الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

قضية سامر مولوي وغضب الرأي العام... الحكم الأول "ينسف" العدالة

المصدر: "النهار"
ليلي جرجس
ليلي جرجس
تعود قضية الطالبات في طرابلس إلى الواجهة من جديد.
تعود قضية الطالبات في طرابلس إلى الواجهة من جديد.
A+ A-
أتذكرون الطالبات اللواتي تحدّين المجتمع وكسرنَ حاجز الخوف ليفضحنَ أستاذهنّ الذي تحرّش بهنَّ مستغلّاً سلطته التربوية في سلوكياته؟ وقتها انتفض طلاب ثانوية "جورج صرّاف" الرسمية المختلطة في طرابلس وأعلنوا الإضراب المفتوح حتى محاسبة الأستاذ المتحرش سامر مولوي، إلّا أن للقضاء وجهاً آخر وخيبة أحكامه موجعة أكثر من الجرم نفسه.

تجرأت الطالبات على الحديث من دون خوف وخجل، تحدّين مجتمعهنّ المحكوم "بالعيب" و"التستّر" والتقاليد وقررن خوض المعركة من أجل حماية طالبات أخريات. لم تُسعف الشهادات الموثقة من تهم وكلمات نابية ومسيئة لجأ إليها مولوي لمحاكمته على فعلته. صمتُ القضاء بعد إصدار الحكم جاء أقوى من سكوت الإدارة عن أستاذها. نحلم بالعدالة لنصطدم بالانحياز، والحكم الأول بعد إقرار قانون التحرش نسف كل الجهود المبذولة، وضرب بعرض الحائط أول أمل في محاسبة المتحرشين. ويبدو واضحاً أن الدعم السياسي لإخراج مولوي كالشعرة من العجينة انعكس في الحكم المجحف وأصبح الظالم مظلوماً!

لم يكن أحد يتوقع أن يتحول حكم التحرش إلى إهمال وظيفي، لكن كما شرح المحامي والناشط الحقوقي خالد مرعب لـ"النهار" أن "القاضي الذي يستلم القضية دان مولوي بجرم الإهمال الوظيفي وحكم عليه بالسجن 20 يوماً في حين تمّت تبرئته من جرم التحرش.

وبرغم الأدلة الموجودة وشهادات الناجيات، إلا أن "مولوي لم يُحاسب على فعلته والتي يفترض أن تندرج ضمن الجناية (يتراوح حكمها بين سنتين إلى 4 سنوات سجناً) نظراً لأن الطالبات قاصرات وأن المتحرش استغل سلطته التعليمية للقيام بأفعال التحرش".

ويأسف مرعب، بعد إقرار قانون تجريم التحرش الجنسي، أن "يبرئ الحكم الأول الصادر المتحرش ويظلم الضحية. ويقول: "لقد نسف الحكم كل الجهود المبذولة لإقرار هذا القانون، ويعتبر فعلاً مخالفاً لكل القوانين، لم ينظر القاضي بالاتهامات الموجهة إلى مولوي واكتفى بإدراج ما جرى ضمن الإهمال الوظيفي".

في 21 كانون الأول 2020، أقرّ لبنان "قانون تجريم التحرّش الجنسي وتأهيل ضحاياه"، في خطوة تسجّل تقدّماً من خلال تجريم التحرّش الجنسي وإقرار الحماية للمبلّغين عنه. لكن هذا الإنجاز يُقابله اليوم خرق وانتهاك لهذا القانون حيث لم ينظر بالقضية وفق التجريم الجنسي بل تم الالتفاف على القوانين اللبنانية واعتبار "كل أفعال التحرش اللفظي والجسدي" إهمالاً وظيفياً، ونِعمَ العدالة إذاً!

وبرغم هذه الخيبة، يؤكد مرعب أنه "لن يقف مكتوف اليدين وسيقدم طلب استئناف وسنواصل معركتنا حتى النفس الأخير. ويبقى الأهم أن ينظر بهذه القضايا من قبل قضاة متخصصين لديهم اطلاع على القوانين وإلمام بتطبيقها حتى لا نشهد على حكم مشابه لما جرى مع مولوي".


من جهتها، رأت المحامية ليلى عواضة في جمعية "كفى" في حديثها لـ"النهار" أن هذا الحكم المسيء من شأنه أن يردع الضحايا على الإفصاح والتقدم بشكوى وعدم الوثوق بالقضاء وردع المرتكب. وبالتالي هذه الأحكام غير الرادعة هي سبب أساسي لزيادة العنف ضد النساء والفتيات."

استغربت عواضة أن "يكون الحكم مخالفاً لقانون تجريم التحرش الذي أقرّ، خصوصاً أن كل الأدلة والشهادات تؤكد هذا الجرم ، وحتى لو لجأ القاضي إلى الأسباب التخفيفية كان يجب أن يكون حكم السجن لمدة سنتين. وفي النظر إلى القضية وبالعودة إلى مواد القانون يبدو واضحاً أن ضحايا مولوي قاصرات وأنه استغل سلطة تعليمية. وعليه نستغرب بأي كتب قانون يحكم القضاة، علماً أنه حتى لو تنازلت الضحية عن الشكوى تبقى قائمة ويتم ملاحقة المتحرش. لذلك نحن بحاجة إلى تثقيف القضاة أكثر حول العنف بحق النساء والفتيات بموضوع التحرش الجنسي، وأن يكون لديهم خلفيات لإصدار الأحكام العادلة في مثل هذه القضايا".
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم