الموسوي يزف "البشرى"... ووزير الداخلية يستدرك ويتراجع تحت الضغط تصاريح بناء بمساحة 150 م2: خطر على السلامة العامة وضرر للبيئة

لكل قاعدة استثناء، إلا في لبنان، يتحول الاستثناء قاعدة، وما صحَّ مرة وإن على خطأ، يصح مرات أخرى ولو آل خطيئة. أسهل الأفعال مخالفة القانون، والقفز فوقه، واستسهال الاحتيال عليه، تارة باسم الضرورة الوطنية والاجتماعية، وطورا بحجة المنفعة العامة، وكلاهما عناوين كانت ولا تزال جسر عبور من دولة القانون الى دولة المحسوبيات والزبائنية، وتعزيز ثقافة الفوضى والتهرب من تسديد موجبات الضرائب والرسوم.في التسعينات من القرن الماضي، وتسهيلا لعودة المهجرين الى قراهم في الجبل، تقرر السماح لمن يرغب ببناء منزل لا يزيد عن مئة متر مربع فقط، معفى من إجراء أي من المعاملات القانونية والهندسية، أو تسديد الرسوم، باستثناء الحصول على موافقة بمثابة "رخصة" من البلدية المعنية، لكن كما كل قرار في هذا الوطن المريض بالأنا الطائفية، تعمم السماح بالبناء بـ"رخصة بلدية" في كافة الأراضي اللبنانية، على قاعدة 6 و6 مكرر "وما حدا أحسن من حدا". بدأت يومها البشاعة العمرانية دورة القضاء على الحيز الطبيعي والبيئي، وانتشرت غابات الباطون في القرى والبلدات، مشوهة المشهد الجمالي، الهندسي، التراثي والتاريخي، الذي ميز البناء في لبنان وحافظ على خصوصيته وتكامله مع الأفق الأخضر الذي يزين جبال لبنان.تتكرر الخطوة الخطيئة اليوم، بإعادة تفعيل العمل بهذا "الترخيص" وكأن لا الدولة تعلمت من خطئها، ولا المواطن المسرور اليوم، اكتشف خطورته على صحة وأمان عائلته، في تواطئ مصلحي لا يغني مواطن، ولا يبني دولة، وقطعا، يغرق لبنان بالمزيد من الفوضى والعشوائية، والتفلت والفساد الذي يعشعش في مفاصله كافة. مناسبة هذا الكلام هو الكتاب الذي أصدره وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي أجاز فيه رئيس البلدية منح تصاريح بناء لا تتجاوز مساحتها الاجمالية 150 م2، والذي كاد أن يمر من دون ضجة لو أن عضو تكتل نواب بعلبك الهرمل النائب إبرهيم الموسوي لم يزف "البشرى" عبر حسابه على "تويتر"، بما استنفر النشطاء البيئيين ونقابة المهندسين التي كانت ستعقد مؤتمرا صحافيا اليوم (عادت وألغته) اعتراضا على القرار لما يشكله من مخالفة للانظمة والقوانين، وما يسببه من خطر على...