السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

منظمة العفو الدولية تدعو إلى التحقيق في الاعتداء على متظاهري مسيرة الحريّات: عناصر قوى الأمن لم يتدخّلوا بشكل فعّال

المصدر: "النهار"
لحظة دخول الناشطات إلى الآليّة العسكريّة (حسن عسل).
لحظة دخول الناشطات إلى الآليّة العسكريّة (حسن عسل).
A+ A-
شدّدت منظمة العفو الدولية على أنّه "يجب على السلطات اللبنانية أن تحقّق على وجه السرعة في الاعتداء العنيف المتعمّد خلال مسيرة الحريّات التي دعت إليها أكثر من 24 منظمة من منظمات المجتمع المدني في 30 أيلول احتجاجاً على حملة القمع الأخيرة للحريّات الشخصية والسياسية في لبنان"، لافتةً إلى أنّه "يجب أن يشمل التحقيق إخفاق قوى الأمن الذريع في حماية المتظاهرين من الهجوم".
 

وفي بيان، قالت: "شهادات ثلاثة شهود عيان بالإضافة إلى المشاهد المصوّرة التي اطّلعت عليها منظمة العفو الدولية، أكّدت أن عناصر قوى الأمن الداخلي المتواجدين في مكان الحادث لم يتدخّلوا بشكل فعّال لمنع عشرات المعتدين على الدرجات النارية من إلقاء الحجارة على المتظاهرين، والاعتداء عليهم جسدياً، وتوجيه شتائم معادية لمجتمع الميم، خلال اشتباكات استمرّت قرابة الساعة. ونُقل متظاهران على الأقل إلى المستشفى بسبب إصابات وكدمات في الوجه والعين".

وفي السياق، قالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: "يجب إجراء تحقيق عاجل في الهجوم على المحتجّين الذين كانوا ببساطة يمارسون حقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي، بما في ذلك تقاعس قوى الأمن عن حمايتهم. إن الردّ غير المتناسب بالمطلق من جانب قوى الأمن يبقى صادماً بالنظر إلى طبيعة الهجوم العنيف الذي طال المتظاهرين".

وأضافت: "إن الامتناع عن التحقيق في هذا الاعتداء من شأنه أن يبعث برسالة تسامحٍ مع الهجوم ويشجّع المعتدين مستقبلًا على مهاجمة آخرين بسبب تعبيرهم عن هويتهم ومعتقداتهم، أو ما يفترضه المعتدون عنها".

وتابعت: "يقع على عاتق السلطات اللبنانية ووزارة الداخلية واجب ضمان عدم تعرض المتظاهرين السلميين للترهيب أو المضايقة أو الهجوم لمجرد مطالبتهم بحقوقهم".
 
وجاء في بيان منظمة العفو: "لم يتم القبض على أي من المعتدين على الرغم من تفاخر بعضهم علناً على وسائل التواصل الاجتماعي بأفعالهم وتهديد منظمات المجتمع المدني بمزيد من الهجمات في حال نظّموا مسيرات مستقبلية لدعم الحقوق والحريات للجميع.

ولم يُشِر برنامج المسيرة إلى حقوق مجتمع الميم. ومع ذلك، في الأشهر الأخيرة، درجت مجموعاتٌ في لبنان على اعتبار تعابير مثل "الحريات" و"الحقوق" كـ"ترويج" لمجتمع الميم، وحثت على تجريم أي تعزيز لحقوق هذا المجتمع في البلاد.

وكان عشرات المعتدين ينتظرون المحتجّين عندما وصلوا إلى نقطة التجمع في وسط بيروت لبدء المسيرة. واستمرّت المشاجرات بين المتظاهرين والمعتدين لمدة ساعة. وحاولت قوى الأمن الداخلي من دون جدوى إنشاء منطقة عازلة بين الطرفين، لكنها لم تفعل شيئاً آخر يذكر لوقف الهجوم.

وقرب نهاية المواجهة التي استمرّت ساعة تقريباً، أدخلت قوى الأمن الداخلي مجموعة من الناشطات النسويات والصحفيات إلى آلية تابعة لها بغرض حمايتهن، لكن المعتدين واصلوا رشق الآلية. وتمكّنت الناشطات والصحفيات في وقت لاحق من الفرار، ولكن ما كان عليهن تحمل معاناة هذا الهجوم في المقام الأول.

ويظهر مقطع فيديو اطلعت عليه منظمة العفو الدولية ثلاثة من عناصر قوى الأمن الداخلي يضربون متظاهراً كان يحثهم على وقف المعتدين.

وفي مقطعَيْ فيديو آخرَيْن، يمكن رؤية عناصر الأمن الداخلي وهم يضايقون الصحفيين لفظياً وجسدياً ويأمرونهم بالتوقّف عن تصوير الهجمات.

وفي العديد من مقاطع الفيديو، يظهر عناصر الأمن الداخلي وهم يقومون بمحاولات هزيلة للفصل بين المتظاهرين والمعتدين، من دون جدوى في الغالب.

ولم تعلن وزارة الداخلية ولا قوى الأمن الداخلي عن إجراء تحقيق في هذه الأحداث. وفي 2 تشرين الأول، قال وزير الداخلية إن المسيرة كانت غير مرخصة، وأن قوى الأمن، إلى جانب القوى العسكرية، "تعاملت مع الوضع بحسب ما تقتضيه الضرورة". إن عدم ترخيص مسيرة لا يعفي السلطات من التزامها بحماية المشاركين في الاحتجاج.

وأبلغ العديد من المحتجّين الذين تعرضوا للاعتداء والضرب منظمة العفو الدولية أنهم يفكرون في تقديم شكاوى، ولكنهم متردّدون بسبب المخاطر التي قد يتعرّضون لها بسبب ذلك. وقال محامٍ يدعم المحتجّين لمنظمة العفو الدولية إن الناس "معها حق تكون خايفة".

وقال أحد المحتجّين الذين تعرّضوا للضرب المبرح لمنظمة العفو الدولية إنّه لا ينوي التقدّم بشكوى كونه يخشى أن يتم استهدافه، خاصةً بعدما انتشرت صورته على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال: "أخشى أن يؤدي تقديم شكوى إلى استفزاز الجماعات المتطرفة بينما نعيش في دولة فاشلة".

تصاعد الخطاب المناهض للحريات

منذ حزيران 2022 وبحماس أكبر منذ تموز 2023، كثف القادة السياسيون والدينيون حملتهم ضد مجتمع الميم. وفي حزيران 2022، حظر وزير الداخلية كافة التجمعات خلال شهر الفخر، معتبراً أنها تهدف إلى الترويج لـ"الشذوذ الجنسي".

ومؤخراً، دعا زعيم حزب سياسي بارز إلى قتل أفراد مجتمع الميم، بينما سعى وزير الثقافة بشكل حثيث إلى منع عرض فيلم "باربي" على أساس أنه "ينافي القيم والأخلاق"، وطالب وسائل الإعلام باستخدام مصطلح "الشذوذ الجنسي" لوصف المثلية الجنسية. كما حظر وزير التربية لعبة السلّم والحية في المدارس لأنّ عليها علم قوس قزح.

في آب، هاجمت مجموعة "جنود الرب"، وهي جماعة مسيحية يمينية متطرفة، حانة يُعرف عنها أنها تُرحب بأفراد مجتمع الميم، حيث دمرت الأثاث، وضربت الناس، وتوعدت صاحبة الحانة بمزيد من أعمال العنف في حال استمرار الحانة في ما اعتبره المعتدون "الترويج للمثلية الجنسية". وأبلغت صاحبة الحانة منظمة العفو الدولية أن قوى الأمن الداخلي وصلت إلى المكان خلال الاعتداء، وسعت لمنع المعتدين من دخول الحانة، كما ساعدت بعض الرواد في محاولتهم مغادرة المكان، لكنها لم توقف الهجوم أو تعتقل أيًا من المعتدين. وحتى الآن، لم يُحاسب أي شخص على تنفيذ هذا الاعتداء.

ختاماً، يجب التذكير بأن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صادق عليه لبنان في العام 1972، يكفل لكل شخص الحق في حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات من دون تمييز".
 

 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم