السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

مَن سيسبق مَن: الإنقاذ الحكومي أم الفوضى العارمة؟

المصدر: "النهار"
تصوير حسام شبارو
تصوير حسام شبارو
A+ A-
قبل أن تتبلور نتائج الاختبار الجديد لاستكمال مسار تأليف الحكومة الجديدة والذي انطلق مبدئياً مع اللقاء الأخير بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري على أن يأخذ مداه الاوسع في لقاء آخر اليوم، تبدو المناخات المحيطة بمسار التأليف محفوفة بمزيد من الشكوك، ليس على صعيد ولادة وشيكة للحكومة فحسب، بل تطاول أيضاً احتمالات ما بعد ولادتها المفترضة. ففي اعتقاد الكثير من الأوساط الديبلوماسية المعنية لدى الدول المانحة والداعمة للبنان أن الإنقاذ الحقيقي للواقع اللبناني لم يعد يقتصر على معالجات ظرفية وآنية على أهمية هذه المعالجات وإلحاحها في واقع متدهور بسرعة كبيرة ومخيفة كالوضع اللبناني وإنما يتجاوز ذلك إلى جراحات سياسية وإصلاحية عميقة للغاية لا تبدو ماثلة إطلاقاً في الوضع القائم في لبنان.
 
 
 
لا تثير الأوساط المعنية حالياً هذا البعد بكثرة وكثافة لأن جلّ ما يركز عليه المجتمع الدولي، سواء من خلال دعمه للمبادرة الفرنسية إلى أقصى المستطاع أو من خلال المبادرات الخاصة للدول التي تنخرط في مساعدات مختلفة للبنان في مجالات ملحة، هو فتح ثغرة أساسية في أفق الانسدادات السياسية والأزمات المتلاحقة والمترابطة التي تضغط بقوة متعاظمة على حياة اللبنانيين والدورة الاقتصادية والمالية والاجتماعية في لبنان انطلاقاً من تقديم الإنقاذ الذي يكفل منع الانهيار الكبير أولاً ومن ثم التفرغ تباعاً للمعالجات الجذرية، إذ لم يعد يخفى على أحد، لا في الداخل ولا في الخارج المعني برصد مجريات الواقع اللبناني، أن المضي طويلاً بعد من دون حكومة تتمتع بالحد الأقصى من الفعالية والقدرة على أن تشكل فريقاً منسجماً وكفؤاً ومستنفراً على مدى شهور طويلة في بداية مهمته، سيدفع بلبنان فعلاً نحو مصير يصعب التكهن بمدى خطورته التصاعدية.
 
ولا يقف الامر عند هذه المحاذير بل بدأت المخاوف الخارجية كما الداخلية تتخذ منذ مدة طابع التحسب الجدي لاحتمالات تفلت الوضع الأمني في لبنان على نطاق واسع ليس من الزاوية التي أثيرت أخيراً في شأن ما تردد عن اغتيالات وتقارير لدى بعض الأجهزة الأمنية في هذا الصدد عُرضت في الاجتماع الأخير للمجلس الأعلى للدفاع . ولكن الخشية الحقيقية العاجلة لدى الأوساط الديبلوماسية نفسها ترتكز إلى وقائع اجتماعية وإحصاءات وأرقام وأعداد ودراسات بدأت تنشر تباعاً لدى المؤسسات والمنظمات والوكالات المالية والاجتماعية الدولية والأممية وكلها تشكل الإنذار التصاعدي باقتراب لبنان بل بملامسته الخط الأحمر أمنياً واجتماعياً.
 
 
 
فإذا كانت مستويات الفقر والعوز بلغت في سنة واحدة أرقاماً قياسية ومثلها نسبة اللبنانيين الذين يعيشون ما تحت خط الفقر ووسط بيئة مضطربة بهذا المستوى القياسي الذي عرفه لبنان في السنة الحالية المشارفة على نهايتها، فإن التساؤلات الكبيرة بل المخاوف الكبيرة تدور حول أي ضمانات ممكنة تبقى لمنع انزلاق لبنان من فوضى أمنية باتت تتوجس منها اكثر الدول الغربية في لبنان بعدما كانت دول أخرى خليجية وغربية بادرت إلى اتخاذ إجراءات بعضها علني وبعضها الآخر سري تحسباً لهذا الخطر؟ والواقع أنه حتى الآن لا تزال النظرة إلى الوضع الأمني تشكل نقطة تقاطع بين أوساط داخلية وأخرى ديبلوماسية خارجية لجهة بقاء نسبة عالية من القدرة لدى القوى العسكرية والأمنية والأجهزة الأمنية اللبنانية على الإمساك بناصية الاستقرار الأمني في حدوده المعقولة جداً. وتدلل على ذلك تجارب صعبة وقاسية واختبارات معقدة اجتازها لبنان بين العام الماضي حين انطلقت أوسع انتفاضة شعبية في لبنان في 19 تشرين الأول 2019 على نار الانهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي وعرفت فصولاً متشعبة ومتشابكة، ولكنها أثبتت استمرار القدرة على عدم الإطاحة بالاستقرار. ولكن هذا العامل المطمئن لمرحلة سابقة وحالية قد يكون في طريقه إلى أن يتبدل ويفقد جدواه متى اهتزت البلاد بفوضى اجتماعية – أمنية تفجرها ظروف الفقر والجوع والعوز والمرض والبطالة. ولذا يكتسب السباق مع الوقت بُعده البالغ الخطورة في تأليف حكومة جديدة قبل انفلات الفوضى على غاربها. 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم