الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

رحلة الذل للبحث عن "بانادول"... النقيب لـ"النهار": حالة من الغموض وغياب القرار

المصدر: النهار
علبة باندول - تصوير: حسام شبارو
علبة باندول - تصوير: حسام شبارو
A+ A-
من صيدلية الى أخرى، يتنقلُ المواطن لا شيء سوى الحصول على علبة "بانادول". نعم إنه لبنان 2021. لبنان القهر والوجع والانهيار والذل. تخرج من مكتبك فتصادف طوابير الذل أمام محطات الوقود. نحو 500 سيارة تصطف أمام المحطة، فيما عنصر أمن يحاول تنظيم السير، والكثير من الدراجات النارية والغالونات الفارغة في المشهد! إنها الجحيم. تكمل طريقك لابتياع علبة "البانادول"، الصيدلية الأولى والثانية تجيبان بأن السلعة "البديهية" ليست متواجدة، أما الصيدلية الثالثة، فيشفق عليك مالكها ويسحب ورقتين من العلبة ويبيعك إياها! الى أين وصلنا؟ ولمَ الجميع الجميع مقهور ومستكين وخانع وقابل بكل هذه الأوجاع؟ 
 
نتصّل بنقيب الصيادلة غسان الأمين، فيفيد بأن "المشكلة الأساسية تكمن في غياب القرار، فرئيس الحكومة يشترط لترشيد الدعم تأمين
البطاقة التمويلية التي تحتاج بدورها إلى تأمين التمويل لها. حتى الساعة لا مؤشرات حول تأمين التمويل، وفي حال وجد نحتاج إلى شهرين لوضع المعايير وشروط تطبيقها. وفي المقابل لا قرار في رفع الدعم، والحديث عن أن هذا الموضوع خط أحمر، وعليه، ما يجري أن لا قرار برفع الدعم ولا قرار في الدعم".
 
ويتحدث الأمين أن "الجديد اعلان حاكم مصرف لبنان عدم موافقته على أي فاتورة دعم لأي دواء إلا أذا استحصل على موافقة مسبقة من مصرف لبنان. وهذا يطرح علامات استفهام كثيرة وأسئلة حول ما إذا كان المصرف سيوافق على كل الأدوية، وعلى الكمية الموصى عليها، وما هي المدة التي سيستغرقها لإعطاء الموافقة... هذه الأسئلة يُحيط بها الغموض، وبالتالي ليس هناك قرار واضح للآلية المستخدمة تُحاكي الواقع الذي نحن فيه اليوم.
كما لا اجتماع بين حاكم مصرف لبنان ورئيس الحكومة للإتفاق على طريقة أمام هذه الكارثة التي نعيش بها. نحن أمام غموض ومجهول وضبابية تُثير ذعر وخوف الناس التي تسعى لتخزين الأدوية خوفاً من انقطاعها كلياً، وخوف الصيادلة من عدم تسليم إلا القليل القليل، وخوف المستودرين من نفاد المخزون".
 
ويدعو النقيب الى "تحمل المعنيين مسؤولياتهم، والى الاجتماع بين حاكم مصرف لبنان والنقابات المعنية لإيجاد حل وإراحة الناس وتفادي الهلع، وتوقيف التهريب، ونهج الوكلاء الذين يُسلمون قطعة قطعة من كل دواء. حتى أن المستوردين لا يعرفون ماذا يفعلون بالكميات المستوردة اليوم في حال رفع الدعم، ولا يمكن بيعها إذا لم يتم دعمها من مصرف لبنان".
 
وعن الأدوية المقطوعة أو تعاني شحاً، يشير الأمين إلى أن "كل الأدوية على أنواعها واختلافها تعاني نقصاً فاضحاً من الباندول وصولاً إلى الأدوية المزمنة".
 
 
 
 
وكانت نقابة الصيادلة قد تابعت بقلق كبير الوضع الذي وصل اليه القطاع الصيدلاني في ظلّ الانهيار الشامل، وجاء في بيانها:
"أيها السادة، إن كنتم تجهلون حقيقة الوضع الدوائي في لبنان فهي مصيبة، وإن كنتم على علم بهذا الوضع المأسوي وتتجاهلون إقرار الحلول، فهذا جريمة بحق شعب ووطن.
أيها السادة ان غياب آلية واضحة للدعم من جهة وتقاعس مصرف لبنان عن التوقيع على فواتير استيراد الدواء من جهة أخرى و عدم وضوح آلية اصدار البطاقات التمويلية ومصدر تمويلها إن وجد و ما اذا كان الدعم سيستمر بهذه الضبابية، وضع بثقله على القطاع الصيدلاني.
فها هي الشركات المستوردة باشرت ومنذ أكثر من أسبوع اعتماد سياسة تسليم الدواء بالقطارة قطعة واحدة أو لا شيء والصيدلي يدفع الثمن، فهو في تماس مباشر مع المرضى و يتلقى برحابة صدر ردود فعل المرضى الموجوعين الذين يحاولون إيجاد الدواء لا سيما الأدوية المزمنة والتي يهدّد انقطاعها حياة المواطن.
هذا الصيدلي الذي بات ضحية السياسات المالية الغير واضحة التي تسببت بضرر معنوي ومادي كبير له،  بحيث بات عاجزاً عن مساعدة مرضاه وتقديم الرعاية الصحية لهم بسبب فقدان الدواء هذا من جهة و من جهة اخرى فقد جزءاً كبيراً من قيمة رأسماله، وأن استمراره بالعمل بات من سابع المستحيلات اذا لم يتم اتخاذ التدابير الآيلة لوضع سياسة دوائية واضحة المعالم".
 
وأطلقت نقابة الصيادلة صرختها الأخيرة لربما تخرج المنظومة السياسية بأي حل من شأنه اخراج القطاع الصيدلاني من غرفة العناية المركزة ومعه الشعب اللبناني، الذي بات بين البحث عن علبة حليب للاطفال وعلبة دواء وتنكة بنزين ورغيف خبز كَمَن يعيش مأساة يومية يتمنى الموت فيها على الذل الذي يعيشه في بلد ينهار بمؤسساته كافة، والمسؤولون عنه ما زالوا يبحثون على التوافق فيما بينهم حول جنس الملائكة قبل أن يستمعوا الى صرخة شعب يحتضر.
 
 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم