الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

رحيل المهاجر "الأصيل" فؤاد العبد... خطفه كورونا وبقيت أحلام لبنانه

المصدر: "النهار"
فؤاد العبد.
فؤاد العبد.
A+ A-
الفيروس يفتك ولا يرحم. ولا تشفع أخبار اللقاح في الحدّ من المآسي. صباح اليوم طالعنا الخبر الحزين بوفاة رجل الأعمال اللبناني فؤاد العبد في الولايات المتحدة، متأثراً بمضاعفات اصابته بفيروس كورونا المستجد. هكذا انضم الراحل الى قافلة الضحايا التي أفجعت القلوب بالفراق وحرقته.

فؤاد العبد اسم لامع في الاغتراب اللبناني. غادر لبنان قبل 42 عاماً، راسماً طريق المستقبل المليئة بأحلام شابٍ لم يتجاوز الـ17 عاماً. وخلال المسار الطويل من النجاحات، حرص الراحل على إبقاء التواصل مع منطقة الشرق الأوسط عامة وبلده لبنان خاصة. وترجم إيمانه بشباب لبنان ورهانه على أنهم بناة مستقبل لا يمكن إلا أن يكون مضيئاً.
 
من عاصمة الشمال طرابلس إلى كاليفورنيا، اتجّه فؤاد العبد لمتابعة دراسته الجامعية. ولطالما حدّث والده عن حلم السفر، الأب الذي تحفّظ بادئ الأمر عاد وشجّع نجله نزولاً عند رغبته، "هاجرت وفي جعبتي 700 دولار أميركي فقط، هذا جُلّ ما استطاع والدي أعطائي" يقول فؤاد في حديث سابق لـ"النهار". حينها عاد في الذاكرة إلى بداية الرحلة "التحقت بمعهد لتعليم اللغة الانجليزية في كاليفورنيا، ثم حزت على ماجيستير في التكنولوجيا، وعَمِلت في إحدى الشركات التي تزوّد المصانع والمعامل بالآلات والمعدات، ومن ضمن مشاريعنا بناء مصانع في منطقة الشرق الأوسط، فتولّيتُ مسؤولية تلك المنطقة بحكم تمكُّني من اللغة العربية، وهكذا لم تنقطع العلاقة بالمنطقة العربية". أثبت اللبنانيون على مرّ السنين أنهم، أينما وجدوا، يحققون أفضل وأعلى المراكز والمناصب. طموحهم كبير، وهكذا كان. طموح فؤاد دفعه إلى تأسيس شركة "كاليفورنيا غاردن" التي تعنى بتصنيع المعلّبات، وقلّما لا نجد منتجاتها اليوم في البيوت العربية واللبنانية.
 
في مقابلته مع "النهار" (17-10-2018)، تحدث المهاجر الطرابلسي عن الحنين الدائم إلى وطنه، وإن "احتلت طرابلس المرتبة الأولى"، لافتاً إلى أن مسؤوليته كبيرة تجاه لبنان وشبابه تحديداً "يذكروني بنفسي يوم عزمت على الرحيل، واليوم حاولت الاستفادة من وجودي في لبنان تلبية لدعوة وجهتها اليّ الجامعة الأميركية اللبنانية في بيروت، فتكفّلت بتجهيز مختبر لطلاب اختصاص التغذية في الجامعة، نتيجة خبرتي في هذا العالم، ولمنحهم فرصة إجراء اختبارات في عالم لا يزال جديداً وأمامهم الكثير لاكتشافه وتصنيعه". 

على المستوى الرسمي، يمكن للسفارات أو القنصليات اللبنانية حول العالم، برأي فؤاد، أن "تلعب دوراً أكبر مع الجالية اللبنانية، لإطلاعها على مكامن النقص، والحاجة، بطرق علمية مدروسة ودقيقة، يمكن أن تكون على شكل اقتراحات مشاريع تخدم المجتمع اللبناني بأسره، شرط أن تبعد كل البعد عن السياسة والأديان والمؤسسات الرسمية للدولة". كذلك طرح العبد إمكانية التنسيق بين الجامعات والسفارات، لتعرض الأخيرة حاجة الصروح الجامعية في اللقاءات التي تعقد مع الجاليات اللبنانية، لافتاً إلى أهمية التسويق الصحيح للأفكار لتصل إلى أكبر شريحة ممكنة.

حمل فؤاد، المهاجر الطرابلسي الأًصيل، أحلاماً كبيرة لوطنه ولأدوار الدياسبورا تجاهه. حتى اللحظة الأخيرة، كان يعوّل على قيامة مرجوة مشدداً على ايمانه بالأدمغة والطاقات التي يحفل فيها بلد الأرز. خطفت الجائحة فؤاد العبد، وعيون لبنان والعالم على خلاص البشرية من الوباء بعد بدء عمليات التلقيح الرسمية. رحل فؤاد وترك فكراً ونهجاً عن دور المغترب الملتزم تجاه وطن كثرت ويلاته وأزماته. التزام وايمان لم ينقطعا يوماً رغم كل شيء.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم