السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

حماية الخصوصية في عصر الثورة الرقمية

المصدر: النهار - سينتيا الفليطي - فرنسا
إن الثورة الرقمية وآثارها على مجالات الحياة عموماً والمجال المهني بشكل خاص، تفرض علينا التطلع إلى مواضيع جديدة قد يكون لها تأثير كبير على قراراتنا
إن الثورة الرقمية وآثارها على مجالات الحياة عموماً والمجال المهني بشكل خاص، تفرض علينا التطلع إلى مواضيع جديدة قد يكون لها تأثير كبير على قراراتنا
A+ A-
إن الثورة الرقمية وآثارها على مجالات الحياة عموماً والمجال المهني بشكل خاص، تفرض علينا التطلع إلى مواضيع جديدة قد يكون لها تأثير كبير على قراراتنا، سواء على الصعيد الشخصي كما المهني. ما بعد الثورة الصناعية والتكنولوجية لم يكن كما قبلها. وما بعد الثورة الرقمية لن يكون كما قبلها أيضاً. تحدث هذه الثورة تغييرات حتمية في مجالات العمل المطلوبة. توقع المنتدى الاقتصادي العالمي أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحل محل 75 مليون وظيفة على مستوى العالم مع بداية 2023، ولكن يمكن أن يخلق 133 مليون فرصة عمل جديدة أيضاً. كل هذه التغييرات تحدث تحديات لا بد من فهمها ومواكبتها من أجل مستقبل أفضل للبشرية. من ضمن التحديات المهمة المطروحة اليوم مسألة حماية البيانات الشخصية. (La protection des données à caractère personnel)
على الرغم من اهتمام البعض بحماية البيانات الشخصية، لا تشكل هذه المسألة أولوية للمجتمع العربي عموماً واللبناني خصوصاً. إلا أنه وبمجرد النظر إلى كيفية استخدامها في عالم الأعمال، يتبين لنا أن التوعية أصبحت ضرورة خاصة مع التطور الرقمي والتكنولوجي الحاصل.
عرّف النظام الأوروبي لحماية البيانات الشخصية هذه البيانات على أنها "معلومات تتعلق بشخص طبيعي محدد أو يمكن تحديده".
يمكن تحديد الشخص مباشرة عن طريق الاسم أو اسم العائلة على سبيل المثال، أو بشكل غير مباشر عن طريق رقم الهاتف، البيانات البيو مترية، عناصر خاصة بهويته الجنسية، أو الفسيولوجية، أو الجينية، أو النفسية، أو الاقتصادية، أو الثقافية، أو الاجتماعية، كما الصوت أو الصورة.
تجدر الإشارة أن ليست كل البيانات بيانات شخصية.
تشكل البيانات عموماً وقود مواقع وتطبيقات المعلومات القائمة على الذكاء الاصطناعي على سبيل المثال OpenAI, Chat GPT, Google, Copilot وغيرها.
تقوم هذه المواقع بجمع وتحليل وبرمجة عدد كبير جداً من البيانات بهدف إيجاد الإجابات المناسبة عن الأسئلة التي قد تطرح عليها. لذا فإن اختيار المعلومات والبيانات الشخصية التي نود مشاركتها مع الذكاء الاصطناعي أمر بالغ الأهمية لأن مشاركة هذه البيانات سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو على التطبيقات السابق ذكرها مثلاً، سيؤدي في نهاية المطاف إلى إنشاء هوية رقمية لكل منا (identité numérique).
هذه الهوية الرقمية التي قد تستعملها الشركات (كذلك الحكومات) قد تكون واحدة من المعايير الأساسية لاختيار الموظفين في عالم الأعمال. في الحقيقة، إن الشركات قادرة عن طريق استخدام الذكاء الاصطناعي على تكوين فكرة عن هوية الشخص، قيمه المهنية الأخلاقية والإنسانية، دائرة اهتماماته، أصدقائه، نمط حياته، محيطه العائلي والمهني، ميوله الفكرية والدينية والثقافية والجنسية الخ. إنه ليس بالأمر الصعب إذا ما نظرنا إلى كمية المعلومات التي نشاركها يومياً.
عرّف النظام الأوروبي لحماية البيانات الشخصية هذه الممارسة بالتنميط (profilage) وهو المعالجة الآلية للبيانات الشخصية التي تتكون من استخدام هذه البيانات لتقييم جوانب معينة وتحليل الأشخاص أو توقع اهتماماتهم وسلوكهم وسماتهم الأخرى. ووضع قيوداً على استخدامها.
يجدر الانتباه أيضاً إلى كيفية استخدام البيانات الشخصية على المواقع الإلكترونية خاصة مواقع التجارة الإلكترونية ((e-commerce. فعند الضغط على زر قبول مشاركة البيانات ((cookies أو التسجيل على هذه الصفحات، فإننا نتيح لهذه الشركات الحصول على بياناتنا الشخصية؛ مثلاً البريد الإلكتروني والاسم الكامل ورقم الهاتف والعنوان وغيرها بهدف توصيل الطلبات بشكل عام. لكن تستخدم الشركات هذه البيانات لأسباب أخرى كإرسال العروض أو برمجة البيانات التي تسمح للشركة بمعرفة احتياجات الشخص، فترسل له عروضاً ملائمة لبحثه أو حتى بيع هذه البيانات ((Big Data إلى منصات أخرى.
ليست الهوية الرقمية أقل أهمية من الهوية بالمفهوم التقليدي. نعيش اليوم في عالمين مختلفين، حقيقي وافتراضي، ينصهران يوماً بعد يوم. التطور التكنولوجي والرقمي لديه حسنات كثيرة لكن كما كل شيء لديه سيئات أيضاً ولا بد من حماية أنفسنا منها.



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم