الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

فرنسا واكبت زيارة لودريان بإطلاق العقوبات

المصدر: "النهار"
لقاء الحريري لودريان في قصر الصنوبر.
لقاء الحريري لودريان في قصر الصنوبر.
A+ A-
في الثامنة والنصف من صباح اليوم، يفترض أن يكشف وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في مؤتمر صحافي في قصر الصنوبر علناً ما أبلغه، بعيداً من الإعلام والأضواء الإعلامية أمس، إلى العدد المحدود من الرسميين والسياسيين والناشطين في الانتفاضة الشعبية الذين التقاهم في بيروت. ما سيعلنه صار معروفاً بعد إحدى أكثر الزيارات لمسؤول اجنبي إثارة للغموض والالتباس، وهو أن فرنسا أطلقت عملياً آلية العقوبات ضدّ معطّلي الحلّ وتشكيل الحكومة الجديدة، وضدّ الفاسدين، من دون أن يكشف إطلاقاً عن اللائحة الأولية الإسمية بهؤلاء. تريّث لودريان في الإدلاء علناً بأي كلام واستعاض عن ذلك بلقاءين رسميين فقط مشدودين للغاية بل متوترين، خصوصاً مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي لم يدم سوى ثلاثين دقيقة، ومع رئيس مجلس النواب نبيه بري بحيث فهم أنه لم يخض معهما أبداً في الملف الحكومي بل أبلغهما أن آلية العقوبات سارت وانطلقت. أما اللقاء الموسع الذي عقده مع ما وصف بقوى المعارضة التغييرية فبدا واضحاً أن لودريان أراده لإطلاق الرسالة التغييرية في وجه القوى السياسية والحزبية التقليدية وحضّ الجماعات المعارضة على بدء تكوين جبهة صلبة استعداداً للانتخابات النيابية المقبلة. وما بقي عالقاً يثير التساؤلات وموجات التقديرات والتوقعات المتناقضة حتى الليل هو اللقاء الذي كان ينتظر كثيرون انعقاده بين لودريان والرئيس المكلف سعد الحريري والذي انعقد بينهما في التاسعة مساء في قصر الصنوبر. 
 
وإذا كان غضب لودريان وخيبته اللذين ترجمهما في لقاءاته أمس وسيترجم مزيداً منهما اليوم، لم ولن يفاجئا أحداً فإن باريس حرصت على إضفاء الجدية التامة على مسألة العقوبات ضد شخصيات لبنانية من خلال بيان رسمي أصدرته وزارة الخارجية الفرنسية من باريس خلال وجود الوزير في بيروت.
 
فردّاً على سؤال حول ما إذا كانت فرنسا قد اتخذت بالفعل إجراءات وطنية في حق الذين يعرقلون تشكيل الحكومة في لبنان، وهل يمكن إعطاء مثال على شخص استهدفته هذه الإجراءات؟ أعلنت الناطقة الرسمية باسم الخارجية الفرنسية أنياس فان دير مول: "كما أشرنا لذلك، تم بالفعل اتخاذ إجراءات على الصعيد الوطني بهدف منع دخول الأراضي الفرنسية للشخصيات اللبنانية المتورطة في العرقلة السياسية والفساد. نحتفظ بالحق في اتخاذ تدابير إضافية إذا استمر التعطيل. ولقد بدأنا مناقشات مع شركائنا الأوروبيين حول التدابير المتاحة للاتحاد الأوروبي لزيادة الضغط من أجل الخروج من الأزمة.  فالوزير موجود حالياً في لبنان ليعبّر، كما قال، عن رسالة حزم كبيرة للقادة السياسيين ورسالة تضامن كامل مع اللبنانيين".
 
أما اللقاء الذي عقده لودريان في قصر الصنوبر تحت عنوان "القوى السياسية التغييرية"، فضمّ ممثلين لتجمعات من انتفاضة 17 تشرين وحزب "الكتائب" و"حركة الاستقلال" و"عامية 17 تشرين"، وتقدّم و"تحالف وطني" و"الكتلة الوطنية" و"بيروت مدينتي" و"مسيرة وطن"، واستمر لأكثر من ساعتين. وشارك فيه رئيس حزب "الكتائب" سامي الجميل والنائب المستقيل ميشال معوض والنائب المستقيل نعمة افرام.
 
وذكر أن اللقاء مع "القوى المعارِضة التغييرية "التي تلقّت الدعوة رسمياً من الجانب الفرنسي للحضور إلى قصر الصنوبر، جاء انطلاقاً من أنّ لو دريان يرفض الإجتماع مع الأحزاب التي لم تحترم التزاماتها منذ زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت وإطلاقه المبادرة الفرنسيّة لتأليف الحكومة".
 
ونقل عن لودريان قوله للمجتمعين: "إن المبادرة الفرنسية لا تزال على الطاولة. وعلى القوى السياسية تنفيذ التعهدات التي التزمت بها أمام الرئيس ماكرون". وقد حمل عليها الوزير الفرنسي بعنف. وأبلغ ممثلي المجتمع المدني والحراك أن فرنسا على استعداد لمساعدة الشعب وتوفير الدعم له وكل ما هو بحاجة إليه عبر المنظمات غير الحكومية، فيما دعا المعارضة إلى توحيد صفوفها مع الحراك وعودة التحرك لتحقيق المطالب. وإذا لم تشكل الحكومة خلال أيام فإن فرنسا ستبدأ مطلع الأسبوع المقبل بسلسلة تدابير وإجراءات عقابية بصورة تصاعدية في حق عدد من المسؤولين والسياسيين اللبنانيين".
 
كما نقل مشاركون في اللقاء عنه تشديده على "أولويّة عدم المسّ بتوقيت الإنتخابات النيابيّة المقبلة، وتحذيره من مغبّة تطييرها، وأنّه سأل الحاضرين عن المسار الذي سيتّخذونه بغية إحداث التغيير المطلوب لتغيير السلطة الحاليّة". وأفاد آخرون أن لودريان لم يوفّر القوى التغييرية في المجتمع المدني وجماعات الانتفاضة بانتقادات قاسية أيضاً، ولم يخفِ خيبة الأمل من عدم فاعلية تحركهم وتشتتهم.
 
وقال النائب السابق سامي الجميل في تغريدة: "كل التقدير للوزير لودريان على الاهتمام بلبنان والاجتماع الودي الذي خَص به بعض القوى التغييرية. عبّرنا له عن مواقفنا الثابتة وسلمناه رسالة باسم القوى التي نعمل وإياها شددنا فيها على حق الشعب اللبناني بتقرير مصيره والعيش بكرامة في دولة سيدة يحترم فيها القانون والاستحقاقات الدستورية". 
 
على الصعيد الرئاسي، أفيد في بعبدا أن الرئيس عون أكد خلال استقباله  لودريان، أن تحقيق الإصلاحات، وفي مقدمها التدقيق المالي الذي يشكل البند الأول في المبادرة الفرنسية المعلنة في الأول من أيلول الماضي، هو أمر أساسي للنهوض بلبنان واستعادة ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي. كذلك هناك أولوية قصوى لتشكيل حكومة جديدة تحظى بثقة مجلس النواب، مشيراً إلى أنه سيواصل بذل الجهود للوصول إلى نتائج عملية في هذه المسألة على رغم العوائق الداخلية والخارجية، وعدم تجاوب المعنيين باتّباع الأصول الدستورية والمنهجية المعتمدة في تأليف الحكومات.
 
وعرض الرئيس عون للوزير لودريان المراحل التي قطعتها عملية تشكيل الحكومة، شارحاً المسؤوليات الدستورية الملقاة على عاتق رئيس الجمهورية بموجب الدستور المؤتمن عليه، ومسؤوليته في المحافظة على التوازن السياسي والطائفي خلال تشكيل الحكومة لضمان نيلها ثقة مجلس النواب، مشيراً إلى كلفة الوقت الضائع لإنجاز عملية التشكيل.
 
وطلب رئيس الجمهورية من الوزير لودريان مساعدة فرنسا خصوصاً والدول الأوروبية عموماً، في استعادة الأموال المهربة الى الخارج مؤكداً أن ذلك يساعد على تحقيق الإصلاحات وعلى ملاحقة من أساء استعمال الأموال العامة أو الأموال الأوروبية المقدمة إلى لبنان، أو هدر الأموال بالفساد أو بتبييضها، وذلك استناداً الى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
 
وحمّل الرئيس عون الوزير لودريان تحياته إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، شاكراً اهتمامه الدائم بلبنان وحرصه على مساعدته في المجالات السياسية والاجتماعية والصحية والتربوية كافة.
 
ثم توجه لودريان إلى عين التينة حيث التقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وغادر من دون الادلاء بأي تصريح. مصادر عين التينة  أوضحت أن لودريان أكّد أن المبادرة الفرنسية لحلّ الأزمة اللبنانية لا تزال قائمة ومسؤولية تنفيذها تقع على عاتق اللبنانيين من خلال الإسراع في تشكيل الحكومة.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم