الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

على مشارف الثلاثين

المصدر: النهار - ندى أشرف رمزي - مصر
أقف أمام المرآة أتأمل انعكاس صورتي
أقف أمام المرآة أتأمل انعكاس صورتي
A+ A-
أقف أمام المرآة أتأمل انعكاس صورتي، ثم أقترب لأدقق النظر أكثر، ولكن ما رأيته جعلني أدرك أنني أصبح عليّ الآن أن أتقبل عدة أمور.
أتقبَّل أن الحياة ستضعني كل يوم باختبار أكثر صعوبة من الاختبارات الشهرية في المدرسة التي لطالما أصابتني بنوبات الهلع؛
أنني سأضطر أحيانا لتقبُّل أشياء رغماً عني أكثر من كوب اللبن الذي كنت أحاول دائماً الهروب منه بشتى الطرق؛
أن المسؤوليات بمرور الوقت ستصير أكثر ثقلاً من حقيبتي المدرسية في يوم دراسي طويل لا حصص ترفيهية فيه، وأنه أصبح عليّ أن أحملها بنفسي مهما ثقلت على عتقيّ، دون أن أتركها لمن يحملها عني، كما كان يفعل أبي دائماً.
أصبح عليّ أن أتقبل وابل الأسئلة الذي ينهال على عقلي كل ليلة دون أن أملك له أي إجابات، تماماً كأسئلة الرياضيات المعقدة التي لطالما عجزت في طفولتي عن حلَّها؛ أن عقاب العمل الطالح لم يَعُد إسماً يُكتَب على السبورة؛ أن الخزيّ فيه صور أكثر إيلاماً من الوقوف طوال الحصة مواجهة الحائط، مرفوعة الذراعين أمام زملائي؛ وأن التقدير لم يَعُد نجمة ترسمها المعلمة بالكُراس، وعلبة شوكولا.
أصبح علىّ أن أدرك أن ثمة أموراً ستسرق النوم من عينيّ أكثر من حماسي للرحلة المدرسية في الصباح؛ وأن مفهوم الصداقة ليس الجلوس متجاورين بجميع الحصص وتبادل الساندويتشات؛ وأن الأحلام أصبحت أكثر تعقيداً من حقيبة جديدة تحمل صوراً لشخصيات أميرات الكرتون أو مجموعة من الأقلام السحرية الملونة، ولكن أهم ما أدركته عندما اقتربت أكثر من مرآتي، أن تلك الشعيرات البيضاء التي ظهرت في رأسي فجأة، جعلتني أستوعب أنني أصبحت امرأة على مشارف الثلاثين، ولم أعد تلك الطفلة ذات العاشرة، تلك التي لطالما كانت ترى كل الأمور بسيطة، لتدرك اليوم أن ما من شيء يبقى على حاله.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم