعطى دليلا على ذلك اكتفاء قرى مناطق صيدا وصور والنبطية ومرجعيون التي لا تعاني من نقص المياه صيفاً لاعتمادها الكلي على المياه الجوفية".
 
وختم بالحديث عن الثغرات الكبرى في السدود المشيدة اذ يصل مستوى التسريب في سد جنه مثلاً الى 52% من المياه المختزنة فضلا عن العمل بعكس الطبيعة في سد نبعة عبر سد الانشقاقات الطبيعية بالباطون المسلح فضلاً عن الأخطاء الكبرى في سدّ بقعاته كنعان".
 
بدورها، تحدّثت الخبيرة فيفي كلاب عن الحفاظ على الثروة المائية، وتناولت الكميات المتوفرة في لبنان، واصفة إياه "بقصر المياه"، لافتة الى الخلل بين العرض والطلب رغم وجود 40 نهراً و17 دائمة الجريان وأكثر من 2500 بركة جبلية و2000من الينابيع الموسمية بالإضافة الى 54 نبعا لمياه عذبة داخل البحر، وأكّدت أنّ "الموارد الطبيعية من مخزون الينابيع والانهار والمياه الجوفية خمسة اضعاف ما يحتاجه المواطن في حين يستفيد اللبنانيون بأقل 15%". وأوضحت أنّ "امدادات القطاع العام تؤمن من اقل 30% من حاجات المواطن بحيث لا توفر حنفية مياه الدولة سوى نسبة 20% من المياه المخصصة للشرب وللخدمة المنزلية وأنّ 60% من حاجات المياه يتم تأمينها بالعبوات والقناني والستيرن".
 
وأشارت إلى أنّ "الكميات المتوافرة للفرد في لبنان سنوياً هي 933.8م3 بينما عتبة ندرة المياه هي 1000م3، وأن المشكلة الحقيقية هي سوء الإدارة وليس في قلة المياه وعدم اتباع سياسة رشيدة. وأنّ امداد بيروت تراجع 50% بسبب أزمة الكهرباء والمازوت وتراجع الصيانة الى مستوى 80%. وكشفت انه صرف 2 مليار على قطاع المياه منذ التسعينات ومعظم المشاريع غير مطابقة لأرض الواقع وقد تصبح الثروة بأكملها غير صالحة للاستعمال".
 
وتناولت "التحديات الطبيعية والبشرية التي تفاقمت جاء ضعف الإطار المؤسساتي والتنظيمي من ضعف أداء وتقديم الخدمات والاستغلال العشوائي للخزان الجوفي والتغيير السياسي المتكرر والتغير المناخي، كاشفة عن مبادرات لإنشاء نظام معلومات وطني لدمج جميع المعلومات المتاحة ومجموعة فضلا عن ضرورة تغيير نمط العمل في الدولة والمجتمع والفرد.
 
 وتحدث الخبير غسان بيضون "عن دور النصوص في تطوير الموارد وتأمين حاجات المناطق، معرّفاً بإدارة قطاع المياه ووظائف وزارة الطاقة من رقابية على المؤسسات العامة التابعة للمياه الى مراقبة نوعية المياه السطحية والجوفية الى حماية الموارد المائية من هدر وتلوث، فضلاً عن المسائل التنظيمية من منح إجازات التراخيص الى تعزيز أداء المؤسسات الى وضع المعايير الواجب اعتمادها الى ابداء الرأي في تراخيص المقالع والكسارات، إضافة الى وضع السياسات التخطيطية التي تشمل رصد مراقبة وكيل واحصاء ودرس الموارد المائية وإجراء الدراسات والأبحاث المائية والجيولوجية والهيدرولوجية ووضع المخطط العام التوجيهي للمياه والصرف الصحي وتحديثه باستمرار".
 
وتناول بيضون "الإطار القانوني لإدارة قطاع المياه وشرح القانون 221 تاريخ 29 أيار 2000 الذي ينظم قطاع المياه في لبنان والقانون 77 تاريخ 13 نيسان 2018 والقانون 192 تاريخ 16 تشرين الأول 2020 الذي عدل القانون 77 والمراسيم وقرارات مجلس الوزراء بهذا الخصوص".
 
وتحدث عن "مصادر المياه ضمن نطاق مؤسسات بيروت من آبار وخزانات عائدة للبلديات والمؤسسات الخاصة وينابيع وانهار شارحاً عملية تأسيس الهيئة الوطنية للمياه ودورها المركزي".
 
ولاحظ أنّ "موضوع المياه يخضع لاعتبارات امنية وإقليمية ولقواعد واحكام القوانين الدولية المتعلقة بالأنهار الدولية وبعض المفاهيم ذات العلاقة مثل الحوض المائي، وربما تتأثر المخططات والسياسات المائية الوطنية بضغوطات يمكن ان تمارس في هذا الإطار، وتختلط فيها المصالح الخاصة بالأبعاد السياسية، مثل سد العاصي حفر الآبار في المناطق الحدودية وهناك وجهات نظر متعارضة بالنسبة لبناء السدود وحفر الآبار"، مثنياً على "أهمية وجود دراسات علمي هيدروجيولوجية موثوقة واختصاصيين ذوي خبرة آراء متجردة في هذا المجال".
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم