الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

تفاصيل "أسبوع المحاكمات" لثوار ومدوّنين... "لوقف القمع واستقلالية القضاء"

المصدر: "النهار"
جودي الأسمر
جودي الأسمر
متى يحاكم المسؤولون عن انفجار مرفأ بيروت؟ (أ ف ب).
متى يحاكم المسؤولون عن انفجار مرفأ بيروت؟ (أ ف ب).
A+ A-

تلخيصاً لـ"أسبوع المحاكمات" ضد المتظاهرين، وفي البند الأبرز "معاملة القوى الأمنية بالشدة": حكم بالبراءة للغالبية وإرجاء المحاكمة المتعلقة بتظاهرات 17 تشرين.

 

وإذ تدخل محاكمة الثوار والمدونين سباقاً مع الزّمن، تؤكد على سمة السلطة "القمعية" التي تلاحق من يعارضها وتخنق الصوت، في مقابل أزمات جوع ووباء واقتصاد ومال وانفجار مأسوي وملفات فساد أجهضت أو قصّرت أو استنكفت عن معالجتها.

 

ولعلّ أبلغ مؤشر لتعسف السلطة،  ينعكس بـ1600 استدعاء، منذ اندلاع ثورة 17 تشرين، وفق تقديرات "لجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين"، فيما سجل مركز "سكايز" أكثر من "250 انتهاكاً بحق حرية التعبير في لبنان عام 2020، من بينها أكثر من 40 حالة استدعاء لصحافيين وناشطين".

 

نتائج المحاكمات

عضو اللجنة المحامي أيمن رعد يوضح لـ"النهار"، أنّها "البداية لأسابيع من المحاكمات، ستتكثف بعد تأجيلها بسبب الإغلاق. قبل هذا الأسبوع، نجحنا في تبرئة 90% من المتهمين، ضمن 39 ملفًا من أصل 40، والبقية تنتهي بكفالات مالية صغيرة".

ويرى أن الادعاءات  تجهض بسبب "الملفات الفارغة التي تساق ضد الثوار، من خلال النيابة العامة التمييزية التي تشكل الذراع القضائية للمنظومة السياسية"، وفق قوله. 

 

وفي حصيلة الملفات ومعلومات "النهار" حول الجلسات الأخيرة، نوجز ما يأتي:

 

- الجمعة 16 نيسان: ثلاثة ملفات ختمتها المحكمة العسكرية بـ15 حكم براءة  لـ15 مدعى عليهم، على خلفية مظاهرات جلسة الثقة (11 شباط 2020)، وتسكير طرقات في سعدنايل، واتهام ناشط بقدح وذم المؤسسة العسكرية وتحقير رئاسة الجمهورية في تدوينات على فايسبوك تناولت قمع المتظاهرين في جل الديب.

 

- الأربعاء 14 نيسان: حكم براءة عن المحكمة العسكرية في ملف 4 شبان احتجزوا ليلة ثكنة الحلو (15 كانون الثاني 2020)، بنتيجة عدم كفاية الأدلة بالتهمة، وهي "معاملة قوى الأمن بالشدة". وكان عناصر مكافحة الشغب قد أوقفوا أكثر من 60 متظاهراً طالبواً بالإفراج عن معتقلين متواجدين في الثكنة، اعتقلوا في الليلة السابقة خلال تظاهرة ضد المصارف.   

 

- الثلثاء 13 نيسان: ترك الناشطتين نسرين شاهين وهبة دندشلي بسند إقامة، مع الاحتفاظ بحق الادعاء ضد مستشار النائب جبران باسيل، المحامي ماجد بويز، بعد مثولهما لدى الشرطة القضائية في ثكنة بربر خازن- فردان. وكان بويز اتهمها مع مجموعة نشطاء بـ"قدح وذم وتهديد ومنع من ممارسة المهنة"، في 6 حزيران المنصرم، على خلفية انعقاد التحقيقات مع الناشطين جينو رعيدي وتيمور جريصاتي في دعوى رفعها النائب فادي جريصاتي، حيث تأخر بويز 5 ساعات عن الحضور، وعند ظهوره سار نشطاء خلفه هاتفين ضد المحامي، لأنه احتجز حرية الشابين.

 

- الإثنين 12 نيسان: تأجيل المحكمة العسكرية الجلسة إلى 3 تشرين الثاني المقبل، لتبليغ جميع المدعى عليهم وهم  7 أشخاص، بتهمة "معاملة قوى الأمن بالشدة"، خلال مشاركتهم في التظاهرات.

 

شهادات بزيع والنعيمي

يستنتج المحامي رعد، أن "النيابة العامة توجه اتهامات "معاملة قوى الأمن بالشدة، فيما الواقع يشي بعكسها تماماً".

وتحدثت "النهار" الى محمد بزيع، الملقب بـ"فتى المصارف"، بعد تبرئته في ملف جلسة الثقة. وقال: "الأحكام تفصيلية. الأصل أننا لم نجد مبرراً للتهم. لكن يبدو أن النيابة العامة تقدم إدعاءات بملفات خالية من الأدلة، بهدف ترهيب نشطاء الانتفاضة وتلطيخ سجلاتهم العدلية. ولا نستغرب كثيراً أن النيابة العامة، الوصية على ما يسمى بـ"الحق العام"، تتفرغ لملاحقة مشاركين بالانتفاضة فيما يهدر هذا الحق العام بسطو السلطة الفاسدة على مقدرات البلد وإبادته"، متابعًا "لقد أثبت الوقت أننا كنا محقين بالتظاهر ضد حكومة دياب".

وكان بزيع قد اعتقل في محيط مبنى الإسكوا وسط بيروت، خلال انعقاد جلسة الثقة، فيما كان يمسك الناشط بالميغافون متحدثاً عن "حقوق العسكر المهدورة وهم يحمون السلطة الجشعة". وتلقى الناشط  الضرب بشكل علني وموثق، قبل اقتياده إلى ثكنة الحلو.

أمّا الناشط والأب لثلاثة أطفال والعامل في النقل العام، ابرهيم النعيمي، من سعدنايل، فأصرّ أن يرافع عن نفسه يوم الجمعة. ويقول لنا: "كنت على ثقة بأنّني بريء وحر في تعبيري عن حق المريض والمسنّ والجائع والطفل، أين الجرم في ذلك؟ لقد انضممت لمظاهرات 17 تشرين السلمية، أطالب بحقوقنا المدنية".

ومن الأمثلة، أن "5 متهمين في تحقيقات الاثنين، أدلوا بشهاداتهم الأولية في المستشفى لأنهم تعرضوا لضرب مبرح من قوى الأمن وقذفوا بالحجارة"، و"في ملف ثكنة الحلو، لا ننسى أن قوى مكافحة الشغب سحلت المتظاهرين بالقوة إلى داخل الثكنة".

ويقول أحد الثوار في محضر الجلسة: "بينما كنت أتظاهر بسلمية، ضُربت بحجر في رأسي، فذهبت الى عناصر مكافحة الشغب أطلب منهم الاستعانة بالصليب الأحمر. وإذ بهم يقتادونني إلى الريو لاعتقالي".

في سياق ملاحقة النشطاء، يضيف المحامي أنّ "التحقيقات في أحداث طرابلس شهدت على إخفاء قسري لمتهمين ومنع المحامين من حضور التحقيقات أو الإبلاغ عن أماكن الاحتجاز. انتهاك صريح لتعديل المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية"، ما يوثق برأيه لـ"كارثة حقوقية"، أشارت إليها "هيومن رايتس ووتش" في تقرير صدر بتاريخ 29 آذار.

 حينها، لحظ التقرير أنّ "جميع المحتجزين (عددهم 35)، باستثناء الأربعة الذين استُدعوا إلى وزارة الدفاع، خضعوا للتحقيق بدون حضور محام"، و"قال المحامون إن التحقيق مع 13 محتجزاً جرى من قِبل عناصر من مخابرات الجيش، وإن اثنين استُجوبا من  قبل "شعبة المعلومات".

وفي تموز 2020، أعلنت 14 منظمة لبنانية ودولية، من بينها "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية" تشكيل "تحالف للدفاع عن حرية التعبير في لبنان"، وذلك "للوقوف في وجه محاولات السلطات اللبنانية قمع حرية التعبير والرأي في البلاد".

ووثّق أعضاء التحالف ارتفاعاً مقلقاً في عدد "الاعتداءات على حرية التعبير والرأي السلميين" منذ حراك "طلعت ريحتكن" عام 2015.

 

تعسف النيابة العامة

ولا بدّ من الوقوف عند أضرار غير مباشرة بالأمن والمؤسسات، وستتبلور في حال استمرار اتهامات النيابة العامة بـ"معاملة القوى الأمنية بشدة"، ما قد يحوّل سلوك المتهمين السلميين الناقمين إلى سلوك عنفي. أيضًا، في إفراط وعشوائية تهم "تحقير رئاسة الجمهورية" و"قدح وذم المؤسسة العسكرية"، ذريعة بدون مضمون، تتضاءل جديتها وصدقيتها بمرور الوقت، تسيء ولا تحمي هيبة الرئاسة والأمن.

من هنا ضرورة "الإصرار على مطالبة النيابة العامة بالاستقلال عن السلطة السياسية"، وفق أيمن رعد.

 ويحرص المحامي على "إزالة مغالطات الرأي العام باعتقاده أن المحكمة العسكرية تدير هذه الملفات. حقيقة الأمر، أن "تحقير رئاسة الجمهورية" يقع خارج اختصاص المحكمة العسكرية. وقد أحالت مرات عديدة هذا الملف الى القضاء العدلي، بعدما  أقرت أنه خارج صلاحياتها".

 

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم