الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

نِصف الحُلم!

المصدر: النهار - المغرب - هديل المغربي
بينما كان يجلس في بيته الصغير، مختبئاً بين جدرانه الدافئة، ينظر للغد متأهباً، يعتلي الوقت مترقباً، يا ترى ماذا سيحدث بعد قليل؟
بينما كان يجلس في بيته الصغير، مختبئاً بين جدرانه الدافئة، ينظر للغد متأهباً، يعتلي الوقت مترقباً، يا ترى ماذا سيحدث بعد قليل؟
A+ A-
بينما كان يجلس في بيته الصغير، مختبئاً بين جدرانه الدافئة، ينظر للغد متأهباً، يعتلي الوقت مترقباً، يا ترى ماذا سيحدث بعد قليل؟ ماذا لو بقي المستقبل ضبابياً هكذا؟ من المُنقذ ومن الناجي من هذه الحرب؟
وفجأة تلقى رسالة بريد من أحدهم فبدأ يقرأ محتواها بدقة، وبعد ما انتهى، أغلق الباب بسرعة وارتعش الكأس في يده، وراح يجري نحو بهو المخرج، فتبعثرت الثقة والهدوء بين جوانب خطواته وبات الضعف يتغلغل في قلبه الدافئ شيئاً فشيئاً، وكأن في هذه الليلة نهاية أمر ما، فبعد أن تبسّم له الدهر، وسقطت عن عاتقه هموم العمر، عاد من حيث أتى، هزيل الفكر وقاتم الجبهة، يطوي من دفتر مذكراته أياماً وسنين. وقف هناك عند الباب يحاول أن يسكت أصواتاً مخيفة في داخله، تنادي بالاستسلام لتلك الرسالة البريدية الكئيبة، ذات الرائحة الكريهة، فهي تحمل عنوان مكان إقامته الجديدة (مخيم اللاجئين)، كانت الحرب تدفعه للهروب، للتخلي عن موطنه الحنون، عن منزله المزخرف وعن أحلامه المنحوتة على جدران الطريق. كان قلبه ينتفض رعباً وعقله يسأل مراراً وتكراراً: إلى أين؟
لا إجابة! ومن أين يأتي ذلك (اللاجئ) بإجابة؟! لطالما كان يكره كلمة (لاجئ)، فكان دوماً يبحث عن تعريف آخر له، قد يكون إسماً ما، قد تكون صفةً ما، لا يهم... فقد كان يشق الارض ويصعد على أدراج السماء كل ليلة، يريد التمرد على الواقع الأليم، فهو لا يريد التأقلم هنا أبداً. وبقي هكذا حتى اصطدم به أحدهم صدفة في ممر ضيق ينتهي عند بئر الماء، فدارت الأحاديث بينهما لكي يتوصل ذلك الغريب إلى بوصلة بطلنا (اللاجئ)، وبعدها مضى بعيداً يرتب أفكاره وخططه في كيفية استثمار هذا العقل النير والشاب الطموح خارج (مخيم اللاجئين)، وكيف ستكون انطلاقته إلى عالم الفضاء الخارجي. لم يطل التحليل كثيراً حتى نادى عليه باسمه الحقيقي دون استخدام صفة (لاجئ) فما كان منه سوى علامات دهشة تخطت محياه ونبضات قلبه، فها هو نصف الحلم قد تحقق، وبات اسمه خالياً من شوائب الحرب والعراك العقيم، وبقي نصف الحلم الآخر قيد التحقيق ألا وهو الصعود بعيداً خارج ذلك السجن المظلم أو ما كانوا يسمونه (مخيم اللاجئين)!

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم