الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"البقلاوة" أشعلت أكثر من مليوني متابع والانتقادات لم ترحم... كيف ردّت "أبعاد"؟

المصدر: النهار
جودي الأسمر
جودي الأسمر
من فيديو "البقلاوة"
من فيديو "البقلاوة"
A+ A-

الجدل لا يزال يتفشى حول فيديو "البقلاوة" للفنانة اللبنانية ريمي عقل، الّذي تبنّته ونشرته منظمة "أبعاد" المدافعة عن قضايا المرأة ومناهضة العنف والتمييز المسلطين ضدها في لبنان والمنطقة العربية. حقق الفيديو خلال يومين أكثر من مليوني مشاهدة وتصدر الهاشتاغ على تويتر.

 

"النهار" تواصلت مع "أبعاد" لفهم خلفيّة الفيديو وموقفها من الجدل الدائر. قبل الدخول الى خلفية العمل من زاوية صانعيه، الفيديو اختصارًا يظهر أمثلة من العنف اللفظي والجسدي الذي تتعرض له المرأة، ومعاكسات الشارع الّتي تشبّهها بـ"البقلاوة" غيض من فيض. تقول عقل: البقلاوة التي تتحدث عنها، والتي تحلّي حياتك، تخاف منك ليلاً نهارًا، صباحًا مساء، مشيًا في شارع الحي أم في مدخل البناية "لأنك خطر".

 
 
 
 
فيديو مضادّ
 

آراء كثيرة أيّدت الفيديو لكن هناك حضور وازن لأصوات عارضت أيضاً. بداية ولتأطير الصورة، الانتقادات كانت نوعين: انتقاد "كلاسيكي" ويعبّر عن دفاع الرجل عن نفسه كرد فعل على صورة المتحرش والمعتدي في الفيلم، وانتقاد ثان وهو محور الجدل الأكبر، وجهه بعض النشطاء والمجموعات النسوية التي تتبنى قضية "أبعاد"، فانتقدت تنميطات كثيرة للمرأة تناقض قضية الفيلم، من خلال نصّ مفكك وشرذمة في الكلام. 

الانتقاد الأكثر ضراوة جاء عبر صفحة "أخبار الساحة"، فنشرت فيديو يعبر عن قاذورات الجسم ويتناولها باللغة المحكية الفجة "تماهيا مع الواقع"، لأنّ فيديو "البقلاوة" يطرح "خطابات انبطاحية"، وطالب الفيديو المضاد بـ"عدم تمييع القضايا وإظهارها بصورة نمطية وإظهار (النساء) كضعيفات ومستجديات"، مع إشارة الى "فائض تمويل" يتعمد "جذب الاعلانات".

في ضوء الاستيضاح، تبرز مؤسسة ورئيسة "أبعاد" غيدا عناني أن "هذا الفيديو ليس لـ"تذكير المؤمنين". فهو لا يتوجه لتقنيين ولا مناضلين ولا للأفراد الذين يدركون ويناصرون ويدعمون قضايا التحرش ضد المرأة. نحن نحاول الوصول للشرائح التي لا تتبنى هذا الخطاب سواء نساء أو رجال، ونجحنا بالفعل بدليل الامتداد الذي حققه في لبنان والبلدان العربية والعالم. ومن الضروري القول أيضا أننا لا نعمم هذه المسلكيات الخطرة على كلّ الرجال، نحن نشير بالأصبع على من يمارسها بالفعل وردّ كل محاولات تطلق اللوم على المرأة وتتهمها بتسليع نفسها وتجعلها موضع استهداف. كما أن عدم طرح النمطية لا يعني أنها غير موجودة والهدف من نشرها في الفيلم ليس تكريسها طبعا بل تكسيرها".

وحول الغايات المالية التي تشكل إحدى أهم وصمات المجتمع المدني، تجيب عناني أن "الموارد المالية المستثمرة بهذا الفيلم هي قليلة جدا جدا مقارنة بأي انتاج آخر من هذا النوع. ولم ولن نحاول تحريك تبرعات أو تمويل من خلال استغلال قضايا المرأة. نهج "أبعاد" يدعم الاستقلالية الذاتية للنساء فكيف الحري بعملنا كمؤسسة".

 

غايات "البقلاوة"

وتأتي واحدة من غايات الفيلم في "دعم فنانة بمقتبل العمر، لها نسقها وأسلوبها. أعطيناها المساحة في النص والاخراج لإظهار فكرتها الخاصة لتصوير واقع متغلل في مجتمعاتنا".

 

وتوضيحا أيضا للغايات، تعيد "أبعاد" تموضع "البقلاوة" كـ "فيديو أخير ضمن سياق أوسع هي حملة الأمان لمن تصنع الأمان التي تزامنت مع حملة الـ16 يوم الدولية لمناهضة العنف ضد النساء. أردنا تكريم وتثمين المرأة في أدوار محورية تصنع الأمان للمجتمع داخل القطاع الصحي أو الدفاع المدني أو الاعلامي... الحملة تحاول إظهار الازدواجية بين أساس دورها في صنع الأمان وغياب إحساسها الشخصي بالأمان"، وحاولنا  "إظهار الفجوات الاجتماعية العديدة سواء على مستوى الموروث المجتمعي أو النصوص القانونية وهذا ما ظهر في الفيديو الأول لدانيال رزق الله".

وبينما يندرج الفيديو الأول ضمن معايير متداولة في نقاش قضايا النساء، ولذلك لم يثِر هذه الموجة، لا تنفي عناني بل تؤكد أنّ الأثر الصّادم لفيديو "البقلاوة" كان متعمدًا "هناك شريحة واسعة لا تصل اليها الحملات التقليدية. تعمدنا الى حد بعيد ترك انطباع صادم لخلق حوار متجدد حول حماية النساء خصوصا في لبنان، لأنها لم تكن يوما أولوية في منظومتنا الذكورية. وضعية السُبات التي نعيشها، جعلتنا نقرر توجيه "صفعة" لإيقاظ الوعي لأن الأولويات تشعبت وابتعدت عن تحسين واقع النساء في ظل غرق لبنان بأزماته الاقتصادية وانهيار القطاع المصرفي والكارثة الانسانية الأخيرة."

وحول الايجابيات، "هناك ردود فعل مؤيدة جدا تماهت مع الصورة والمضمون. الفيديو نجح حقا في استقطاب الفئة المعنفة. مؤشر رائع ظهر في أكثر من 300 اتصال تلقتها "أبعاد" خلال 48 ساعة من فتيات وسيدات يبلغن حول انتهاك أو تمييز أو عنف أو اغتصاب أو وضعيات سفاح تعرضن لها".

 ليست "أبعاد" شركة فنية، ولذلك من اللازم تناول "البقلاوة" في ضوء تحقيق الأثر. انتشر الفيديو كالنار بالهشيم وكذلك شجّع نساء للابلاغ عن تعرضهن للعنف. هذا تحديدا ما يطرح سؤالا آخر عن نتائج المدى البعيد. حين يستعين المدافعون عن قضايا المرأة والمجتمع عمومًا، بقواعد اللعبة الجماهيرية الجديدة، سنراكم على منصاتنا مواد ملتبسة بين ثبات الحق، ومتحركات هذه الوسائط الفنية والبصرية وربما الإنشائية الفضفاضة الخاضعة للذائقة الذاتية، والتي تمتلك المدى والحقّ المطلقين في التقييم والرد. لكن هل يصل الرد سواء على الشكل أو المضمون بإسقاط القرف والشتيمة على منصّات النّاس؟ بذاءة تجمع ولا تجد خلافا مع المتحرش.

 

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم