الخميس - 16 أيار 2024

إعلان

الراعي: رسالة البابا عن السلام تشكّل أفضل برنامج عمل للمرشحين إلى النيابية

المصدر: "النهار"
البطريرك الراعي.
البطريرك الراعي.
A+ A-
ترأس البطريرك الماورني مار بشارة بطرس الراعي قداس "يوم السلام العالمي" في بكركي، الذي استهله بالتأكيد على رسالة قداسة البابا أنّ "السلام في آن هو هبة من الله، وثمرة إلتزام مشترك". وقال: "يوجد في الواقع "هندسة" سلام حيث تتشارك المؤسّسات الإجتماعيّة المختلفة، و"صناعة" سلام تُلزم كلّ واحد منّا شخصيًّا. الجميع يستطيعون التعاون في بناء عالم أكثر سلميًّا، انطلاقًا من القلب الشخصيّ، ومن العلاقات في العائلة والمجتمع ومع البيئة، وصولًا إلى العلاقات بين الشعوب والدول. وذكّر قداسته بالإسم الجديد الذي أعطاه للسلام القدّيس البابا بولس السادس وهو "الإنماء الشامل"، الذي بكلّ أسف يبقى بعيدًا عن حياة الكثيرين من الرجال والنساء والشعوب. ونحن منهم في لبنان بالشكل المأساويّ!".

وعرض الراعي، في عظته، سبل السلام الثلاثة التي ثمّ يتناول البابا فرنسيس في رسالته:

"الأوّل، الحوار بين الأجيال سبيل لبناء السلام الدائم"، إذ لفت إلى أنّ "كلّ حوار صادق يقتضي دائمًا كأساس الثقة بين المتحاورين. الحوار يعني أن نصغي بعضنا إلى بعض، ونناقش بعضنا بعضًا، ونتّفق مع بعضنا، ونسير معًا. وبذلك نفلح أرض الصراع والإقصاء الصلبة والعقيمة، ونزرع فيها بزور سلام دائم ومشترك. إذا عرفنا، في الصّعوبات، كيف نمارس هذا الحوار بين الأجيال "تمكَّنَّا من التجذّر في الحاضر، بالتالي من العودة إلى الماضي والمستقبل: نعود إلى الماضي لنتعلّم من التاريخ ونضمّد الجراح التي غالبًا ما تؤثّر فينا؛ ونعود إلى المستقبل، لنغذّي الحماس، ونُنبت الأحلام، ونزهر الرّجاء. وبهذه الطريقة، متّحدين، يمكننا أن نتعلّم بعضنا من بعض". بدون جذور كيف يمكن للأشجار أن تنمو وتؤتي ثمرًا؟".
 


وتابع: "الثاني، التعليم والتربية كمحرّكين للسلام. في السنوات الأخيرة، انخفضت موازنة التّعليم والتربية بشكل كبير في جميع أنحاء العالم، باعتبارها إنفاقًا وليس استثمارًا. فالتعليم والتربية يمثّلان القوّة الموجّهة الأساسيّة للتنمية البشريّة المتكاملة، إذ يجعلان الإنسان أكثر حرّيّة ومسؤوليّة؛ وهما ضروريّان للدّفاع عن السّلام وتعزيزه؛ كما هما أساس المجتمع المدني المتماسك والقادر على أن يحي الرّجاء والغنى والتقدّم"، مضيفاً أنّه "في المقابل فقد ازداد الإنفاق على التسلّح، وتجاوز المستوى المسجّل في نهاية "الحرب الباردة"، ويبدو أنّه مقدّر له أن ينمو بشكل مفرط".

وقال: "لذلك من الملائم والملحّ أن يقوم أصحاب المسؤوليّات الحكوميّة بوضع سياسات اقتصاديّة تصنع انقلابًا في الموازنات المخصّصة للاستثمارات العامّة في التربية، وتلك المخصّصة للتسلّح. فإنّ السعي إلى تحقيق مسيرة حقيقيّة لنزع السّلاح الدولي لا يمكن إلّا أن تعود بفوائد كبيرة على تنمية الشعوب والدول، وتحرير الموارد الماليّة لاستخدامها بطريقة أكثر ملاءمة للصّحّة، والمدارس، والبِنَى التحتيّة، ورعاية الأرض، وما إلى ذلك".

والسبيل الثالث هو "العمل: تعزيزه وتأمينه يبنيان السلام"، إذ اعتبر أنّ "العمل هو مقوّمٌ لا غنى عنه لبناء السّلام والحفاظ عليه. إنّه تعبير عن الذات وعن المواهب الخاصّة، ولكنّه أيضًا التزام، وجهد، وتعاون مع الآخرين، لأنّنا نعمل دائمًا مع أو من أجل شخصٍ آخر. من هذا المنظور الاجتماعي الملحوظ، يكون العمل المكان الذي فيه نتعلّم أن نقدّم مساهمتنا من أجل عالم يزداد جمالًا وقابليّة للعيش. وإذ ازداد الوضع سوءًا بسبب جائحة كورونا في عالم العمل، الذي كان يواجه من قبل تحدّيات متعدّدة، وأفلست ملايين الفعاليّات الاقتصاديّة والإنتاجيّة، تعرّ ض العمّال غير المستقرّين لمزيد من الأخطار. وسبَّبَ التّعليم عن بُعد في كثير من الحالات تراجعًا في التعلّم وفي المسارات المدرسيّة. بالإضافة إلى ذلك، الشّباب المشرفون على السوق الوظيفيّ، والكبار العاطلون عن العمل، يواجهون اليوم مصيرًا مأسويًّا".
 


وأضاف البطريرك الراعي: "ثمّ جاء تأثير الأزمة على الاقتصاد غير الرّسمي مُدمّرًا، وغالبًا ما شَمَلَ العمّال المهاجرين. العديد منهم لا تعترف بهم القوانين الوطنيّة، ويعيشون في ظروف غير مستقرّة، لهم ولعائلاتهم، وبدون نظام رعاية اجتماعيّة يحميهم. ويُضاف إلى ذلك أنّ ثُلُث سكّان العالم فقط، ممّن هم في سنّ العمل، يتمتّعون حاليًّا بنظام حماية اجتماعيّة، أو يمكنهم فقط الاستفادة منه بأشكال محدودة. لكلّ هذه الأسباب ازداد العنف وازدادت الجريمة المنظّمة في العديد من البلدان، ما أدّى إلى خَنق حرّيّة الأشخاص وكرامتهم، وتسميم الاقتصاد ومنع الخير العام من التّطوّر. إنّ الجواب على هذا الوضع يتمّ فقط من خلال توفير المزيد من فرص العمل الكريم"، مؤكداً أنّه "إذ نظرنا الآن الى واقعنا اللبناني، نجد ان هذه الرسالة تشكل أفضل برنامج عمل للمرشحين الى النيابية".

كم عدّد الراعي نداءات قداسة البابا فرنسيس في رسالته: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء! بينما نسعى لتوحيد جهودنا من أجل الخروج من الجائحة، أودّ أن أجدّد شكري للذين التزموا وما زالوا يكرّسون أنفسهم بسخاء ومسؤوليّة لضمان التّعليم، والأمن وحماية الحقوق، وتقديم الرّعاية الطّبيّة، وتسهيل اللقاء بين أفراد العائلة والمرضى، وضمان الدّعم المادّي للمحتاجين أو الذين فقدوا عملهم. وأؤكّد أنّني ما زلت أذكر جميع الضّحايا وعائلاتهم في صلاتي.
أُناشِدُ الحُكَّام وكلّ الذين لديهم مسؤوليّات سياسيّة واجتماعيّة، والرُّعاة ومنشّطي الجماعات الكنسيّة، وأيضًا جميع الرجال والنساء ذوي النّوايا الحسنة، حتّى نسير معًا على هذه الطرق الثلاثة وهي: الحوار بين الأجيال، والتربية، والعمل، بشجاعة وإبداع، وأن يزداد ويتضاعف عدد الذين يصبحون يومًا بعد يوم صُنّاع سلام، من دون أن يحدثوا ضجيجًا، وبتواضع ومثابرة. ولترافقهم دائمًا بركة الله إله السّلام! إنّا في "يوم السلام العالميّ" ننضمّ إلى نوايا قداسة البابا ونسأل الله أن يحقّقها سلامًا في أرضنا وفي العالم كلّه. وله المجد والتسبيح الآب والإبن والروح القدس الآن وإلى الأبد، آمين".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم