الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

عندما بكت فوزية فياض على الهواء "أنا مصابة بالسرطان بسبب وساختكم"... قصة أمل يستحيل أن تنتهي

المصدر: النهار
ليلي جرجس
ليلي جرجس
الشابة الراحلة فوزية فياض
الشابة الراحلة فوزية فياض
A+ A-

"مهما حصل، كوني البطلة في حياتك وليس الضحية، وأنا اخترتُ أن اكون بطلة". بهذه الكلمات كانت تحث الشابة المناضلة فوزية فياض ابنة الـ24 عاماً كل النساء على أن يناضلن ويحببن أنفسهن، داعيةً اياهن "أنت فريدة من نوعك، أنت قوية وأنت حلوة" أردد هذه العبارات يومياً لأذكر نفسي بحقيقتي وما تغلبت عليه...

هذه القوة وهذه الإرادة سقطت اليوم أمام هذا "الخبيث"، هي التي كانت تصارعه بكل قوتها، بثقتها بنفسها وبالاهتمام بنفسها حتى في عز المرض. كانت ترفض أن تنصاع له، لعوارضه المزعجة والتي أثقلت جسدها شيئاً فشيئاً. أبت أن تستسلم بهذه السهولة، حاربت ورحلت تاركةً وراءها فيديوات وعبارات ايجابية وحالة استثنائية، فريدة من نوعها في وجه السرطان.

بعض الوجوه لا تُنسى، من دون أن تعرفها شخصياً، تُحدث فيك انفعالات داخلية، حبهم للحياة يجعلك تحزن لرحيلهم، بعض الوجوه ترحل وتتركك أمام صورهم، قصصهم ورحلتهم القصيرة وألف سؤال لا تعرف أجوبتها.

الجميع يُشارك صورها، يستذكر كلماتها هي التي دخلت بضحكتها وعزيمتها إلى قلوب كثيرين، تودعها عائلتها وأحباؤها بعد أن تلقوا خبر وفاتها باكراً، لقد تركت أثراً معنوياً سيحمله كثيرون معهم في رحلتهم في هذه الحياة.
"ليت السرطان يصاب بالسرطان ويموت من خبث نفسه" كنت تتمنين هذه النهاية لهذا الخبيث، حققت نجاحك الأول بتخرج من كلية العلوم الاقتصادية وإدارة الأعمال، لكن حتماً أنهيت معركتك ببسالة وقوة، وكلمات أصدقائها أكبر دليل على أنك "بطلة لا تعرف الاستسلام".

في 22 تشرين الأول 2019 بكت فوزية أو كما تُحب أن ينادوها "فوفو" على الهواء بعد مداخلة لها في أحد التحركات" أنا مصابة بالسرطان بسبب وساختكم، انتم السرطان لهذا البلد، مرّضتونا، وجّعتونا. يعمل والدي ليلاً ونهاراً لتأمين كلفة العلاج ، كل العالم مريضة، "لقد قرفنا، خلص بقى".

دموعها التي ذرفتها في تلك المداخلة تحولت اليوم إلى دموع كثيرة تذرف على رحيلها، كانت تطالب بالحياة، وكانت "بتلبقلها الحياة" لكن السرطان انتصر على جسدها، أما ضحكتها وكلماتها ستبقى خالدة في نفوس كثيرين.
 
 

تُشاركنا عمتها فوزية التي تحمل اسمها كيف تدهورت حالتها في الآونة الأخيرة "كانت تخوض معركتها مع السرطان بكل قوة وحب حياة لا يهزم، لكن العلاجات الكثيفة التي خضعت لها طوال الثلاث سنوات ونصف أثقلت جسدها كثيراً وعانت من مضاعفاتها وآثارها الجانبية بشكل كبير. من ورم محدود إلى انتشار في جسدها، رحلة العلاج طويلة ومتعبة، بدأت بجراحة استئصال للورم وعلاجات كيميائية قبل أن تواجهه في أعضائها الأخرى، انتشر بخبث وصمت في الكبد والرئة".

لم تستسلم، قررت المواجهة حتى آخر نفس، وفق عمتها "برغم كل العلاجات والتعب بقيت تقاوم مرضها بابتسابة، كانت تحب الحياة كثيراً وتزرع الأمل. كانت محاطة بعائلتها التي تدعمها وبمحبيها الذين كانوا سنداً لها. كانت استثناية وحالة فريدة من نوعها، حتى الأطباء كانوا يقولون لنا "من يرى ابتسامتها وحبها للحياة لا يصدق أن فحوصها الطبية سيئة إلى هذه الدرجة".

خاضت أكثر من معركة في الآونة الأخيرة، فمع علاجات السرطان المكثفة، انتصرت "فوفو" على فيروس كورونا، ولكن مضاعفات العلاجات أتعبت جسدها وانتشر المرض في انحاء جسمها و"انقطع النفس ودقات قلبها صارت متسارعة وضغطها انخفض. لم تكن حالتها الصحية جيدة، لقد استسلمت في النهاية لهذا السرطان رغماً عنها.

برأي عمتها "من يعرفها سيعرف عما أتحدث، لقد تركت فينا جرحاً لن يندمل، لقد كانت قوية وإيجابية طوال الوقت. وهذا ما جعل الجميع يبكي رحيلها".
 
 

رحلت البطلة صاحبة القلب المحب للحياة وصاحبة الضحكة الدائمة، رحلت فجراً كما رحل قبلها كثيرون أمام هذا المرض اللعين. ظالمة هذه الحياة، وظالم هذا المرض الذي يشتد شراسة سنة بعد سنة، يعرف أصدقاؤك أنك تعذبت كثيراً وأنك اختبرت الألم والتعب والآثار الجانبية للعلاجات، ومع ذلك لن يتقبلوا وفاتك ولن يفعلوا!

كتبت مرة على صفحتك على فايسبوك "لست مهزوماً ما دمتَ تُقاوم"، وكما يقول أصحابك "كنت أكثر شخص بتلبقلو الحياة". 3 سنوات من العلاج والضحكة لم تفارق وجهك، والقوة والإرادة التي كنت تعطينها للناس، كنت مثالاً للفرح رغم الألم.

ينعاها محمد سويدان على صفحتها قائلاً: "يمكن أكتر شخص شفتو بحياتي عم يضحك رغم كل الأوجاع يلّي كانت فيه وأكتر شخص عن جد بتلبقلو الحياة... صدمة وخسارة كبيرة لكل حدا بحبك وبيعرفك... بكير كتير يا فوفو وأكيد حنشتقلك وحنشتاق لضحكتك الحلوة وللمعنويات يلي كنت تعطينا اياها". في حين يقول حمود "صعبي يبلش النهار بهيك خبر، صح انو إرادة الله، و لا اعتراض على حكم رب العالمين، بس كل حدا بيعرف هالإنسانه رح يفهم شو عم بحكي، رح يحس بالغصه لأنو عرف طيبتها، عرف طموحها بعز وجعها، شاف قديش عم تهتم بحالا وبشكلا و بلبسا لتكون أجمل صبية بوقت كان المرض عم ياكل فيها".
 
 

صفحتها على فايسبوك تعجّ بالصور والفيديوات لاسترجاع ذكريات وصرخات ومشاهد مع "فوفو"، شكّلت حالة استثنائية في مرضها، تعترف فاطمة منصور كاتبةً: "الكل كان ناطر ترجعيلنا ونرجع نشوف ضحكتك الحلوة ."

أما لمى فتودعها بهذه الكلمات: "شو صعبة إنك تفيق على خبر موت أغلى أحبابك، الصبية القوية اللي دائمًا كانت تعطيني طاقة إيجابية برغم المرض والتحديات والظروف اللي كانت عم تمرق فيها، شو بحبك يا فوزية وشو صعب فراقك علينا، ان شاء الله ما بقى تتعذبي وتكون الجنة ديارك. حرقتيلنا قلبنا على غيابك".

كذلك تقول لها سارة عاصي: "كنتِ ورح تبقي قدوة للكل بالصبر والتفاؤل والقوة، إنت قصة أمل مستحيل تنتهي،  حنشتقلك كتير فوفو". وكتبت نور أحمد: "شو بشع نفيق على هيك خبر، تعودنا عليك ترجعي دايماً أقوى، ولا نهار قدرنا نشوفك الا قوية أكتر من الكل، غريب هالدني كيف، كيف بتسرق الناس الحلوة واللي بتحب الحياة؟ كان طموحك كبير وكنتِ عم تسعي بكل لحظة لتكوني سعيدة فيها، ان شاء الله تكوني بمكان ما في وجع وأريح من هالدني المتعبة."


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم