السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

صديقي مروان... إلى اللقاء بـ"كادر" أفضل للحياة!

المصدر: "النهار"
ديما عبد الكريم
ديما عبد الكريم
الزميل مروان عساف.
الزميل مروان عساف.
A+ A-
لم أكن أعرف مروان إلّا عبر محادثات "الواتساب"، حين كان يزوّدني بالصور خلال عملنا في الموقع: "مرحباً... أهلاً، لو سمحتي وشكراً". محادثة لطيفة وخفيفة، فيها شيء من الاحترام النادر والمحبّة المجّانية التي تشدّك بقوّة، إلى أن أصبحنا صديقين افتراضيَين عبر "فايسبوك".
 
كعادتي، أتصفّح صور مَن أُضيفهم. في صور مروان ملامح واضحة، تظهر الأشياء المزروعة داخله. ضحكة لا تفارق وجهه، كأنّها الفرصة الأخيرة لإسعاد من حوله.
 
التقيت به للمرّة الأولى في ليلة من ليالي ثورة 17 تشرين. يومها كانت الساعة تقارب السادسة والنصف مساءً، حين تعرّض مروان لوعكة صحّية من جرّاء استنشاقه غاز القنابل المسيّلة للدموع، خلال تغطيته المباشرة على الأرض للأحداث.
 
دخل مروان مكاتب الجريدة، والدخان يملأ المكان. شعاع "اللايزر" الذي كان يستخدمه المتظاهرون باتجاه زجاج المبنى أفقدني التركيز. صاح أحدهم "دخيلكم"... التفتنا، إنه مروان!
 
حاول التماسك ولم ينجح، سقط على الأرض. حاولنا استيعاب ما يحصل... "مبلا هيدا مروان". 
 
حينها كان خوفه على الكاميرا من أن ترتطم بالأرض أكبر من خوفه على نفسه، فحاول النهوض وبصوت خافت: "ما عم فيّي آخد نفس، دخلك يا الله، اطلبو الإسعاف". 
 
نتيجة إقفال الطرق، تأخّر فريق الصليب الأحمر بالوصول، فطلب أحد الزملاء من المسعفين تزويدنا ببعض الإرشادات عبر الهاتف لمساعدته إلى حين وصولهم.
 
وصل عناصر الصليب الأحمر، وقبل مغادرته معهم، التفت مروان إلينا وابتسم: "شكراً ما في منكن". 
 
بعد أيام، وقد تحسّنت حالته نسبياً، اتصل بي مروان فقط ليقول: "شكراً". تحدّثنا وضحكنا يومها كثيراً وانتهى حديثنا بـ"شوفك على خير".
 
التقيت به بعدها مرّات عديدة في الجريدة. لم تكن اللقاءات طويلة. دردشات عابرة لا تخلو من المزاح والضحك. 
 
زميلي وصديقي مروان... المُحبّ، المحترم، الشغوف، المقدام، صاحب الضحكة الدائمة... إنها أيام ثقيلة، ثقيلة جداً، زادها رحيلك ثقلاً هذا الصباح... إلى اللقاء حتماً في "كادر" أفضل للحياة!
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم