الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ترميم الثّقة الخليجيّة بلبنان... بين امتحان الدّولة وارتهان الدّويلة

المصدر: "النهار"
من زيارات وزير الخارجية الكويتي. (نبيل اسماعيل).
من زيارات وزير الخارجية الكويتي. (نبيل اسماعيل).
A+ A-
هادي جان بوشعيا
 
اسئلة كثيرة تُطرح بشأن زيارة وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح لبنان، خصوصاً أنها الأولى من نوعها لمسؤول خليجي بهذا المستوى منذ اندلاع الأزمة اللبنانية - الخليجية نهاية شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
 
ولعلّ أبرز ما يحيط بالزيارة من أسئلة يتعلق بما إذا كان وزير الخارجية الكويتي يحمل معه "رسالة سعودية معيّنة" إلى المسؤولين اللبنانيين بعد جمود على خط الأزمة، تحديداً منذ الاتصال الهاتفي الثلاثي الذي جمع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي مطلع شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، غداة استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي.
 
وزير الخارجية الكويتي وصل الى بيروت في زيارة تستمر يومين، تشمل لقاءات مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي. وتأتي الزيارة إثر اتصال هاتفي أجراه وزير الداخلية الكويتي أحمد منصور الأحمد الصباح بنظيره اللبناني بسام مولوي، شكر فيه الحكومة اللبنانية على نجاح أجهزتها الأمنية والجمركية في الكشف عن شحنة برتقال كانت تحوي كميات كبيرة من حبوب الكبتاغون المخدّرة في طريقها إلى دولة الكويت عبر مرفأ بيروت، بعد تنسيق أمني بين الجانبين.
 
وبناءً على ما تقدّم، يمكن طرح السؤال الآتي: ما الذي يمكن أن تحمله هذه الزيارة في هذا الظرف للبنان؟
 
مما لا شك فيه أنها تنطوي على رسالة من مجلس التعاون الخليجي، وتحديداً أن هناك تنسيقاً وثيقاً مع السعودية وقطر، خصوصاً أن الكويت لا تُقدِم على خطوات كهذه منفردة أو تحمل طابعاً أحادياً. ذلك أن هناك مخاوف تسود المزاج الخليجي العام، لا سيّما أن هناك دولاً كثيرة تحاول وتعمل على التدخل في الملف اللبناني على غرار تركيا وسواها من الدول.
 
كما تتضمن الرسالة لفتة حسن نيات من دول الخليج بغية التعاون مع لبنان، إذا توقفت الحملات اللفظية والفعلية التي ينتهجها "حزب الله"، والتي تسيء الى دول الخليج، في ظل حديث وزير الخارجية الكويتي عن إجراءات لإعادة بناء الثقة من خلال:
 
- تعبيد الطريق بهدف إجراء تغيير في نمط العداء الحاصل بين لبنان من جهة، ودول الخليج من جهة أخرى.
 
- محاولة إحداث كوة في جدار الممارسة السياسية وشكلها في الداخل اللبناني وفق تفسير البعض.
 
- السعي الى إنشاء أقطاب سياسية تتبنى نهجاً سياسياً متناغماً وتصالحياً إزاء دول مجلس التعاون الخليجي، خصوصاً بُعيد إعلان الرئيس سعد الحريري اعتزاله الحياة السياسية.
 
بيد أنه لا يمكن ربط الزيارة هذه بالكامل بقرار الحريري عزوفه عن خوض الانتخابات البرلمانية، إلا أن هناك قلقاً ينتاب دول الخليج من خروج الطائفة السنية، التي تشكل نوعاً من التوازن مع الطوائف الأخرى في النظام اللبناني، من دون أي وزن سياسي أو حتى تكتل كبير، الأمر الذي سيعيد خلط الأوراق، ليس فقط على المستوى السني فحسب بل أيضاً على مستوى النظام والميثاقية التي كرّسها كبير المفكرين السياسيين ميشال شيحا الذي لا تزال أفكاره السياسية والفلسفية تؤثر في مسيرة لبنان الاقتصادية والسياسية.
 
في المحصلة، لا بد من طرح السؤال الأوسع هنا: هل تمتلك الأطراف السياسية اللبنانية المرونة الكافية لتفهم متطلبات دول الخليج، وتقديم ضمانات تحول دون تكرار سيناريو التوتر والتصعيد؟!
 
لا شك في أن هذا السؤال لا يحمل جواباً واحداً موحّداً، ذلك أن هناك ما يسمى بدولة لبنان الممثلة بالحكومة ورئيس الجمهورية ميشال عون حليف "حزب الله" من جهة، ودويلة "حزب الله" القائمة بحد ذاتها والتي تسير وفق الأجندة الإيرانية التي تمضي قدماً في غطرستها على صعيد سياسة توسيع النفوذ العسكري في الإقليم وزعزعة استقرار الدول العربية عموماً والخليجية خصوصاً، عبر ساحاتها التي تنطلق من سوريا ولبنان لتمرّ بالعراق، وصولاً إلى اليمن.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم