الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ماذا بقي من لبنان؟

المصدر: النهار - ماجد المقصود - كندا
غريب أمر سياسيي وحكام لبنان في زمن الكوارث والأزمات الهائلة التي يعيشها هذا البلد.
غريب أمر سياسيي وحكام لبنان في زمن الكوارث والأزمات الهائلة التي يعيشها هذا البلد.
A+ A-
غريب أمر سياسيي وحكام لبنان في زمن الكوارث والأزمات الهائلة التي يعيشها هذا البلد. فهناك من يسمحون لأنفسهم بالتباكي والتذاكي بجعل الشعب ومصالحه رهينة لنزوات وأحلام البعض التي لن تبصر النور إطلاقاً. فالكوارث من صحية وانهيار اقتصادي عظيم ومشاكل أمنية ولاجئين ومدارس مغلقة ونقص فاضح في الأدوية ووزارات غير منتجة، ومع ذلك تراهم يدفنون رؤوسهم في التراب ويتحججون ويرمون التهم على بعضهم البعض ومن بعضهم البعض دون أي اعتبار لظروف وأحوال المواطنين. فكلٌّ لديه مشروعه الخاص الذي يتناقض مع الغير في كل شيء إلا في الإفادة والنهب على حساب خزينة الدولة وكرامة هذا الشعب المغلوب على أمره الذي ابتلاه الله بهم كحكام لا يشعرون حتى بقرف الناس منهم أو ربما يشعرون لكن بلغت الوقاحة بهم مرتبة يصبح معها مجرد التفكير ببناء دولة في العام 2020 مجرد ضرب من الخيال لذلك يتظاهرون بالأسى ويقطعون الوقت عسى ولعل عقارب الساعة تعود إلى الوراء ويحققون أحلامهم.
أنا أتساءل باسم الكثيرين من شعبنا الصامت : ماذا تنتظرون يا سادة، يا من أطلقتم التسميات من كبير الكل وبيّ الكل وأخ الكل..ماذا تنتظرون يا بكوات وباشوات ويا إقطاع، يا أغنياء، يا أصحاب المعالي والسادة الأشاوس؟ هل تنتظرون أن يخرج الناس عن طورهم ويرتكبون المحظور في حقكم وينفذوا فيكم ما فعله الفرنسيون منذ مئتي عام رغم هالة الملكية المقدسة التي كانت سائدة في تلك العصور؟ ألا ترون ما هو حاصل في البلد؟ رؤساء دول عظمى يبذلون جهد تلو الآخر لإقناعكم بأنكم مجرد بشر عاديين وعليكم تقع مسؤوليات شعب بأكمله، لكن عبثاً، كلٌّ يعمل على مزاجه السيئ الساقط بعيداً عن مصلحة البلد لأنكم كلكم مقتنعون بأن لبنان وجد لأجلكم، ومن دونكم لا لزوم لهذا الوطن، وطبعاً كعادتكم أنتم مخطئون.
نعم أنتم بلاء لبنان، وهذا أصبح موضوعاً خارج نطاق البحث على المستوى الشعبي والأكاديمي والروحي. ماذا فعلتم؟ دمرتم بلداً بأكمله. حطمتم طموحات وآمال الملايين. دمرتم كل ما هو جميل. فطائراتكم الخاصة ومواكبكم الكبيرة تدل على أنكم فاسدون، ولست بظالم، ولن أبالغ أيضاً بالقول معكم أيضاً عينة من الشعب فاسدة وجاهلة، لكن تبقى غالبيته طيبة وبسيطة تريد العيش بكرامة فقط. لا تهمهم مواكبكم ولا عنصريتكم ولا أموالكم ولا أحوال عائلاتكم. أنتم منبوذون... كيف لا ترون أن وسائل الإعلام الأجنبية حتى أصبحت تمقتكم، ورؤساء الدول الأخرى لا يريدون استقبالكم، وترسلون ظباطاً أمنيين شرقاً وغرباً ليحلوا مكان الوزراء، لأنكم تعملون من تحت الطاولة... لا شيء واضحاً لديكم، تشحذون على مسمع الجميع. أفلستم الخزينة وسرقتم أموال الشعب ومدخرات.ه وظفتم قضاة تابعين... سلاح متفلت، فقر منتشر، حزن على الوجوه، غضب مكبوت، لا سياحة ولا استثمار ولا نظافة ولا طرقات ولا كهرباء، طائفية بغيضة، تعيشون كما لو أنكم ملائكة، وللأسف بعض الإعلام هابط مثلكم، تخافون من الانتخابات تخافون على بعضكم البعض، تضربون بالمبادئ بعرض الحائط، لا أدنى خطوط لتصاريحكم أو تفوهاتكم العرجاء. أصبح المواطنون لا يطيقون رؤية وجوهكم على الشاشات أو على اليافطات. يشتمونكم ليل نهار جهاراً وسراً، وأنتم كما لو أنكم تحكمون في العراء. أصواتكم جاعرة مقززة، عيونكم ملؤها بصيص كما القراصنة، وجوهكم أضحت متناغمة مع أفكاركم، نشعر معها بأنكم متصنعون، لستم بأفضل أحوالكم.
اليوم هناك سؤال يدور في أذهان الجميع هو: ماذا بقي من لبنان؟ انهيار اقتصادي كامل وتحملون بعضكم البعض المسؤوليات دون أدنى خجل من الاعتراف والاعتكاف وترك الحياة السياسية... اليوم صندوق النقد يقول: نود مساعدتكم لكن عليكم مساعدة أنفسكم أولاً... هذا يعني بأنكم مراهقون وتتفلسفون على الشعب وتخرجون بعبارت وجمل جديدة لتقولوا إنكم أذكياء ودهاة وذوو خفة وهضامة، وأنتم أثقل ما يكون.. من أنتم حتى تدمرون وطناً؟ من أعطاكم التوكيل؟ إعلموا إذا كان لبنان مقاوماً فإن لبنان المقاومة إنتهى. وإذا كان لبنان مركزاً للعرب وللتعليم، فإنه أيضأ انتهى. كل شيء منطقي إيجابي انتهى على أيديكم يا تجار البشر... أصبح لبنان بلداً لتركيب ملفات ورشاوى وفساد وإقطاع ومناطقية وطائفية، تفلت غلاء فاحش، فقر مدقع، بيئة مدمرة، سدود فارغة، غابات تحترق، نفايات في كل مكان، باطون مكدس، شواطئ ملوثة، مطار سيئ، مرفأ مدمر، وانتم، أنتم ساكنون في أماكنكم لا تتزحزحون... بينما يجب أن تكونوا في المحاكم والسجون بتهمة خيانة وطن.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم