الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

أسعار علاجات سرطان الثدي... كارثة الأدوية غير المدعومة بالمستشفيات

المصدر: النهار
ليلي جرجس
ليلي جرجس
الكارثة في العلاجات الكيميائية غير المدعومة في المستشفيات.
الكارثة في العلاجات الكيميائية غير المدعومة في المستشفيات.
A+ A-
تشتد الأزمة خناقاً كما يشتد اسشتراس المرض، لا الوقت حليف مرضى السرطان ولا المال بمتناول الكثير منهم. أزمة الأدوية تتأرجح بين "حلول مؤقتة" وجشع مستوردي ووكلاء الأدوية المتحكمين برقبة المرضى في لبنان. الأدوية المدعومة مقطوعة وغير المدعومة غالية جداً، والعلاجات السرطانية على أنواعها مكلفة جداً أو غير متوفرة، والسرطان ينمو أكثر في أجساد مريضات سرطان الثدي.
 
عوض أن نكتب عما وصلت إليه الأبحاث والتجارب في تطوير علاجات حديثة ومتطورة لسرطان الثدي، نحن نكتب عن صرخات مئات مرضى السرطان للمطالبة بإيجاد أدويتهم وحقهم في الحصول على علاجاتهم التي باتت تتطلب بيع ما هو "فوقهم وتحتهم" لتلقيها، أو ببساطة، التخلي عن جلسات العلاج إلى أجلٍ غير مسمى.
 
تبدأ رحلة العذاب منذ اللحظة الأولى التي تقرر فيها المريضة إجراء صورة الثدي الشعاعية لكشف السرطان مبكراً أو الوقاية من خطر الإصابة. منذ سنتين توقفت وزارة الصحة بسبب جائحة كورونا ومن ثم الأزمة الاقتصادية عن إطلاق حملات توعوية - تشجيعية لتخفيض كلفة الصورة الشعاعية وتشجيع النساء على الكشف المبكر عن سرطان الثدي.
 
يؤكد رئيس جمعية "بربرا نصّار لدعم مرضى السرطان هاني نصّار أنّ كلفة "صورة الثدي الشعاعية تتراوح بين 60 إلى 120دولاراً حسب المركز أو المستشفى، بعد أن كانت كلفتها لا تتخطى 40 ألف ليرة لبنانية. اليوم نحن نتحدث عن مبلغ يتراوح بين مليونين و4 ملايين ليرة، قد لا يكون بقدرة جزء كبير من النساء على تحمله، الأمر الذي يؤدي إلى انتشار ونمو الورم أكثر نتيجة عدم القدرة على الكشف المبكر عنه.
 
من الصورة إلى تأكيد الإصابة، تبدأ المرأة المصابة بسرطان الثدي رحلة علاجها الطويل، تكون بدايتها عملية جراحية جزئية أو كاملة لاستئصال الورم والثدي. وتبلغ كلفة عملية استئصال الثدي من دون ترميمه حوالى 3000 إلى 3500 دولار "وفق نصّار، وتعتبر هذه الجراحة ضرورية ولا مهرب منها للمرأة المصابة بسرطان الثدي من الدرجة الأولى والثانية وحتى الثالثة. أما بالنسبة إلى عملية ترميم الثدي بعد استئصاله فتصل كلفتها إلى 6000 دولار والتي دفعت بنساء كثيرات إلى التخلي عن هذه الفكرة، خصوصاً أن الدولة اللبنانية بمؤسساتها الضامنة لا تعترف بعملية الترميم باعتبارها عملية تجميلية.
  
وعليه، اضطرت المريضات إلى عدم إجراء جراحة ترميمية لأنهن عاجزات عن تحمل كلفتها العالية في ظل عدم تغطية صحية لهذا النوع من التدخل الطبي، علماً أن استئصال الثدي من دون ترميمه يؤثر كثيراً على الصحة النفسية للمرأة.
 
أما الكارثة الأكبر فتكمن في العلاجات الكيميائية لمواجهة هذا الخبيث، ولن يتصور حجم الأرقام إلا من وجد نفسه في هذا المشوار العلاجي.
 
يرافق نصّار المريضات في مشوارهن، يعرف الشاردة والواردة حول ما يجري والمعاناة التي ترافقهن في رحلة البحث عن الدواء أو تأمين كلفة الجلسة الواحدة.
ويشير نصّار إلى أن كلفة العلاج الشعاعي تتراوح بين 1500 و4000 دولار حسب جهة الثدي المصابة. اذا كان الثدي اليمين يتم اعتماد كلفة 1500 دولار في حين تتضاعف الكلفة لتصل إلى 4000 دولار إذا كان الورم في الثدي الأيسر وكانت الكتلة قريبة من القلب، لأنه يتطلب استخدام تقنية أدق لا تُسبب حروقاً في المنطقة المعالجة. وما زالت الجهات الضامنة تغطي الكلفة على 1500 ليرة للدولار أو 3900 ليرة، وتضطر المريضة إلى دفع الفروقات.
 
يُشكّل العلاج الكيميائي الوجع الأكبر، وكما يقول نصار "هناك البكاء وصرير الأسنان". عندما رفعت وزارة الصحة الدعم عن بعض أنواع الأدوية وأبقت الدعم على أصناف أخرى، كان ذلك لترشيد الدعم والإبقاء على صنفين من الأدوية المدعومة لكل نوع، إلا أن المشكلة كانت في عدم استيراد وكلاء الأدوية أصناف الأدوية المدعومة واستيراد الأدوية غير المدعومة.
 
وبعد التعاون مع الوزارة وإصدار لائحة بالأدوية وإيجاد حل لكل صنف، كان الحل الأفضل هو بضاعة شركة "Cipla" الهندية المسجلة في لبنان والتي كانت ستصل إلى لبنان في نهاية شهر آب. وكنا ننتظر وصول كل الأدوية الخاصة بالعلاج الكيميائي المدعوم، إلا أن الوزارة أبلغتنا أن البضاعة المنتظرة لن تصل إلى لبنان. وعليه، نفتقر اليوم إلى أي رؤية أو بديل لأي دواء علاج كيميائي مدعوم متوفر في السوق.
 
 
ما الفرق بين جلسة مدعومة وغير مدعومة؟
يشرح نصّار أن معدل المستشفيات على كل جلسة حوالى 200 دولار وكل ما يزيد عن هذا المبلغ هو ضمن كلفة الأدوية غير المدعومة. على سبيل المثال يتناول مريض دواءً اسمه Gemzar وتركيبته gemcitabine مدعوم منه gets والـ Gemtabine التي تنتجه شركة Benta اللبنانية وكل الأدوية الأخرى غير مدعومة.
 
في السوق اللبناني توجد فقط الأدوية غير المدعومة والتي تبلغ كلفتها قرابة 6 ملايين ليرة وما فوق حسب نوعها. إذ تبلغ كلفة دواء Taxotere حوالى 15 مليون ليرة، وكذلك دواء Taxol الذي يبلغ سعره تقريباً 7 ملايين ليرة. وبالتالي تصبح كلفة العلاج بين 9 ملايين ليرة لبنانية و 20 مليوناً على كل جلسة. علماً أن هناك مرضى يخضعون لثلاث جلسات في الشهر الواحد وليس جلسة واحدة كل ثلاثة أسابيع.
 
وتخلّى نتيجة ذلك، عدد هائل من مرضى السرطان عن علاجاتهم نتيجة الكلفة العالية. واليوم يمكن القول إن الوزارة رفعت الدعم عن أدوية الأمراض السرطانية الكيميائية التي تُعطى في المستشفى لأن الأدوية المدعومة غير موجودة. وفي هذا الصدد، يقول نصّار إنه "من المفترض أن تُسلم شركة Benta صنفاً واحداً وهو Gemcitabine المدعوم إلى السوق، وهو نوع واحد من أصل 10 أدوية لعلاجات كيميائية نحن بحاجة إليها، وكميتها تكون محدودة وتكفي حاجة السوق.
 
وفي النهاية كسيدات مصابات بسرطان الثدي، فإن العلاج الكيميائي في المستشفى غير مدعوم، والنتيجة؟ يؤدي عدم حصول المرأة المصابة على العلاج إلى تطور المرض في جسمها والانتقال إلى المرحلة الرابعة. والفرق بين المرحلة الأولى والثانية والثالثة في السرطان أن المصابة قادرة على التماثل إلى الشفاء وإكمال حياتها بشكل طبيعي، في حين أن المرحلة الرابعة يكون محكوماً عليها بالموت، ولكن بفضل العلاجات التي تُعطى اليوم يمكن إطالة عمر المريضة إلى خمس سنوات أو أكثر.
 
هذه العلاجات مثل حبوب دواء Ibrance أو دواء Verzenio أو دواء الـKisqali جميعها مقطوعة، وفي حال توفرها تكون موجودة لشهر وبكميات قليلة جداً (تلبي حاجة نصف المرضى) قبل أن يعاود انقطاعه لمدة شهرين. أما المورفين لتخفيف حدّة الوجع فهو أيضاً مقطوع بعياراته الـ10 و60 و100 وعلى المرضى الانتظار لمدة شهرين او أكثر لوصول شحنة أخرى منه.
 
 
ولكن ماذا عن العلاجات الهرمونية؟
يؤكد نصّار أن هذه العلاجات تُعطى للمريضة التي أنهت علاجها وعليها أن تأخذ هذا العلاج لسنين (تتفاوت بين 3 سنوات و10 سنوات حسب كل مريضة لعدم عودة السرطان) ويوجد 4 أنواع من الأدوية للعلاج الهرموني وهي:
 
1- دواء Tamoxifen مقطوع في لبنان وكان سعره حوالى 13 ألف ليرة فيما اليوم  أصبح حوالى 200 ألف.
 
2- دواء Exemestane رُفع الدعم عن صنف منه (كلفته مليونان و200 ألف ليرة) فيما أبُقي الدعم على الصنف الآخر والاثنان غير موجودين.
 
3- دواء Femara الذي رُفع عنه الدعم وسعره حوالى مليون 860 ألف ليرة، أما Femazol المدعوم والتي تنتجه شركة benta فسعره حوالى 450 ألف ليرة. في حين ينتظر المعنيون تسليم شركة "Hikma" شحنة من دواء مدعوم لا يتعدى سعره 40 ألفاً وسيتم تسليم الكمية المحدودة إلى وزارة الصحة.
 
4- دواء Arimidex سعره حوالى مليون و800 ألف ليرة، أما Victeve المفترض أن يكون مدعوماً وسعره لا يتخطى 45 ألف ليرة، فقد توقفت الشركة المصنعة عن إنتاجه والوكيل يرفض استيراده نتيجة مشاكل مع مصرف لبنان.
 
بعد هذا التفنيد المفصل لرحلة العلاجات لمرضى سرطان الثدي، ماذا نقول للمريضات اليوم في لبنان؟ إما أن تبعن كل ما لديكن للعلاج أو تنتظرن حتى تتوفر الأدوية المدعومة في السوق. وفق أرقام وزارة الصحة في العام 2016، شخّصت في لبنان 2500 حالة سنوية جديدة في سرطان الثدي، بالإضافة إلى الحالات التي ما زالت تخضع للعلاج.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم