الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

هدف أطلق عليه "يد الله"... مارادونا "الخارق" لم يكُن نجماً رياضيّاً وحسب

المصدر: "أ ف ب"
الأسطورة ماراودنا (أ ف ب).
الأسطورة ماراودنا (أ ف ب).
A+ A-
لم يكن الارجنتيني دييغو مارادونا، الذي توفي، اليوم الأربعاء، عن 60 عامًا بسكتة قلبية، نجماً رياضيّاً "خارقاً" وحسب، فهو ليس مثل بيليه أو بكنباور أو دي ستيفانو، فهؤلاء شرّفوا ملاعب كرة القدم العالمية بفنهم الرفيع وهو جاراهم تماماً في ذلك، لكنّه تفوّق عليهم حتماً في احتلال العناوين العريضة في صفحات الصحف إنّما لاسباب أخرى لا يمكن وضعها دائماً في خانة الإيجابيات.

لقد شغل مارادونا العالم بمواهبه ومشكلاته وحتما سيتذكره الجميع بأنه ذلك اللاعب الذي ربح العالم بعبقريته وخسر نفسه بسبب المخدرات وابتعد عن ملاعب كرة القدم مرغماً، بعدما خدّر هذا المنشّط أسلوبه وفنّه ونقله من امام مرمى كرة القدم إلى رهبة القضاة والمحاكم وأروقة المختبرات الطبية.

وُلد دييغو مارادونا في 30 تشرين الأول 1960 في لانوس إحدى ضواحي بوينوس ايرس الفقيرة.

بدأ مسيرته مع نادي أرخنتينوس جونيورز قبل عيد ميلاده السادس عشر، ثم استهل بعدها مشواره مع منتخب بلاده عام 1977.

قال بعمر السابعة عشرة: "لدي حلمان، الأول أن أشارك في كأس العالم والثاني أن أحرزها".

مرّ مارادونا، الذي اختير رياضي القرن في الارجنتين، في علاقاته مع بطولات كأس العالم بشتّى المراحل بحلوها ومرّها على مدى 16 عاماً.

بدأت علاقة الولد الذهبي للكرة الارجنتينية بالمونديال بخيبة أمل عندما تجاهله المدرب سيزار لويس مينوتي لدى اختيار تشكيلته الرسمية لمونديال عام 1978 لصغر سنه وافتقاده إلى الخبرة.

قال مارادونا بعد استبعاده: "إنّه اليوم الاكثر تعاسة في حياتي، عندما أعلمني مينوتي بأنه اختار لاعباً آخر مكاني، عدت إلى غرفتي وأجهشت بالبكاء".

وتابع مارادونا مباريات منتخب بلاده على شاشة التلفزيون وشاهد دانيال باساريللا قائد المنتخب وماريو كمبيس هداف البطولة يقودان الأرجنتين إلى إحراز لقبها الاول وسط فرحة هستيرية في الشوارع الأرجنتينية.
 
بيبي دي أورو
 
 
لكن "إل بيبي دي أورو" (الفتى الذهبي) كان في عداد تشكيلة مينوتي العام التالي ليقود بلاده، إنما للفوز بكأس العالم تحت 20 عاماً في اليابان حيث احرز جائزة افضل لاعب.

شارك في مونديال إسبانيا 82 للمرة الاولى وكانت فرصة له للتعويض عما فاته في كأس العالم السابقة. ولأنّ الأرجنتين كانت حاملة اللقب، سلطت الأنظار عليها ونال مارادونا قسطاً من الأضواء خصوصاً إنه كان وقع عقداً للانتقال إلى برشلونة الإسباني.

وعلى الرغم من تسجيله هدفين، فإنّ حادثة طرده في المباراة ضد البرازيل في الدور الثاني بقيت عالقة في الاذهان.

بلغ الذروة عام 86 في مونديال مكسيكو عندما قاد منتخب بلاده إلى اللقب الثاني بعد 1978.

ويمكن إطلاق اسم مونديال مارادونا على كأس العالم 86 لأنّ النّجم الأرجنتيني طبع البطولة بطابعه الخاص وكان عزفه المنفرد مفتاح الفوز.

ومنذ المباراة الأولى التي لعبتها الارجنتين في 1986 ضد كوريا الجنوبية، بدا واضحاَ تصميم الأميركيين الجنوبيين على إحراز الكأس، وقد ساهم مارادونا في ثلاث تمريرات جاءت منها أهداف منتخب بلاده في مرمى المنتخب الاسيوي.

ثم افتتح مارادونا رصيده من الأهداف بهدف جميل في مرمى إيطاليا وقد خرج المنتخبان متعادلين 1-1.

وفرض مارادونا نفسه أيضاً في المباراة ضد بلغاريا (2-صفر) ومرر كرة حاسمة إلى زميله خورخي بوروتشاغا. وساهم أيضاً في الفوز على الاوروغواي 1-صفر في الدور الثاني لكنه ادّخر أفضل ما لديه للادوار التالية.

وكانت المباراة ضد انكلترا مشهودة لأنّها اتخذت طابعاً سياسياً من جرّاء حرب المالوين بين الدولتين وقد سبقتها حرب كلامية بين المعسكرين.

"يد الله"
 
 
انتهى الشوط الأول بالتعادل السلبي، وفي مطلع الشوط الثاني سجل مارادونا هدفا بيده في مرمى الحارس بيتر شيلتون فاحتجّ الانكليز طويلاً، لكن الحكم التونسي علي بن ناصر لم يكترث واصر على احتساب الهدف. واعترف مارادونا بعد المباراة بأنه استعمل يده للتسجيل معتبراً أنّها "يد الله"، وفق قوله.

وبعد أربع دقائق، سجل مارادونا أجمل هدف في تاريخ كؤوس العالم، إذ قام بمراوغة ستة لاعبين انكليز، بمن فيهم الحارس قبل أن يودعها في شباكهم.

وتقابلت الأرجنتين مع بلجيكا في نصف النهائي وقد وقف دفاع الأخيرة عاجزاً عن ايقاف العبقري الأرجنتيني الذي سجل هدفين في منتهى الروعة من مجهودين فرديين فاتحاً الطريق أمام منتخب بلاده لخوض المباراة النهائية.

وفرضت رقابة لصيقة على مارادونا في النهائي وتقدم منتخب بلاده 2-صفر ثم أدركت ألمانيا الغربية التعادل 2-2 قبل النهاية بنحو 13 دقيقة، ولأنّ مارادونا كان له اليد في معظم أهداف منتخب بلاده فإنّه مرّر كرة أمامية إلى بوروتشاغا الذي انفرد بالحارس الألماني وسجل هدف الفوز 3-2.

وفي مونديال إيطاليا 90، ذرف مارادونا دمعة شهيرة بعد خسارة النهائي أمام ألمانيا الغربية. آنذاك قاد منتخب بلاده تقريباً بمفرده، قبل أن يسقط فريقه بركلة جزاء متأخرة لاندرياس بريمه.

ودّع مارادونا المونديال من الباب الضيق بسبب حادثة المخدرات التي كان بطلها في مونديال الولايات المتحدة 94.

تعملق في المباراة الأولى ضد اليونان وقاد الأرجنتين إلى فوز كبير (4-صفر) وسجل هدفاً رائعاً وخاض الدقائق التسعين بأكملها.

حافظ على مستواه في المباراة الثانية ضد نيجيريا، لكنها كانت الاخيرة له بعد ثبوت تناوله منشطات من خمس مواد ممنوعة، فسحبه الاتحاد الأرجنتيني من صفوف المنتخب قبل أن يوقفه الاتحاد الدولي 15 شهراً.

"لن أكون رماديا"
 
 
تميّز مارادونا دوما بشخصية نافرة خلافاً للأسطورة البرازيلية بيليه الدبلوماسي "أنا أسود أو أبيض، لن أكون رماديا في حياتي".

كان قصيراً (1,65 م)، قويا وسريعا. كان أيضاً شرساً ومقاتلاً عنيداً رفض الخضوع، حتى عندما حاول اعتى المدافعين منعه من الوصول إلى المرمى. لكن الأهم من كل ذلك انه كان موهوباً ومبتكراً... بل عبقرياً.

قال زميله في منتخب 1986 خورخي فالدانو: "لم يكن للكرة تجربة أفضل من الدوران تحت قدمه اليسرى".

على صعيد الاندية، انتقل إلى نادي القلب بوكا جونيورز في 1981 محرزاً معه لقبه المحلي الوحيد. ترك بصفقة قياسية إلى برشلونة في 1982، ومعه اكتفى بلقب الكأس المحلية في 1983.

غاب لفترة طويلة بعد اعتداء لاعب اتلتيك بلباو اندوني غويكوتشيا عليه وكسر كاحله، ما مهّد لانتقاله الى الدوري الإيطالي.

كان العلامة الفارقة في تاريخ نادي نابولي الجنوبي (1984-1991). عرف معه مجداً محليّاً وقاده إلى إحراز لقب الدوري في 1987 و1990، والتتويج بلقب كأس الاتحاد الاوروبي 1989.

لكن مارادونا عاش حياة صاخبة خارج الملاعب. أكد مراراً أنّ أصعب منافسة خاضها منذ احترافه هي التوقف عن المخدرات علماً بأنّه أنفق الكثير من المال للتخلص من هذه الآفة. سافر إلى جنيف وتورونتو وإسبانيا وكوريا الجنوبية ليجد الدواء الشافي في مصحاتها، قبل ان يتعرض لنكسات طبية متلاحقة في السنوات الأخيرة.

وبكى مارادونا لحالته عندما عرف انه لم يعد قادراً على فعل أي شيء وأسف نجم كرة القدم البرازيلي السابق بيليه للحال التي وصل إليها هذا "المسكين"، وقال: "من المؤسف إلّا يكون نجوم كرة القدم خاصة والرياضة عامة، مثالاً للشباب والإنسانية".

وكانت لمارادونا مواجهة دائماً مع الصحافيين والإعلاميين إلى حدّ أنّه شبّه حاله عندما كان يواجه ضغطاً من هؤلاء بالحال التي كانت عليها الليدي ديانا أميرة ويلز التي قضت في حادث، ورأى أنّ "الصحافيين تخطوا حدودهم معهم".

وكان سقوط مارادونا في وحول المخدرات إيذاناً بإعلان نهاية مسيرة الولد الذهبي على الصعيد الدولي ليخرج بالتالي من الباب الضيق.

مدرب متواضع
 
بعد نابولي، انتقل إلى اشبيلية الاسباني لموسم وبعده نيولز اولد بويز المحلي ثم ختم مسيرته في بوكا جونيورز.

في العقدين الاخيرين، تحوّل إلى التدريب. لكن مشواره لم يكن ناجحا، مع منتخب الارجنتين (2008-2010) او في الامارات العربية المتحدة والمكسيك.

بعد مشكلاته مع المخدرات خضع لإعادة تأهيل. وبعد تركه الكوكايين، وقع في فخ الكحول، السيغار والبدانة لينتهي الامر به في المستشفى عام 2007.

كان مدافعاً شرساً عن الزعيم الكوبي الراحل فيدل كاسترو، وظهر وشم الاخير بشكل واضح على كتفه، كما كان من أنصار الزعيم الفنزويلي هوغو تشافيس.

تزوج صديقته كلاوديا فيلافان عام 1984 ولهما ابنتان: دالما وجانينيا، قبل طلاقهما عام 2004. لديه ولد اسمه دييغو جونيور ولد في نابولي عام 1986، وقد اعترف بأبوته فقط في 2004.
 
 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم