الثلاثاء - 21 أيار 2024

إعلان

مجتمعاتنا والأدباء

المصدر: النهار - ريمون مرهج
يُولد أطفال في أوطاننا بين مستوعبات النفايات
يُولد أطفال في أوطاننا بين مستوعبات النفايات
A+ A-
يُولد أطفال في أوطاننا بين مستوعبات النفايات، يفتشون عن لقمة تسد جوعهم، وفي الشوارع بين السيارات يشحذون الفكة من المارة، ليحصلوا على مردود يقيهم من الجوع، وهم حفاة القدمين والأوساخ تمتزج مع دموعهم. الكثير من الناس في مجتمعاتنا يعتبرونهم علة العلل، ويبتعدون عنهم كبعدهم عن وباء خطير. ولم يدركوا أن هذا الصبي المشرّد لم يختر، وهو في سنينه الأولى من عمره، هذا الطريق الوعر لمستقبل حياته. والأكثر فظاعة حينما يكبر. فلو كافح وناضل محارباً كل بؤس وذل رافعاً راية الكرامة، فلن يلقى أي تقدير، بل سيبقى من حثالة المجتمع والأشرار. كذلك في أوطاننا العربية سينبت بين البشر وبموهبة من الله عز وجل وبإرادته أناس أدباء وشعراء من سيدات ورجال هم نور الإنسانية والأخلاق والحب والقيم، في عالم غمره الجماد والشر والمال، فانقرضت فيه كل صفات الإنسان الأحب على قلب الله. في مجتمعات بائسة، إن كتب أحدهم " وهو في أولى خطواته نحو الأدب" عن الحياة أو عن الحب، اعتبروه معتوهاً مجنوناً أو صائد هوى. والكارثة الأكبر إن كان من يكتب الشعر أو النثر من السيدات فتنزل الأقاويل والاتهامات عليهن كالمطر، ويُتَّهمن بأنهن عاشقات زهيدات وبنات نفوس رخيصة بعيدة عن الإيمان والأخلاق... ويصبحن منبوذات في بيئتهن، فيتحملن كل ظلم وألم ووجع من جهل البشر. فإن صمدن واستطعن أن يكسرن كل الحواجز والتقاليد ويصلن إلى مستوى عال من الشهادات والتقدير من دول أجنبية وأصحاب اقلام أدبية عظيمة، عندها فقط ينتصرن على هذه المكونات الظالمة المريضة، ويجبرن الجميع على احترامهن.
للأسف نحن في مجتمعات لا تقدر إلا أصحاب المال والنفوذ، حتى لو سرقوا منهم أوطانهم، ولو استبدوا في شهواتهم ونزواتهم، فيبقون أبطالاً لا تمسهم كلمة سوء. أما من يدافع عن المشاعر الصادقة المرهفة وعن الإنسانية والحياة، فهو في أدنى الدرجات.
فكيف ستُبنى أوطاننا ونحن نربي أجيالنا على هذه الأفكار وعلى هذا المستوى الرخيص للثقافة وللإيمان. نحن أمة عودونا أن نصطاد بعضنا بالاتهامات الكاذبة والشكوك المضللة التي تقتل مستقبل أجيالنا، وتغتال البراءة والصفاء من قلوبنا، فنبقى مطأطئي الرؤوس في جهلنا وحقدنا أمام أصحاب المال والنفوذ.
أخيراً: على مر العصور، كان الأدباء والشعراء هم المقاومون الأول في وجه كل ظلم. وكم هناك من شهداء لأجل الحق والحقيقة والإنسانية؟ وسيبقون هكذا سراج الخير للأبد مهما أصيبوا من سهام الجهل، واحترقوا من ألسنة الأنانية الملتهبة.




الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم