الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

محطات تاريخية هددت في لحظات الجنس البشري بالزوال

المصدر: (BBC)
A+ A-
 
واجهت وكالة الفضاء الأميركية "الناسا" في الستينات من القرن الماضي، قراراً كان من الممكن أن يغير مصير الجنس البشري. فبعد هبوط بعثة أبولو 11 على القمر، كان رواد الفضاء الثلاثة العائدون ينتظرون إخراجهم من كبسولة ضيقة كانت تطفو على سطح المحيط الهادئ.
وقرر المسؤولون في الناسا تخفيف معاناة الأبطال القوميين الثلاثة. لكن المشكلة أنه كان من الممكن أن يؤدي هذا القرار إلى إطلاق جراثيم فضائية فتاكة على كوكب الأرض. وقبل ذلك بعقدين، كان عدد من العلماء والمسؤولين العسكريين يراقبون تفجير أول قنبلة ذرية، بينما كانوا يدركون عواقبها الكارثية المحتملة. وكان من الممكن أن تؤدي تجاربهم دون قصد إلى إشعال الغلاف الجوي وتدمير كل أشكال الحياة على ظهر الكوكب.
ففي لحظات معدودة من القرن الماضي، وضع بعض البشر مصير العالم على المحك، وكادوا يتسببون في كارثة وجودية، كان من الممكن أن تبيد كل شيء على وجه الأرض.
منذ اللحظة الأولى التي خطط فيها البشر لإرسال مركبات فضائية وبشر إلى الفضاء في منتصف القرن العشرين، كانوا يدركون مشكلة التلوث. فقد أثيرت مخاوف في البداية حول احتمالات انتقال كائنات دقيقة دون قصد من الأرض إلى الفضاء، ولهذا كانت المركبات الفضائية تعقم محتوياتها بحذر قبل الإطلاق، لأن الجراثيم كان من الممكن أن تعرقل محاولات رصد أشكال حياة في الفضاء. ومن ناحية أخرى، فإن البكتيريا والفيروسات التي قد تجلبها المركبات الفضائية من الأرض، قد تقضي على مظاهر الحياة في الكواكب الأخرى، في حال وجودها. ثم أثيرت مخاوف أيضا حول التلوث العكسي، أي فكرة أن رواد الفضاء أو الصواريخ أو المركبات الفضائية قد تعود إلى الأرض محملة بالكائنات الحية الفضائية التي قد تتسبب في كارثة، سواء من خلال المنافسة على الموارد مع الكائنات الحية التي تعيش على سطح الأرض أو من خلال استنفاد الأوكسجين.
وهذا الافتراض كان ينبغي أن يأخذه المسؤولون بوكالة الناسا على محمل الجد عند التخطيط لبعثات أبولو، فماذا كان سيحدث لو جلب رواد الفضاء معهم إلى الأرض كائنات خطيرة؟
صحيح أن الناسا فرضت تدابير حجر صحي عديدة لرواد الفضاء، إلا أن بعض المسؤولين من هيئة الصحة العامة الأميركية، طالبوا بوضع تدابير أكثر صرامة ولوحوا بإمكان رفض دخول رواد الفضاء الذين يحملون كائنات خطيرة من الفضاء إلى الحدود الأميركية.
لحسن الحظ، لم يجلب فريق بعثة أبولو 11 أي كائنات حية قاتلة من الفضاء. لكن لو تحققت المخاوف، فإن قرار تقديم راحة رواد الفضاء على سلامة كوكب الأرض كان من الممكن أن يؤدي إلى إطلاق هذه الكائنات إلى المحيط في هذه الفترة الوجيزة. وقبل ذلك بنحو 24 عاماً، وقف العلماء والمسؤولون في الحكومة الأميركية على مفترق طرق آخر، كان يتضمن مخاطر كارثية رغم أن احتمالاتها كانت ضعيفة. إذ انطوت حسابات العلماء بمشروع مانهاتن قبل اختبار "ترينتي" لتفجير أول قنبلة ذرية في عام 1945، على احتمالات مروعة، منها أن الحرارة الناتجة عن الانشطار النووي ستكون هائلة إلى حد أنها قد تؤدي إلى تفاعلات نووية جامحة. بمعنى أن التجارب قد تشعل النيتروجين في الغلاف الجوي والهيدروجين في المحيطات وتدمر معظم مظاهر الحياة على كوكب الأرض.
وعندما كان وميض الانفجار أكثر سطوعاً ودام لفترة أطول مما توقع الفريق، ظن أحد أعضائه أن أسوأ مخاوفهم قد تحققت. وقالت جينيه كونانت، حفيدة أحد أعضاء الفريق جيمس بريانت كونانت والذي كان آنذاك يشغل منصب رئيس جامعة هارفرد، في حوار مع صحيفة الواشنطن بوست: "لم يكن غير واثق من نجاح التجربة فحسب، بل عندما انفجرت القنبلة اعتقد أنهم تسببوا دون قصد في تداعيات كارثية، وأنه كان شاهدا على نهاية العالم بحسب وصفه".
يرى الفيلسوف توبي أورد من جامعة أوكسفورد، أن هذه اللحظة كانت حاسمة في تاريخ البشرية، إذ يرى أن الساعة الخامسة والنصف صباح يوم 16 تموز 1945 هي بداية عصر جديد في تاريخ البشرية تميز بتعاظم قدرة البشر على تدمير أنفسهم.
ويشير أورد إلى أن حسابات العلماء في تجربة نووية أخرى في عام 1954، ثبت أنها كانت خاطئة، إذ توقعوا أن تكون الطاقة التدميرية للانفجار 6 ميغاطن، في حين أنها بلغت 15 ميغاطن. 
في القرن الحادي والعشرين، تزايدت الآن مخاطر وقوع كوارث أكثر من أي وقت مضى. ولا تزال الأسلحة النووية تمثل تهديدا للجنس البشري. ومع أن احتراق الغلاف الجوي ثبت أنه مستحيل، فإن الشتاء النووي الذي قد لا يقل خطورة عن التغيرات المناخية.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم