الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

لبنان في أزمة ضمير

المصدر: النهار
داود الصايغ
داود الصايغ
Bookmark
لبنان في أزمة ضمير
لبنان في أزمة ضمير
A+ A-
في لبنانَ ضجيج. والضجيجُ لا يصنع الخير، لأن الخير يتمّ بدون ضجيج.  ليس في لبنان أزمة نظام ولا أزمة حكم بل أزمة ضمائر. أزمة أنانيات وأحقاد. أزمة عناد، عنادٌ على الباطل، عنادٌ على الكراسي. لبنان اليوم هو بين أيدي الضائعين والخائفين على مصائرهم وليس على مصيرِ لبنان. المجتمعات المرتاحة سيّجت نفسها بالسلام، بالسلام الداخلي أولاً مثل سلام النفوس. والمضطرب منها ما زال يبحث عن سياج مثل لبنان. والسياجُ هو أولاً وآخراً من صنع أهل البيت أنفسهم، وحيث لا نفع لحمايةٍ أو حياد بل وحدها القلوب الملتقية على الخير هي الحمايةُ والضمانة. لبنان هو اليوم بين أيدي الذين لا يهمهم إن دُمّر الهيكل. وبخاصة هيكل القضاء الذي كان من أصلب البنيان. لم يعد شيء يفاجئ من قِبَلهم. والسوابق شاهدة على تاريخ التدمير وهي انجازاتهم الوحيدة. إنهم غرقى ولكن لبنان ليس غريقاً أو ضائعاً. وها هي الأيدي الصديقة والمتـلهفة تمتد وفاءً لما شهدوه، لما عرفوه، لما آمنوا به، بلبنان ذاك الذي برز مطلع القرن الماضي كعلامة حتمية في الزمان. والزمان لا يغفو. في ذلك الزمان كما يُقال في الحكايات، انحنى الكبار على هذا الوطن المميّز كما تنحني القلوب على المولود الجديد. حضروا ولادته واحتضنوه. ولعلّهم اليوم يتحركون حيث هم غضباً. أضرحةُ الكبار، لا بلاطة ولا كتابة، بل أحرف الزمان تدلّ على مراقدهم. شارل ديغول وجمال عبد الناصر وفؤاد شهاب التقوا في منتصف القرن الماضي وحصّنوا الركائز كما يجب أن تكون. قبل أن يلتقي سامح شكري وزير خارجية مصر وجان ايف لو دريان وزير خارجية فرنسا مطلع الشهر الحالي ليتشاركا في الهمّ اللبناني بدلاً من الذين أخفقوا في حمل هذا الهمّ، كانت القاهرة وباريس قد حضرتا الولادة، ولادة ذلك الكيان الفريد من نوعه في الشرق، الذي كان من قدره ولا يزال أن يبقى مميّزاً ومنفتحاً على الغرب. في منتصف التاريخ ومنتصف القرن الماضي أدرك فؤاد شهاب كيفية الإمساك بأيدي جمال عبد الناصر وشارل ديغول معاً. لقد حصل ذلك ولم يتكرر. حصل ذلك يوم التقى فؤاد شهاب بالرئيس المصري رئيس الجمهورية العربية المتحدة يومذاك في خيمة الصفيح على الحدود اللبنانية السورية في ربيع عام ١٩٥٩...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم