الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"حزب الله" "مطمئن" حتى ولو انتهت مبادرة ماكرون!

المصدر: "النهار"
أحمد عياش
أحمد عياش
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ ف ب).
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ ف ب).
A+ A-
 
 
لن يأتي الوقت ليعلن "حزب الله" موقفه الفعلي من المبادرة الفرنسية التي أطلقها الرئيس إيمانويل ماكرون في زيارته الأخيرة للبنان في مستهل الشهر الجاري. لكن في ظل الكتمان الذي يحيط بهذا الموقف الفعلي، كانت المعلومات التي تواترت في الايام الاخيرة حيث بدت فيها المبادرة الرئاسية الفرنسية تترنح تحت وطأة مطالب الثنائي الشيعي ظاهرياً، ولكنها مطالب الحزب ضمنيا، تفيد ان الاجواء القيادية للأخير تصل الى ما من يعنيهم الامر ان ليس هناك ما يستدعي "الهلع" في ما لو فشل مسعى باريس الى تأليف حكومة كما ارادها ماكرون وكما حاول الرئيس المكلف مصطفى اديب بأمانة تشكيلها. من أين أتى هذا "الاطمئنان" الى "حزب الله" في وقت كان لبنان يضع يده على قلبه من فشل جهود سيد الإليزيه؟ 
بداية، لا بد من توضيح أمر جوهري متصل بقوة المبادرة الفرنسية، كما تقول اوساط في المجتمع المدني لـ"النهار" بعد اتصالها المباشر بالرئيس ماكرون خلال زيارتَيه للبنان. فبحسب معلومات هذه الاوساط، ان منطلق قوة هذه المبادرة متصل بتهديد باريس بإنتقالها الى المعسكر الاوروبي الذي حسم موقفه لجهة تصنيف "حزب الله" منظمة إرهابية بجناحَيه السياسي والامني على غرار ما فعلت المانيا بعد بريطانيا، وحذت حذوها دول عدة في القارة. وإذا ما إتجهت باريس الى تبني هذا التصنيف، فهي ستكون مركز الثقل في القرار الاوروبي الشامل لتأثيره أيضاً على مواقف دول مهمة على الضفة الغربية للمتوسط وفي مقدمها إيطاليا وإسبانيا اللتين ما زالتا حتى الان الى جانب الموقف الفرنسي المتميّز في التعامل مع "حزب الله" على غرار تميّزه في العلاقة مع إيران. 
 
 
تشير الوقائع التي رافقت الجهود الفرنسية، طوال أكثر من أسبوعين الى ان باريس استخدمت كل اوراق الضغط في لبنان كي تصل مبادرتها الى خواتيم إيجابية. وبحسب هذه الوقائع، كما علمت "النهار" ان الزيارة التي قام بها الرئيس سعد الحريري قبل ايام لرئيس مجلس النواب نبيه بري، حملت "تطمينات" بأن ليس هناك ما يدعو الى القلق من وصول حكومة، كما يريدها ماكرون، في مهمة محددة بأشهر قليلة قبل نهاية السنة الحالية من إجل توفير طوق النجاة كي يتجنب لبنان الغرق نهائيا في ازماته المالية والاقتصادية والاجتماعية. وبدت هذه "التطمينات" بمثابة رسالة فرنسية تولى نقلها الرئيس الحريري. إلا ان الرئيس بري لم يتلقف الرسالة كما أرادها موصلها ومرسلها لأسباب تبيّن لاحقا انها تعود الى مشاروات تمت بعيدا من الاضواء بين مقر عين التينة وقيادة حارة حريك حسمت الموقف برفض إعطاء الفرصة لحكومة التزم الرئيس المكلف تشكيلها وفق المواصفات الفرنسية.
 
يستعيد المراقبون وقت صدور العقوبات الاميركية الاخيرة بحق شخصيتين بارزتين في حركة "أمل" وتيار "المردة" وهما الوزيران السابقان علي حسن خليل ويوسف فنيانوس. ولم يكن هناك أي شك في ان هذه العقوبات كانت موجهة عمليا الى زعيمي التياريّن الرئيس بري والوزير السابق سليمان فرنجية. وفي قراءة موقف "حزب الله" من العقوبات فور صدورها، يتبيّن ان الحزب لم يكن "حزيناً" وفق تعبير شخصية شيعية معارضة التي قالت لـ"النهار" ان موقف الحزب الفعلي كان "موصوفاً بالسعادة لأن واشنطن قدمت للحزب ورقة في عز الحاجة اليها وهي توحيد جبهة الرفض للولايات المتحدة الاميركية حتى ولو كان ذلك على حساب مراعاة المبادرة الفرنسية". ودعت هذه الشخصية الى "مقارنة ما كان عليه موقف الرئيس بري قبل العقوبات وبعدها ليتبيّن ان زمام المبادرة انتقل بالكامل الى حزب الله الذي تعامل مع هذه العقوبات على انها نهاية دور الوسيط الشيعي الذي تولاه لعقود الرئيس بري". 
 
 
خلال حوار دار في نهاية الاسبوع الماضي بين ناشط سياسي على علاقات مع "حزب الله" وبين قيادي في الحزب يتولى مسؤوليات خارج بيروت، سأل الناشط القيادي عما إذا الحزب يخشى من تطور الامور في حال فشلت المبادرة الفرنسية الى صدور عقوبات تستهدف الحزب على مسوى القارة الاوروبية رد الاخير مبتسماً: "اطمئن، ليس هناك ما يدعو الى القلق". 
كيف ستتطور الاوضاع في لبنان في الايام المقبلة تبعاً لما ستؤول اليه جهود تأليف الحكومة نجاحاً أو فشلاً؟ 
 
 
في ما يشبه الجواب على هذا السؤال يقول الرئيس فؤاد السنيورة في حديث لإذاعة "صوت العرب" المصرية: "هناك ضغوط كبيرة على الدول الأوروبية لتحذو حذو بريطانيا وألمانيا في اعتبار حزب الله حزباً إرهابياً. ولا تزال فرنسا تتحفظ عن الموافقة على هذا المطلب. ولذلك هناك مخاطر كبيرة تتحسسها إيران ويتحسسها حزب الله نتيجة عدم التجاوب مع المبادرة الفرنسية في لبنان مما ربما يؤدي إلى حذو فرنسا حذو بقية الدول الأوروبية في ما خصّ تصنيف حزب الله حزباً إرهابياً". 
لا بد من مواكبة ربع الساعة الاخيرة من زمن المبادرة الفرنسية لمعرفة اتجاه التطورات في لبنان. فإما تتغير دفة هذه التطورات فجأة بعدما بلغت حافة الهاوية فيمضي قطار هذه المبادرة الى محطته التالية بعد الانتخابات الاميركية في تشرين الثاني المقبل. وإما تصحّ "تطمينات" القيادي في "حزب الله" الذي يعكس فعليا ما تفكر فيه طهران الآن، والذي يمكن صياغته على النحو الاتي: انتظرنا اربعة اعوام تقريباً، هي اعوام الرئيس الاميركي دونالد ترامب في البيت الابيض، ولا ضرر من انتظار أقل من شهرين لنعرف من سيأتي الى هذا البيت. 
بين مبادرة فرنسية محفوفة بالتساؤلات وبين انتخابات رئاسية أميركية لم ينجل غبارها، كان الله في عون البيت اللبناني! 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم