الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

لقاح فايزر... تقنيّة تُستخدم للمرة الأولى وتحدّيات لوجستيّة! (2)

المصدر: النهار
ليلي جرجس
ليلي جرجس
لقاح فايزر (أ ف ب).
لقاح فايزر (أ ف ب).
A+ A-

هذا المقال هو جزء من سلسلة مقالات تقدِّم للقارئ ما يريد معرفته تفصيلياً عن كل لقاح، قبيل البدء بوصول اللقاحات إلى لبنان.

تحتدّ المنافسة اليوم بعد بدء حملة تطعيم واسعة في بعض الدول، ويقف المواطن حائراً بين تعدد اللقاحات ومأمونيتها وفعاليتها وثمنها. عليك أن تفكر في كل شيء بالمنطق الطبي والعلمي، بطريقة التخزين وكلفته وآثاره الجانبية. وبين التسويق لهذا اللقاح أو ذاك والتجاذبات بين الدول عليها، تفقد بوصلة الاختيار وتزداد حيرةً.
دول كثيرة اعتمدت في خيارها على لقاح معين دون سواه من منطلق سياسي- اقتصادي، وقد شقّت بعض اللقاحات طريقها إلى الدول العربية.
بالعودة إلى الجدل القائم، سؤال واحد نطرحه جميعاً: هل نتلقى اللقاح أم نتريث قليلاً؟ هل نختار الأميركي أو البريطاني أو الصيني؟ وتختلف وجهات النظر حسب مُطلقيها، وتبقى القراءة العلمية لكل لقاح أفضل طريقة لفهمه عن كثب ومعرفة نقاط قوته وضعفه.
اليوم سنسلط الضوء على لقاح فايزر/بايونتك بكل تفاصيله والمستجدات المتعلقة بالسلالات الجديدة.
يشرح الباحث في علم الفيروسات والأمراض الوبائية الدكتور حسن زراقط لـ"النهار" أنه "عندما نتحدث عن تقنية mRNA فنحن نعني بذلك إدخال الشيفرة المسؤولة عن تصنيع البروتين الشوكي الخاص بفيروس #كورونا. وتكون عادة موجودة على الغشاء الخارجي للفيروس. ويعتبر هذا أول بروتين يتعرّف إليه جهازنا المناعي، وعند دخول هذه الشيفرة إلى جسمنا تستقرّ في "سيتوبلاسم" الخلية ولا تدخل إلى نواة الخلية، ويتم استخدامها لتصنيع البروتين الشوكي ومن ثم تتكسر الشيفرة خلال مدة قصيرة ولا تبقى طويلاً في الجسم ولا يؤثر على جينات الإنسان.
وفي مقارنة مع دخول الفيروس إلى جسمنا، حيث يُدخل كامل شيفرته الوراثية التي تبلغ نحو ثلاثين ألف حرف والتي تمكّنه من تصنيع نحو ٣٠ بروتيناً داخل الخلية من أجل التكاثر.
 
ولكن ماذا يجري في البروتين؟
يوضح زراقط أنه "بعد تصنيع البروتين الشوكي سيتكسر بعد التعرّف إليه من قبل الجهاز المناعي، وبالتالي ستتكوّن لدينا أجسام مضادة وخلايا مناعية قادرة على التعرف إلى الفيروس الحامل للبروتين. وعليه، سيصبح لدى الجسم ذاكرة مناعية حيث تُولد ردة فعل مناعية بسرعة أكبر قادرة على الدفاع ومنع تكاثر الفيروس في حال التعرض له مقارنة لشخص لم يتلقَّ اللقاح.
جرعتان من فايزر
مشيراً إلى أنه "على الشخص تلقي جرعتين من لقاح فايزر تفصل بينهما 3 أسابيع تحت العضل، ومع ذلك بحسب الشركة ومنظمة الصحة العالمية، قد تمتد المدة أكثر من 3 أسابيع. ولكن يجب الحصول على الجرعة الثانية لأن المناعة المكوّنة من الجرعة الأولى تصل إلى 52% في حين تؤمّن الجرعة الثانية مناعة بنسبة 95%. ومن الطبيعي أن مستوى الأجسام المضادة يرتفع بعد الجرعة الثانية والتي تؤدي إلى تعزيز الذاكرة المناعية لمدة أطول.
 
 
ومن المتوقع أن تكون مدة المناعة المكتسبة من اللقاح فعّالة لمدة سنة وربما أكثر، إلا أننا نحتاج إلى مزيد من الدراسات والمتابعة لمعرفة المناعة المكتسبة ومدتها الزمنية".
كذلك أظهرت الدراسات وفق زراقط "التي أجريت على هذا اللقاح أنه يمكن إعطاؤه لمن بلغوا 16 عاماً وما فوق. ولكن بما أن هذه الدراسات لم تشمل النساء الحوامل فإننا لا نملك بيانات كافية لتقييم مدى مأمونية هذا اللقاح عند النساء الحوامل، لكن منظمة الصحة العالمية لا تعتقد بوجود مخاطر قد تنتج عن اللقاح تفوق تلك التي تنتج عن الإصابة بالفيروس ولذلك يوصى باللقاح للنساء الحوامل ممن هنّ عرضة للإصابة بالفيروس أو يعانين من أمراض مزمنة قد تزيد من خطر الإصابة بمضاعفات كوفيد١٩ الحادة، وذلك مع استشارة الطبيب.
كما يوصى بعدم المزج بين اللقاحات، أي تلقي الجرعة الأولى من لقاح والجرعة الثانية من لقاح آخر، ويعود ذلك إلى عدم وجود تجارب على جرعتين مختلفتين من لقاحات كورونا".
 
الحساسية من اللقاح
يشدد الباحث في علم الفيروسات والأمراض الوبائية على أنه "من المهم معرفة أن أي شخص يتلقى اللقاح عليه الانتظار نحو 15 دقيقة في مركز التطعيم للمراقبة والتأكد من عدم حدوث أي رد فعل تحسسي أو مضاعفات جانبية. أما بالنسبة إلى الأشخاص الذين لديهم تاريخ في الحساسية الشديدة أو المفرطة يجب مراقبتهم لمدة 30 دقيقة للتأكد من عدم حدوث أي مضاعفات وذلك لتلقي العناية الطبية اللازمة في حال حصول أية مضاعفات.
وفي حال عانى الشخص بعد تلقي الجرعة الأولى من حساسية شديدة (انتفاخ - تورم في الحنجرة– احمرار او حكة في كل أنحاء الجسم...) يُفضل عدم تلقيه الجرعة الثانية إلا بتوصية من طبيبه شرط أن تكون تحت مراقبة طبية. لذلك من المهم أن تكون مراكز التطعيم مجهزة للتعامل مع ردود الفعل هذه.
وقد نشرت فايرز تقريراً عن حالات الحساسية التي تم رصدها بعد تلقي اللقاح (مليون و900 ألف جرعة لقاح) وسجل التحسس حوالى 11.1 من مليون أي ما يوازي 1.1 من أصل 100 ألف، وتعتبر نسبة مقبولة جداً خصوصاً في حال التعامل معها طبياً".
 
 
درجة التخزين
ويوضح: "كما بات معروفاً يجب تخزين اللقاح على درجة متدنية جداً تصل إلى 70 ما دون الصفر. ويجب استخدامه بسرعة بعد تحليله. وهنا يجب الإشارة إلى أهمية وضع خطة ولائحة انتظار للأشخاص الذين يريدون تلقي اللقاح، في حال تعذر وصول الأشخاص إلى مراكز التطعيم وتمّ تحليل اللقاح يجب إعطاؤه لأشخاص آخرين حتى لا نضطر إلى رمي هذه الجرعات التي نحن بأمسّ الحاجة إليها".
 
فعّالية لقاح فايزر مع السلالات الجديدة
هل من خوف على فعالية اللقاح نتيجة التغيرات السريعة للفيروس المستجد؟ برأي زراقط ، "في العموم، لا نتوقع أن يفقد اللقاح فعاليته عند حدوث تغيرات في الفيروس، لأن ذلك يحدث بشكل تدريجي وليس مفاجئاً، خصوصاً في ظل المراقبة الحثيثة لهذه التغيرات والمستجدات في الفيروس. بالاستناد إلى الدراسات، وبعد أخذ بلازما من الأشخاص الذين تلقوا لقاحَيّ فايزر أو موديرنا، تبين أن اللقاح قادر على تحييد الفيروس المتحور الذي ظهر في بريطانيا (B.1.1.7) بصورة عالية. في حين انخفضت قدرة اللقاح على تحييد أو تعطيل الفيروس مع السلالة الجديدة التي ظهرت في جنوب افريقيا (B.1.351).
وأكدت هذه الدراسات أنها لا تتوقع أن يفقد اللقاح فعاليته بشكل كامل ولكن يصعب تحديد مدى انخفاض فعالية اللقاح إلا بعد إجراء دراسات سريرية جديدة لمعرفة فعالية اللقاح مع السلالات الجديدة.
حتى نتائج لقاح نوفاكس أظهر تفاوتاً في فعاليته حيث وصلت إلى 89%، في حين بلغت في جنوب أفريقيا حوالى 60%. وقد رصد هذا التفاوت ايضاً في تجربة لقاح جونسون أند جونسون. وهذا يشير إلى أن التغيرات التي حصلت في جنوب أفريقيا من شأنها أن تُخفف فعالية اللقاحات لكنها لا تفقدها فعاليته بالكامل"، بحسب الدكتور زراقط.
 
 
"لذلك تكمن أهمية توزيع اللقاحات بطريقة عادلة وبصورة سريعة في الدول وبين الفئات التي تعتبر أكثر عرضة للإصابة بالفيروس. وللأسف هذا التمني بعيد عن أرض الواقع في الوقت الحاضر حيث حجزت بعض الدول كميات كبيرة من الجرعات، في المقابل هناك دول كثيرة لم تنجح في تأمين أي لقاح لمواطنيها. وهذا يعني أن الجائحة ستطول، وأن التوزيع العادل متعثر.
نحن في سباق مع الوقت، وبما أننا نجهل المناعة المكتسبة من اللقاح كما نجهل سرعة تطور الفيروس وبأي اتجاه، فثورة السلالات التي ظهرت فجأة قد تزيد وقد تختفي بسرعة كما ظهرت، ويصعب التوقع ويجب علينا أن نبقى متيقظين. لذلك الحل الأنجع والأفضل يتمثل في توزيع كميات كبيرة من اللقاحات في مختلف الدول بدل تركيزها في دول محددة، للانتهاء من هذه الجائحة".
 
لقاح موديرنا
أما بالنسبة إلى لقاح موديرنا، يوضح زراقط أنه "حصل أيضاً على موافقة الاستخدام الطارئ، ويستخدم التقنية نفسها أي البروتين الشوكي، وأظهر فعالية بلغت نحو 94%. يتمتع بنفس مواصفات الأمان، ويتم أخذه على جرعتين تفصل بينهما 4 أسابيع (وقد تطول الفترة أكثر)، شرط إعطائه لمن هم فوق الـ18 عاماً.
وما يُميزه عن لقاح فايزر هو طريقة تخزينه حيث يمكن وضعه في درجة حرارة ما دون العشرين، ويمكن وضعه في درجة حرارة الثلاجة بعد تحليله لمدة شهر. وبالتالي يعتبر لوجستياً أسهل في طريقة استخدامه مقارنة بلقاح فايزر.
أما لقاح Curevac فيستخدم التقنية نفسها كتلك المستخدمة في لقاحَيّ فايزر وموديرنا إلا أن ميزته أنه يمكن تخزينه لمدة 3 أشهر على درجة حرارة الثلاجة. وتُجري الشركة اليوم المرحلة السريرية الثالثة وبالتالي من المتوقع أن نسمع قريباً عن نتائجها والحصول على الموافقة للاستخدام الطارئ.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم