الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

قراءة أوليّة في الترشيحات النيابيّة... "مبروك حزب الله؟"

المصدر: "النهار"
اسكندر خشاشو
اسكندر خشاشو AlexKhachachou
جمهور "حزب الله" في يوم الجريح (حسام شبارو).
جمهور "حزب الله" في يوم الجريح (حسام شبارو).
A+ A-
 أُقفل باب الترشيحات، وانطلق الجميع إلى ترتيب تحالفاتهم وتأليف لوائح تُعطي عمراً أطول للقب مرشّح للطامحين، قبل أن يكتسب لقب صاحب السّعادة 128 فقط من أصل 1043 طامحاً.

بدا واضحاً من خلال الرقم التاريخيّ، الذي لم يُسجِّل لبنان مثيلاً له في تاريخه المعاصر، أن المناصب ما زالت تسهتوي جزءاً كبيراً من الشعب اللبناني، مهما بلغت الهوّة التي وقع فيها بلده، بالإضافة – طبعاً - إلى التمسّك بالحكم والسّلطة وعدم التنازل عنها مهما تغيّرت الظروف والأوضاع.

وفي قراءة أوليّة ومبسّطة للأسماء، وعدد الترشيحات، والمناطق، يظهر بشكل جلّي حالة "التفلّت" التي أصابت الطائفة السنيّة، ومدى الفراغ الذي خلّفه انسحاب الرئيس سعد الحريري من هذه السّاحة، فشهدت هجمة عنيفة لمحاولة اكتساب واقتسام ما تركه الحريري، إذ بلغ عدد مرشّحي الشمال الثانية 143 مرشّحاً لـ11 مقعداً، 8 منها مخصّصة للسنة، وفي بيروت الثانية 118 مرشحاً يتنافسون على 11 مقعداً، 6 للسنّة، فيما سجّل البقاع الغربي والأوسط أرقاماً تاريخيّة بالنسبة للمرشّحين السنّة.

وفي دائرة الجنوب الثالثة، سُجّل تقدّم 38 مرشّحاً ومرشّحة (بينهم 11 على لائحة الثنائي الشيعيّ) للتنافس على 11 مقعداً، وهو ما يُعتبر رقماً منخفضاً جداً بالنسبة إلى عدد المقاعد، فيما احتلّت الصدارة بقلّة المرشّحين دائرة صور- الزهراني في كلّ دوائر لبنان، ممّا يُظهر بشكل واضح وجليّ ضبط الثنائي الشيعي الهائل لمناطقه، حيث لم تجرؤ إلّا قلّة على الاحتفال بترف الترشّح.

أما الاستنتاج الثاني الذي يُمكن ملاحظته فهو هجمة المرشّحين "التغييريين". وبحسب كثرة الأسماء، بدا أنّ كلّ من شارك في تحرّك اعتراضيّ، أو تظاهرة، أو أعلن موقفاً، أو تمرّد على حزبه، يُريد أن يكون مرشّحاً أو نائباً، ومزايداً في الوقت نفسه على غيره، بل يجب أن يقبض ثمن ثورته مقعداً برلمانياً؛ فحتى السّاعة لا تفسير واضحاً لإقدام مجموعة مدنيّة-تغييرية على ترشيح أكثر من 65 شخصاً، كما لا يُمكن تفسير إصرار جميع الناشطين في التحرّكات على الترشّح وتمسّكهم بهذا الترشّح، ولو أدّى إلى التشرذم وعدم القبول بالتّضحية، ولو لمصلحة رفاقه من التوجّه نفسه، ممّا يجعل إمكانية الفوز صعبة جداً، خصوصاً أن المواجهة تتمّ مع أحزاب منظّمة، وتملك مقدّرات كبيرة وماكينات انتخابية ضخمة وتُجيد العمل الانتخابي.

فمن ينظر إلى ترشيحات بيروت بدائرتَيها، والجبل بدوائره، وطرابلس وعكار، يعلم مدى المأزق الذي تقبع فيه المجموعات المدنيّة، التي انتقل جزءٌ منها من تكتيك الترشيحات المنفردة إلى تكتيكات اللوائح، فكلّ مجموعة تُرشّح جميع ناشطيها ومَن تعرفهم فقط للضغط على غيرها، ولفرض شروطها؛ ومن المرجّح أن ينتهي بها الأمر بلوائح كثيرة من دون نتائج.

أما الاستنتاج الثالث فهو التعاطي مع الاستحقاق بهزليّة وعدم جديّة، وكأنّ الترشّح أضحى مادّة إضافية لدعاية وسائل التواصل الاجتماعي وزيادة عدد المتابعين، أو للظهور عبر وسائل الإعلام، مثل ما بدا واضحاً من خلال هجمة "الإنفلونسرز" على الترشّح من دون أدنى خلفيّة سياسية أو إدراك لدور النائب وعمله وتأثيره في وطنه؛ وهذا الأمر، وإن تعاطى معه البعض بخفّة، إلّا أنّ له جانباً شديد الخطورة، خصوصاً أنّ الاستحقاق المقبل يرسم مستقبل اللبنانيين على مدى سنوات طويلة، وفي أخطر ظرف يمرّ فيه الوطن.

ووفق الملاحظات الثلاثيّة السريعة، يظهر بشكل واضح أن أيار سيأتي ليتوّج "حزب الله" وفريقه، الذي نجح في إعادة لملمته، بالرّغم من اختلافاته وخلافاته العميقة، فوحّده في جبهة واحدة صلبة على رأس أكثريّة مُريحة، أُهديت إليه من عدّة أطراف، أوّلها الأطراف المقاطعة قولاً، والتي لم تترك عملها الانتخابيّ، بل حوّلته إلى ملاحقة جمهورها، وتتبع قيادييها، وتخوين من يخرج على طاعتها. وهنا أضحت متابعة السنيورة، والضغط على عاصم عراجي، ومحمد القرعاوي، وتخوين مصطفى علوش، وأبلسة بعض القوى الحليفة سابقاً، أهمّ من محاولة ضبط نفوذ "حزب الله" و"التيار الوطني الحرّ" اللذين يستعدان للسيطرة على مجلس النواب بأكثريّة مريحة. فمع تقدم المفاوضات، وبحسب أكثر من خبير انتخابي، يستعدّ "حزب الله" لإهداء "التيار الوطني" 4 مقاعد انتخابية في بعلبك الهرمل وزحلة والبقاع الغربي وبيروت الثانية، والمعروف أنّه في هذه المناطق لا يملك "التيّار" قوة شعبية، وبهذا الرقم يرفع جبران باسيل كتلته إلى أكثر من 15 نائباً مع شبه تأكيد حصوله على مقعد على الأقل في عكار، ومقعد في البترون ومقعدين في كسروان-جبيل ومقعدين في المتن ومقعد في بيروت الأولى ومقعدين إلى ثلاثة في الشوف وعاليه ومقعد على الأقل في جزين.

هذا بالإضافة إلى التشرذم الهائل الذي حلّ بالمجموعات المدنيّة، التي لم تعرف استغلال غياب طرف أساسيّ، شكّل ركيزة من ركائز المنظومة، فأضاعت فرصة قد لن تتكرّر في المستقبل القريب
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم